استجاب الله دعوة إبراهيم الخليل عندما دعا مشفقاً ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) !! فهاهي القلوب تهفو إلى بيت الله الحرام .. وهاهي العيون تذرف دموعاً عند تكحلها برؤية البقاع الطاهرة .. هي قصة العشق المستمرة لدى المسلمين .. فمهما تكررت الزيارات .. تبقى القلوب معلقة بتلك الأراضي والشعائر .. عرفت شيخاً كبيراً في السن .. فقيراً لايجد كفايته .. يبكي بكاء مراً إن لمّح له أبناؤه وأحفاده بعدم استطاعته الحج .. يظل يبكي ويتوسل .. حتى يتم له ما أراد .. فيسبقه قلبه قبل جسده للوصول إلى مكة حرسها الله .. هي قصة لاتنتهي .. أو قل .. كنا نظن أنها لاتنتهي !! ولكننا نفاجأ بواقع يفرض علينا أمراً مغايراً .. واقع لو عاش فيه ذاك الشيخ الفقير رحمه الله لظل يبكي ويبكي ولامجيب ولا مشفق .. هو واقع المتاجرة بشعيرة الحج !! فحينما ترغب الحج .. وتتفاجأ بوجوب دفع رسوم دخول إلى المشاعر المقدسة لاتقل عن 6000 ريال فإنك قد تغير رأيك كما يحصل للبعض .. في هذا العام .. سجلت وبعض الزملاء في حملات الحج .. وبعد اعتماد الأسعار .. قرر جميع من كنت سأحج معهم إلغاء الحجز هذا العام .. فالاستطاعة لم تعد في توفر المسكن والمركب .. بل في توفير مكسب مادي كبير لتجار جشعين استغلوا هذه الفريضة لأغراض مادية بحتة .. شركات تجارية لاتقوم بأي خدمة للحاج غير التفويج وتوفير متر مربع تنطوي فيه ملاصقاً لشخص آخر تتأذى من النوم بجواره .. إضافة إلى وجبات محدودة لن تكلف الحاج الواحد أكثر من 500 ريال .. تجد تلك الحملات تشترط دفع 8500 ريال للحجز معها !! ما السبب المقنع وراء ارتفاع تلك الأسعار بحد جنوني بهذه الصورة .. وأين دور الرقابة الحكومية في كبح جماح طمع تجار الحج ؟! ترى .. هل يصبح الحج محتكراً على أغنياء المسلمين دون فقرائهم؟. 1