الموروث أو التراث الشعبي من المسؤول عنه؟ وبصيغة أخرى من المدافع عن حياضه وساحته ؟أم هو حق مستباح ؟ يتصرف فيه من شاء وكيفما شاء ؟! . كل هذه الأسئلة حاصرتني وأنا أشاهد ذات مساء فرقة من فرق الاحتفالات الشعبية أو التي أطلق عليها مسمى فرقة شعبية.وهي عبارة عن مجموعة من الشباب ارتدوا زياً جديداً ابتكره مصمم أزياء استوحى فكرته وألوانه من الزي التراثي ليصبح هذا الزي يلقن للناشئة على أنه زي شعبي تراثي ! مع أنه غير ذلك. ثم قام هؤلاء الشباب بأداء رقصة (راب) زنجية أمريكية لكنها بإيقاعات جيزانية سألت عنها فأخبروني أن اسمها (الجوش) ومع كل أسف مررت هذه الرقصة على الناشئة تحت مسمى فن أو أرث شعبي مع أنها غير ذلك أيضاً . اعترضت على الحاضرين في نسب هذا الزي وهذه الرقصة للتراث لكن جوبهت برفض عنيف لنمط تفكيري وحاولوا إقناعي أن هذا تراث لكنه مجدد أي تجديد للتراث ليتواءم مع العصرنة الحديثة . وهنا أتوقف مع كلمة تجديد للتراث أو التراث المجدد فهل هناك في كل دول الدنيا المائجة بالثقافات شيء اسمه تجديد التراث أو التراث المجدد؟ أنا لأاعتقد ذلك .لأن التراث :هو الإرث أو الموروث وهو ما تخلفه الأجيال السابقة لمن يليهم ويلحق بهم . يقول تعالى ((وتأكلون التراث أكلا لما )) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((العلماء ورثة الأنبياء)) ومن هذا التعريف المبسط نرى أن التراث إرث قديم تتلقفه الأجيال كابرا عن كابر كما هو وتقدمه لمن بعدها دون مساس وتغيير أو تجديد. وهذا ما يجب أن نفعله هذا إذا كنا نحترم تراثنا وثقافتنا وأنفسنا وناشئتنا ونحرص على الحقوق الفكرية لمن سبقنا . إن ما يحدث في عروضنا الشعبية وخاصة في عروض القرية التراثية الجازانية بالجنادرية يحتاج لمراجعة وتدقيق لأنه لايمت للتراث الأصيل بصلة وإنما هو ضرب من الغش للأجيال الناشئة وللباحثين عن معرفة تراث المنطقة وفنونها. وكل من عارض قولي هذا فالحكم بيني وبينه كبار السن . وأخيراً أتساءل لماذا لايحدث هذا إلا مع تراث منطقة جازان ؟ هل لأن القائمين على تقديمه لايفقهون فيه شيء وإنما يتركون التصرف في عرضه لمن حضر؟ أم لأننا نستحي من تقديم موروثنا للآخر إلا بتشويهه وتغريبه طمعاً في إرضاء المشاهد ورغبة في إبهاره؟ كم أتمنى أن يدقق ويراجع كل ما يقدم تحت مسمى تراث شعبي جازاني خاصة في الجنادرية وأن نحرص على أن لانقدم إلا فناً أصيلاً مؤصلاً نقياً لا تشوبه شائبة .وعند ما نريد أن نقدم تراثاً مجدداً كما يقولون نذكر ذلك على الملأ دون غش. [email protected]