في فترة الحب وأسابيع الزواج الأولى لا يمكننا اكتشاف عالم المتاريس ولا تقلبات المزاج ولا سلوكيات زمن اللحظات الوردية، فالوقت دائماً كفيل بإظهار داخلنا الإنساني، نلامس جراحنا الصغيرة والكبيرة، فالزواج لا يعني انتشالك من عالمك وخصوصيتك ومزاجك ووحدتك وكينونتك. إنه نقلك من عالم اعتدته إلى زمن طويل تأقلمت معه وتكيفت على مخاطبته، قرينك الداخلي تحاوره، تغضب منه، تمازحه، تستأذنه، تنساه وتهمله، ومع ذلك لا يغضب منك إطلاقاً فهو جزء حقيقي منك ولم يرتد يوما قناعاً كاذباً، قرينك متسامح معك في كل خطوة تعيشها، يود لك النجاح والسعادة وأن تبقى معه في دائرة الانطلاق والحرية. ولكن الزوجة الجديدة، تبدو غاضبة من صمتك، منزعجة من خروجك، تنهشها الأنانية والغيرة والحسد، واذ اما فشلت في انتزاع نفسها من تلك الدائرة المنحوسة، حاولت ان تجذبك الى المنطقة النفسية المغلقة بالعتمة والأنانية، دون أن تفهم أن الحياة الزوجية لا تعني السيطرة المطلقة على الزوج، ولا تملكه كسلعة منزلية، وعزله عن طبيعته الداخلية والاجتماعية، لهذا لن تفهم الزوجة البليدة ماذا تعني لك الوحدة، (الانزواء)او الإنطواء مع النفس والتأمل. لن تفهم لماذا أنت تطارد العصافير في أحلامك ويقظتك، تكتب في الذاكرة مفردات هاربة، وسوف تحاول تعكير وحدتك عمداً وتسحبك من داخلك الجميل إلى عالمها الخارجي البارد، فتتخيل أن عزلة الملكات تلك هي إغواء نساء بعيدات نجحن في خطفك كما تفعل جنيات البحر، بعدها لن تجدي التماساتك بتوضيح ماذا تعني لك لحظات الوحدة مع النفس لكونها فهمت أن تلك المسافة النفسية تعني أنها صارت امرأة في الهامش وأن هناك أمرأة أخرى دخلت إلى منطقة الخصب والمراعي الخضراء، بعدها تجد نفسك محاصراً بحرب علنية ونفسية، تذكرك بأفلام الرعب والتجسس وبدبابات فاشية تغزو المدينة وعالم من الدمار والدخان. 8