ماذا لو هُدمَ الجدار الفاصل بينك وبين جارك ؟ لمست إجابة هذا السؤال حينما كُنت طفلة ،علق في ذكرياتي كثيراً حينما اضطر والدي و (أبو الجيران) لهدم الجدار بيننا ، بعد أن فوجئا بأنه سينهار! فهدم وأصبحنا لا نحتاج لأبواب الشارع للالتقاء فكُل ما علينا هو الذهاب إلى (الحوش) والاصطدام ببعضنا وأتذكر أنني وجارتي الصغيرة ، ازددنا رغبة بالخروج ! فالبحث عن المحجوب صفة أصيلة ! إن ما تعنيه لنا خصوصيتنا يتغير بتغير الفكر الاجتماعي ،فقديماً كانت علاقة الجيرة بين يدي أجدادنا أكثر مرونة و أقل تكلفاً فلم يكن المجتمع لينشغل إلا بمناقشة وتحليل ما يحدث في أسواره! ياللأيام حدثتني أمي بأن جدتي كانت تستقبل عصير طماطم من \" أم الجيران \" يومياً ، لتحفظه في الثلاجة التي كان لها الأسبقية في امتلاكها بين الجيران ! الإنسان اليوم انفتح على هذا العالم ومن بين الاختلافات الإنسانية التي رآها خرج بتجربته للوقوف على مفهوم حرياته في كُل شيء ، فأدرك حرية قراراته في وضع حدود لذاته ، و لم يقبل بأن يتجاوز الآخرين خطوط خصوصيته ،فأصبح يرى أن من حقه أن يتصل به زواره قبل مجيئهم ، وتعلم في فن الاتيكيت كيف يجيب بإجابات دبلوماسية حينما يسأله الآخرين عن شؤونه التي لا يرغب بالبوح بها ! و تطورت تقنيات الاتصال وازداد الاحتياج إلى هذه الشبكة ، فمع تطور التقنية وانشغال الناس بها استطاعوا استخدامها وفق توجهاتهم حتى \"اللص \" تمكن من ذلك ، فبدلا من السرقة التي تتطلب مجهوداً بدنيا ً كبيراً وتخطيطاً أصعب ، اختار اللص العصري أن يتتبع حسابات جيرانه الرقميين ويتلاعب كما يشاء ، وأتوقع أن اللصوص الذين يقتحمون المنازل سيصبحون \"دقة قديمة \" .. جيران الانترنت يعرفون عنوانك جيداً ، وهم الأكثر زيارة لك حتى بدون اتصال مسبق ولا جرس! سيدخلون بلا استئذان ولن يطلبوا منك ضيافة يكفيهم التجول في كينونتك ، وتأمل كُل ما يخصك ! ليس بالضرورة بأن يكون كُل مستخدم للحاسوب واعي تماماً ، فهل نستخدم برامج حماية مضمونة ، وهل نحفظ صورنا الخاصة وملفاتنا الهامة على أقراص خارجية أو نحاول تشفيرها .؟ هل نتجنب البرامج المفخخة وهل نثق بكل من نصادفهم على الشبكة ؟ وهل نقفل شبكتنا الخاصة برمز خاص؟ أتصور بأننا نملك أقليه من الذين يمتلكون الوعي الإلكتروني و الأمني والأخلاقي على الشبكة ، وأتصور بأن هُناك من يستهين بتحركاته عبر الانترنت ، فقبل مُدة اضطرت فتاة لفسخ خطوبتها من شاب اكتشفت سوء أخلاقه عبر الفيس بوك مستندة ً إلى الصور المحفوظة باسمه ، في الوقت ذاته كانت هُناك قضية المدعي فيها أعداد كبيرة جداً من الأوربيين يعترضون من خلالها على مبدأ الفيس بوك في تخزين صورهم حتى مع بعد استغناءهم عن الخدمة ،وأولهم أصحاب الأعمال والأهداف التجارية والذين لا يرغبون باستغلالهم الغير مشروع بإعلانات أو ما شابه ! والفرق بين النموذجان هو إنسان يجهل إمكانية تتبعه ، وآخر واعي يطالب بقضية إلكترونية تنتهك خصوصيته! إذن: قد تكون مغالياً في الحفاظ على خصوصيتك أمامهم ،بينما هُناك من يسكن حاسوبك ويسخر منك ! والمسافة قد لا تعيق من الإطلاع على ما تخفيه . على الهامش / سجلت شرطة المنطقة الشرقية خلال الأسابيع الماضية، أول بلاغ في السعودية عن سرقة بريد إلكتروني، تقدم به مواطن يشكو من سرقة الإيميل الخاص به و أتساءل هل تمت إعادته