حمداً لمن اصبغ النعماء وألهمنا حمد عليها بإلطاف وتحنانٍ ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد سيد ولد عدنانٍ وبعد أحبتي في الله لقد قال الله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) هكذا أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأخذ الزكاة وتحصيلها، وقد امتثل أمر ربه فكان يرسل عماله لجبابة الزكاة. فقد بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة، وبعث معاذاً واستعمل ابن اللُّتَبيَّة على الصدقات. وقد جاء في إعلان خروج عوامل جباية زكاة بهيمة الأنعام لهذا العام ما نصه: (اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في بعث جباة الزكاة إلى المكلفين في مكان تواجدهم واقتداء بهدي خلفائه الراشدين رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم في جباية زكاة بهيمة الأنعام فقد حرص ولاة الأمر في هذه البلاد وفقهم الله على تطبيق هذه الشعيرة المباركة سنوياً من خلال تجهيز وإخراج عوامل جباية زكاة بهيمة الأنعام التي تجوب مناطق المملكة كافة حيث تقرر خروجهم هذا العام في اول شهر رجب وهناك وقفات حول هذا الموضوع الهام : أولاً: كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يوصي جباة الزكاة بالرفق والاعتدال وعدم الظلم فقد قال لمعاذ رضي الله عنه (فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ)(متفق عليه ثانياً: لا يحل للعامل على الزكاة أن يكتم منها شيئاً أو أن يقبل هدية لأن هذا رشوة محرمة، كما لا يحل له أن يتهاون في أخذ الواجب، ولا أن يأخذ أكثر من الواجب، بل عليه أن يعدل فولي الأمر فوض له هذا العمل وسيحاسب عليه يوم العرض على الله. ثالثاً: على صاحب المال الصدق والوضوح في بيان ما عنده من الأموال ويحرم عليه الكذب والتحايل لإسقاط الواجب عليه وإذا ظلم في الدنيا فالجزاء عند الله في الآخرة. رابعاً: بعض الناس يريد أخذ فيزة لإحضار عمال ويدفعه ذلك للكذب حيث يدعي أن عنده ماشية عددها كذا وهو غير صادق في ذلك وهذا كذب محرم، وقد قال صلى الله عليه وسلم (.. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)(متفق عليه). خامساً: أنواع بهيمة الأنعام التي تجب فيها الزكاة هي (الإبل والبقر والغنم) إذا حال عليها الحول، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ)(رواه ابن ماجة وصححه الألباني. فإذا زال الملك قبل تمام الحول ، إما بتلف المال ، أو بيعه ، أو هبته ، ونحو ذلك ، فإن الزكاة لا تجب فيه. وبهيمة الأنعام لا تجب الزكاة فيها حتى تبلغ النصاب المعلوم لها، مع توفر الشروط التي تجب فيها وهي أن تكون سائمة وهي التي ترعى وتأكل مما في الأرض من نباتات جميع الحول أو أكثره، ولا يتكلف صاحبها شراء علف لها فإذا كانت لم تبلغ النصاب أو لم تكن سائمة فلا زكاة فيها. سادساً: شرط النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب زكاة بهيمة الأنعام أن تكون سائمة، فإذا أعلفها صاحبها غالب الحول أو نصف الحول فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة فإنها تجب فيها زكاة عروض التجارة. فيقوّمها في نهاية الحول ويخرج من قيمتها ربع العشر . سابعاً: إذا كانت الأغنام سائمة أي راعية للمباح جميع السنة أو أكثرها فالواجب زكاتها منها إذا كانت تبلغ أربعين رأساً ففيها رأس واحد، جذع ضأن أو ثني معز إلى مائة وعشرين، فإذا زادت واحدة وجب فيها رأسان إلى مائتين، فإذا زادت عن مائتين واحدة ففيها ثلاثة رؤوس، وبعد ذلك ففي كل مائة شاة. أما إن كانت تعلف وليست سائمة فإن الواجب زكاة قيمتها إذا اتخذها صاحبها للبيع والشراء لأنها أصبحت من عروض التجارة، وهي ربع العشر، أما إذا كان مالكها اتخذها لحاجته وليس للبيع والشراء فهنا لا زكاة فيها. ثامناً: صاحب الإبل إذا كان يقتنيها للنسل والدر، فهذه ليس فيها زكاة، أما إذا كانت سائمة وهي التي ترعى المباح ، أي ترعى ما أنبته الله عز وجل من النبات السنة كاملة أو أكثرها فإنها تزكى زكاة الإبل بخلاف ما إذا كان صاحبها يصرف عليها فلا زكاة فيها، ولو كانت تبلغ نصاب الإبل، وأما إذا اتخذها عروض تجارة فإنها تزكى زكاة عروض التجارة ربع العشر، 5و2%. تاسعاً: أقل نصاب الإبل خمس، وفيها شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض وهي بكرة صغيرة ما تم لها سنة، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وهي ما تم لها سنتان، وفي ست وأربعين حقة، وهي ما تم لها ثلاث سنوات، وفي إحدى وستين جذعة، وهي ما تم لها أربع سنوات، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان، وفي مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، ثم تستقر الفريضة في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ففي مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون، وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق، وفي مائة وستين أربع بنات لبون، وفي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون، وفي مائة وثمانين حقتان وبنتا لبون، وفي مائة وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون، وفي مائتين خمس بنات لبون، أو أربع حقاق. عاشراً: حكم إخراج بعير بدلاً من الشاة في زكاة الإبل قال بعض أهل العلم: لا يجزئ فيما دون خمس وعشرين بعير ، ولو كبيراً؛ لحديث أبي بكر رضي الله عنه الذي كتبه قال:وفيما دونها الغنم في كل خمس شاة) أي: فيما دون خمس وعشرين، في كل خمس شاة. وقال آخرون: إذا كانت تجزئ بنت المخاض في خمس وعشرين ، فإجزاؤها فيما دون ذلك من باب أولى، والشريعة لا تفرق بين متماثلين والشارع أسقط الإبل فيما دون خمس وعشرين رفقاً بالمالك، وهذا هو الصحيح والله أعلم. الحادي عشر: لا تجب الزكاة في البقر إلا إذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة وهو ما تم له سنة ودخل في الثانية، ثم في أربعين مسنة وهي ما تم له سنتان ودخل في الثالثة، وفي ستين تبيعان، وفي سبعين تبيع ومسنة، وفي ثمانين مسنتان، وفي تسعين ثلاثة أتبعة، وفي المائة مسنة وتبيعان، وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع، وفي مائة وعشرين ثلاث مسنات، أو أربعة أتبعة، وهكذا في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ومن المسائل الهامة أيضاً في زكاة بهمية الأنعام ما يلي: الثاني عشر: لا يجوز جمع الأموال الزكوية أو تفريقها من أجل الفرار من الزكاة، أو من أجل نقص الواجب فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)(رواه البخاري).فلو كان عند رجل أربعون من الغنم ففرقها حتى لا تجب فيها الزكاة لم تسقط عنه الزكاة، ويكون بذلك آثماً، لأنه تحايل على إسقاط ما أوجبه الله عليه. وأيضاً جمع المتفرق خشية الصدقة لا يجوز؛ كمن كان له غنم أو إبل أو بقر تبلغ النصاب فضمها إلى غنم أو إبل أو بقر رجل آخر حتى ينقص الواجب عنهما بسبب الخلطة التي لا أساس لها وإنما اختلطا لقصد نقص الواجب عند مجيء عامل الزكاة فلا يسقط عنهما الواجب، وكانا بذلك آثمين وعليهما بقية الواجب. الثالث عشر: لا تجب الزكاة في الطيور كالحمام والدجاج والبط والأوز وغيرها من أنواع الطيور الأخرى إذا كانت تربى لغرض أخر غير التجارة. فإذا كانت هذه الطيور تربى للتجارة والتكسب فتجب الزكاة في قيمتها في نهاية الحول، وهو ربع العشر . الرابع عشر: لا تجب الزكاة في الخيل والحمير إلا إذا كانت معدة للتجارة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة )(متفق عليه). الخامس عشر: إذا ضرب الوالي قيمة محددة للعين التي يجب إخراجها من بهيمة الأنعام، فلا بأس أن يأخذ العامل على زكاة بهيمة الأنعام ما ضربه الوالي من القيمة للشاة والبقرة وبنت المخاض وبنت اللبون وغيرهما؛ لأن الواجب الوسط، فلا حرج إن اجتهد ولي الأمر وقدّر القيمة كأن يقال للعامل خذ شاة أو خمسمائة ريال وهكذا . السادس عشر: يجوز للعاملين على جمع الزكاة، وهم جباتها الذين يجبونها من أهلها، وقسّامها الذين يقسمونها في أهلها، وكتّابها ونحوهم، أن يعطوا من الزكاة بقدر عمالتهم فيها إذا كانوا لا يأخذون مرتبات، سواء كانوا أغنياء أم فقراء، لأنهم يأخذون الزكاة لعملهم لا لحاجتهم، وإن كانوا فقراء، فإنهم يعطون بالعمالة ويعطون بالفقر كذلك ، فيعطون ما يكفيهم لمدة سنة لفقرهم، فإذا أعطيناهم للعمالة فيبقون أغنياء بقدر ما أخذوا من العمالة، فنكمل لهم المئونة لمدة سنة. السابع عشر: يجوز لجابي الزكاة المكلف من قبل ولي الأمر أو نائبه أو الذي يقوم بتوزيعها على مستحقيها أن يأخذ منها ولو كان غنياً قدر ما يعطيه ولي الأمر أو نائبه. أسأل الله جل وعلا أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال. 1