تسحرنا جازان الضاربة في جذور التاريخ دائماً، بشاعرية نسمات بحرها وطيبة سهولها وشموخ جبالها وحنان مساءاتها الحالمة، وبراعة إنسانها المترع بالحب والمتوثب للنجاحات والتميز. وتدهشك عظمة روح جازان المشتعلة بالإنسانية العظيمة. فكيف حين تجتمع مناقب الحسن في حضرتها لتزيد إشراقاتها حسناً، وتعطر المساءات بالفل والكادي والغزل المباح. تعيش جازان في هذه الأيام برعاية أميرها المحبوب وقائد نهضتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز (حفظه الله)، فعاليات تشبه الأحلام في ترانيمها. فضمن مهرجانها الشتوي (جازان الفل.. مشتى الكل). دشن سموه الملتقى الأول للإعلاميين والذي وجه من خلاله باعتماد إقامته كل عام كملتقى مفتوح يضم كل إعلاميي المنطقة مُبتدئين ومخضرمين في خطوة مهمةٍ على طريق البناء المدروس. وفي ذلك دلالة كبيرة على عظمة الحس القيادي الذي يتمتع به وتأكيد على قوة عزمه على استمرار ودعم خطة التنمية والتغيير الشامل لوجه المنطقة بأسرها. ومنح المشروع التنموي بعداً إنسانياً عبقرياً، لتكون جازان لؤلؤة الجنوب السعودي باقتدار. ويُعتبر الإعلان عن ملتقى الإعلاميين الأول بحق ذروة التوجه الصائب نحو بناء العقلية الإعلامية المحترفة والتي ستكون الصوت والصورة والنافذة معاً لجازان الجسد، وجازان الأرض والإنسان. لقد أثر الإعلام في كل صغيرة وكبيرة في العالم. وصنع المعجزة تلو الأخرى في تحدٍ ملهم لعصيان جدار التأخر الحضاري الأممي، وترافق الإعلام دائماً مع عنصرين مهمين هما (المصداقية ونوع الوسيلة): فالعنصر الأول (المصداقية) يُعتبر أحد المحاور والفروع الفلسفية المهمة. والمرتبط جوهرياً بمضمون الرسالة الإعلامية ارتباطاً توأمياً وثيقاً، إذ إن نجاح أي وسيلة إعلامية لن يتحقق مطلقاً لو فقد عنصر المصداقية. وهو ما سيعجل بنهايتها وبشكل مأساوي أيضاً. والعنصر الثاني (نوع الوسيلة) وهو مرتبط بالأسلوب الإعلامي الزمني والكمي أكثر، ويتعلق على سبيل المثال بكمية المعلومات، ونوعيتها، وسرعة وصولها، ومساحة الحرية المتاحة، وطريقة نقلها. لذلك ينبغي التأكيد على المضامين الفكرية والروحية للهم الإعلامي كوحدة متكاملة، ليأخذ على عاتقه هاجس النهوض بمستوى الإبداع الإنساني. فالإعلام إذن ودون شك هو إحدى أهم الركائز الأساسية المؤثرة في ملامح المجتمعات المختلفة. ويصنف كأبرز الصناع الرئيسين للوعي الإنساني الخلاق، ويُعد الإعلام المرآة الصريحة التي تعكس صورة تقدم الإنسان والمكان وعلى صفحة الزمن. والتأكيد على دوره في الواقع هو انتصارٌ لضمير لغة العمل المنظم الساعي حثيثاً لتحقيق وترجمة التطلعات والآمال على أرض الواقع. والإعلام الذي ينطلق من وحي الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع والوطن يكون فاعلاً في إيصال رسالته متى ما أدركنا روحه وفكره بوعي حقيقي. فالآلة الإعلامية القوية التي تمتلك أدوات النجاح تمتلك مقومات الاستمرار. ويلزمها فقط التوجيه السليم، والإدارة المحترفة. ليصبح هدفها تنويرياً خلاقاً يضع بصمته الإيجابية بين أسطر كتاب مسيرة التاريخ الإنساني بعمق ووضوح. وبتعدد وتنوع الوسيلة الإعلامية وسرعة وسهولة الحصول على المعلومة، واكتساح ما يُعرف بالإعلام الجديد (Electronic media) لكل تفاصيل اللحظات في حياتنا ويومياتنا. أصبح من المعقول جداً أن تكثر اللقاءات الجانبية، وتُكثف الملتقيات الدورية، وتنعقد المؤتمرات المنظمة الهادفة لتحقيق أعلى قدر من العائدات المفيدة، في محاولة حثيثة لفهم رموز اللغة الجديدة التي ينطق بها هذا القادم بقوة إلى العالم، والسعي لاستيعاب ما يمكن استيعابه من قدراته الهائلة قدر الإمكان. والبحث عن سُبلٍ لتنظيمه في أضعف الأحوال على الأقل، لأن مجرد التفكير في السيطرة عليه سيكون نهاية مشروع التماهي معه، أو التواصل مع أفكاره ونهجه. وحين يدرك القائد أهمية وضخامة وقوة الدور الإعلامي، ويؤكد على ضرورة الارتقاء بمستوى سقفه الفكري والعملي، وضرورة مشاركته بطريقة معبرة في خطوات البناء والتنمية، فإنما يؤكد على سلامة العقلية القائدة ومصداقية المضي قُدماً إلى الأمام لصناعة أمةٍ تتحدث لغة المنجزات بوعي وأكثر. إن ما يحدث حالياً في جازان من حراك إعلامي ثقافي وسياحي، هو أنموذج باذخ لطريقة العمل الخلاق، الذي يؤسس لثقافة تواكب أقصوصة الإعلام الحديث بكافة أشكاله وفق آلية تتقن فن التناغم مع المتغير والطارئ على الواقع. وتكرس لثقافة وروح إعلامية تحاول بإصرار استشراف المستقبل. 1