وحيد.. يلملم الدنيا على كتفه، ويرميها ورا ظهره، وينساها، ويمشي يتبع اقدامه، وآلامه، وأوهامه، ولا يذكر من أيامه، سوى انه كان يرفض يستريح، ولو تهب الريح! قدامه، نبت له دون ما يدري جناحين، وفتح صدره، وقال بصوت يسبقه الصدى بأزمان: أنا المثخن بتاريخي وريث الريح. وحيد، وعزلته صمته، أصابع حيرته تنقر مفاتيح الحروف الباردة.. ويسود.. هدوء العمر في لحظة، ويستغرق بتفكيره سنين من التعب والصمت، ويهمس بينه وبينه، وعينه ما تشوف الا اكتظاظ الناس من حوله: أنا المنسي سنين، وهالسنين أتفه من التفكير، فيها، والحقيقة: ما نثرته من سنيني! جمّعته الريح! وحيد.. أتسلف الأيام من نفسي! واسجلها على حساب السنين التافهة، وأنسى، لا أسددها، وتتراكم علي من السنين أيام، واقول الحمد لله يوم ما رابيت! بايامي ولا أحلامي، ولا نفسي، ومصيري يا السنين أسدد اللي منك خذته دون ما تدرين، فواتير رميت أرقامها – أيامها الصعبة تفاهة! في مهب الريح!! وحيد.. وتمطر الدنيا أسامي، ولا ينبت سوى ياسك وإحساسك بإنك دايما ظامي، ويا ظامي! تراعي عينك لصنبور حزنك، جرحك الدامي، وتجمع كل قطرة حزن – جرح، وتغتسل وحدتك، وتتلحف شحوبك وانت دوبك تلتفت للناس، شجر عمرك يبس! والناس فاس، ووحدتك ملجأ، تخاف إن هز بابك ضحكةٍ من ريح! وحيد.. ووحدتك أجمل فصولك، لا ربيع ولا خريف ولا شتاء لا صيف، تكون معزّب أحزانك، تكون الضيف، تقهوى من سنينك، تستلذ الكيف، ولا تسأل متى؟ أو كيف؟ هي الوحدة طريقٍ مختصر للموت! أو الوحدة طريقك للخلود، تعيش وحدك ما يجيك الموت، وحيدٍ ما تخاف الموت، وتفزع لو تهب الريح!