منذ تولي الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن رئاسة منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية ، وهو يعمل بجد وثبات لنقل النضال الفلسطيني من مرحلة الثورة الجماهيرية كمقاتلين من أجل الحرية انطلقت بمشاركة وقيادة نخب مقاتلة منها الكثير المؤدلج أو المأطر ، إلى مرحلة المزج بينها وبين الثورة الشعبية السلمية العارمة التي طالما طالب شعبه القيام بها من أجل الحرية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية ، ومن مرحلة المطالبة المجردة بالدولة إلى مرحلة واقع تأسيس أركانها وتثبيت مقوماتها ونقلها من خيال الورق والخطاب إلى حقيقة إقناع العالم بجاهزية شعب فلسطين لإقامتها وإشغال مقعدها الشاغر بالأممالمتحدة منذ 1948م ، ونقل العمل والإدارة الفلسطينية من حقيقة بعض الفساد الذي كان مستشر عند بعض المؤسسات والمستويات ، إلى الشفافية بمحاربة الفساد والمفسدين وضبط الأموال والمصاريف ، وواقع نقل الموظف والمناضل الفلسطيني من خانة العوز وطلب المعونات ، إلى خانة الاكتفاء والعزة والكرامة . عبقرية قائد ، عرفت إسرائيل عِلمها وخباياها وإمكاناتها وجديتها فأخافتها وأخافت وأزعجت من يدعمها ، وأخافت وأزعجت ألد أعدائه حتى من بين بعض أبناء الشعب الفلسطيني المؤدلجين دينيا والتابعين لطرف كان يرى به وببرنامجه التحرري والبنائي العملي خطرا على برامجهم لقيادة شعب فلسطين لمرحلة ما بعد الشهيد أبو عمار ، المرتبطة ببرامج غيرهم في الإقليم أو المنطقة وحتى بالقيادة العالمية لجماعتهم الموجودة في بريطانيا والقاهرة . ومن هنا كان الهجوم اللا أخلاقي الكاسح الذي هدف لزعزعة شخصية القائد الفلسطيني الأسطوري أبو مازن ولزعزعة ثقة شعبه ببرنامجه وبأسلوب قيادته والذي بدأ مع توليه قيادة فلسطين ، الهجوم الكبير وعلى أكثر من نسق وجبهة الذي شنه جهازي المخابرات الإسرائيليين الداخلي المعروف بالشين بيت والخارجي المعروف بالموساد ، هجوم شخص الشيخ القرضاوي الذي ركز إفتاءاته وخطبه ضده شخصيا وضد عائلته بهدف إخراجه من صفوف شعبه ، وشيوخ المنابر بجماعة الإخوان المسلمين وفي حركة حماس اللذين مزجوا بين الشخصانية والبرامجية تحت نفس الهدف ، وقناتي العاشرة الإسرائيلية والجزيرة القطرية والحوار اللندنية والعالم الإيرانية والأقصى الحماسية ، وصحيفة ها آرتس الإسرائيلية وموقع فيلكا وغيره من المواقع الشبيهة التابعة للعسكرية والموساد الإسرائيلي أو التابعة لجماعة الإخوان ولحركة حماس بنفس الشدة والتوقيت أو أكثر، وكلها لإفشاله وإفشال برنامجه السياسي الهادف لإيقاف الاستيطان وإنهاء الاحتلال ولبناء وإقامة الدولة الفلسطينية عمليا . عبقرية فلسطينية لشخص قائد فلسطيني مزج بين كونه أحد أبناء الشعب الفلسطيني اللذين شردوا من أراضيهم بعد نكبة عام 48م ما زال وسيبقى يشعر بمرارة النكبة ومن أشد المطالبين بحق العودة ، وبين قيادته لعموم شعب فلسطين داخل وخارج فلسطين ، وبين واقع القضية الفلسطينية التي سارت بمسارات ونزلت بمحطات مختلفة بإرادة أو بلا إرادة الشعب الفلسطيني وقيادته. عبقرية فلسطينية برأس قائد عرف المتغيرات والتأثيرات الدولية ، فعرف كيفية التعامل معها أو التخلص من ضغوطاتها بأفضل النتائج وبأقل الخسائر ، وإمكانية سحب معظمها المتطور والمرتبط بالإعلام أو بقوة الاتصال والشرح والحراك السياسي لصالح القضية الفلسطينية ، وهو ما عرى مواقف إسرائيل وتركها وحيدة إلا من قلة من الناس مجرمة ظالمة ما زالت تدافع عن نارها الهادفة لحرق الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته ، وحشرها وحيدة في زاوية لم يسجل التاريخ مثلها منذ نشأتها بعد قرارين أمميين ظالمين وهما قرار التقسيم 47م وقرار الاعتراف بها في العام 1948 . عبقرية فلسطينية برأس قائد فلسطيني نجح بالنضال عندما كلف بأكثر من منصب في حركة فتح وفي منظمة التحرير الفلسطينية ومن أهمها قيادة ملف الاتصالات وترتيب الأوضاع مع الدول العربية ، وخاصة مع كل تلك التي لها اتصال مباشر مع القضية الفلسطينية ، كما نجح بالنضال السياسي القيادي والتفاوضي عندما كلف بقيادة رئاسة الوزراء بعهد الشهيد أبو عمار ، أو عندما قاد بنفسه المركب والشعب الفلسطيني بعد العام 2004م . عبقرية فلسطينية بشخصية قائد فلسطيني عرف كيف يتعامل مع مؤيديه وخصومه السياسيين ، ومن أهمها الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في غزة ، حيث بقي مصرا على نبذ لغة البندقية والسلاح لرسم العلاقة مع حماس ، وضرورة أن تكون الكلمة والمفاوضات والاتصالات بين الطرفين طريقا لوضع حد لخروج حماس عن الإجماع الفلسطيني ، وهو ما أكسبه التأييد الجماهيري الفلسطيني والعربي الكامل رغم الخطة الإسرائيلية والحماسية التي قضت بإخراجه من الحياة السياسية الفلسطينية مهزوما مأزوما كما أملوا ، وهو ما حاولت إسرائيل تنفيذه كآخر هجوم لها بالتعاون مع قناة الجزيرة الإخونجية ، من خلال البرنامج المفبرك الذي بثته الجزيرة تحت عنوان ( كشف المستور ) . عبقرية فلسطينية برأس وببصير وبصر قائد فلسطيني خاض طريق المفاوضات وسلك دروبها الوعرة دون أن تلوثه حقارة المفاوض الإسرائيلي ، بل تمكن بفضلها من إرباكه وتحجيمه وتقزيمه ، والإظهار للعالم قرب الفلسطيني لهمه ولقضاياه ولأمنه وسلامته ، وخطر إسرائيل المباشر عليه وعلى أمنه وعلى أمن كل أطفال وشعوب العالم . عبقرية فلسطينية سلكت طريق نضال المفاوضات خيارا بعد تخلي الجميع الآخر عن خيار المقاومة والجهاد والنضال ، فكانت مواقفه النضالية السياسية والتفاوضية أقوى وأعظم أثرا من رصاص أو صواريخ المصلحة والأهداف المحددة التي خدمت إسرائيل التي تحب دائما أن تظهر بمظهر ومنظر الضحية ، مواقف أربكت إسرائيل وأظهرتها بمنظرها الحقيقي الإرهابي ، وهو ما ابعد حبل الناس عنها ، منظر حقيقي ترجم بعد خطاب الرئيس الفلسطيني العبقري في الأممالمتحدة حيث وجد التحية والتصفيق من كل الحاضرين عدا إسرائيل ووفد أمريكا ووفد إيران وقلة من وفود الدول الصغيرة التي تتحكم بسياستها الصهيونية . عبقرية فلسطينية عرفت كيف تبدأ المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي المخادع ومتى تنهيها معه لتسويفه ومكره وركونه لخيار الاستيطان ، وتعرف كيف ومتى تقبل بالعودة إليها ثانية ، ومتى تتوجه للأمم المتحدة التي يجب أن تقوم بدورها المنوط بها ، وكيف تطرح على العالم الحر وعليها الطلب الفلسطيني الحق تحت مبدأ ( المشاركة من أجل السلام ) والقرارات الأممية ذات الصلة للاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية بمؤسساتها وأجهزتها المختلفة تحت الرقم 194، عبقرية أثبتت جدية القائد الفلسطيني وثباته على مواقفه ، وصدقه ومصداقيته ومدى عزمه وإصراره على حقوق شعبه ، جعلته محط أنظار العالم الحر وبقلب شعبه الأبي ، صفق له العالم وأحترمه قادته فوقفوا جميعا حبا وتقديرا له بعد خطابه الشهير يوم الجمعة الذي ذكّر بلا الفلسطينية التي تقول ( لا تسقطوا غصن الزيتون من بيدي ، وكفى للآلام ، كفى للأحزان ، كفى للاحتلال والاستيطان ) ، كما وأحبه شعبه الذواق للوطنية الحقيقية ، والتواق للحرية والدولة وتقرير المصير ، فاستقبله استقبال عباقرة القرن وفلسطين العظماء الخالدين . [email protected] 1