يستطيع كلاً منا أن يكون مٌنظراً ومسفسطاً مقنعاً.لكن لا يستطيع أي أحد أن يكون فيلسوفاً مقنعاً أي باحثاً عن الحكمة والحق بكل أمانة وبدأب وجهد لا ينقطعان وليس مجرد شخص يشم ولا ينهك المعرفة والعلم بحثاً وتنقيباً.وهذا البون الشاسع والتناقض المر بين الفئتين لايمكن أن يرى بعمقه الحقيقي وبوجهه الكالح إلا في الإعلام بكل قنواته ووسائله.فالفرق بين السفسطائين والفلاسفة الحقيقيين يكمن في البعد الثقافي والفكري للفئتين؟فالأولى مع الأسف تنطلق من قاعدة ثقافية ضحلة ضبابية فهي تجتهد لبناء قصوراً في الهواء الإعلامي لكن على جرف هار يكاد أن ينقض وتصدر جميع أفكارها عن أناً غبية لا ترى الآخر ولا تسمع منه وتظل تنسج خيوطاً من أفكار متحذلقة أشبه ما تكون كبيت العنكبوت وهؤلاء ثلة من الأولين وثلة من الآخرين. أما الفئة الثانية فهي ذات عمق ثقافي زاخر وسراج فكري نير فقد ذرعت بطون الكتب ونهلت من عقول الرجال الرجال وأنفقت في بحثها المعرفي غير المنقطع وقتها وجهدها وعقلها وتأملاتها في تجرد وإخلاص, وبتالي فهي تقيم بنائها الفكري على مرتكز صلب وقاعدة متينة وفي نفس السياق لا تهضم فكر الآخر ولا تصادره بل ترى نفسها دائماً على أنها الأقل معرفة وفكراً !! فتظل بالتالي تبحث بلى كلل أو ملل عن الحق والحكمة أينما كانا ولا تتركهما , وترفض الباطل والفساد أينما كانا ولا تحفل بهما , قاعدتها كما يقول العز بن عبد السلام (لا يترك الحق وإن خالطه الباطل, ولا يؤخذ الباطل وإن خالطه الحق) وهذه ثلة من الأولين وقليل من الآخرين لكن مصيبتها الكبرى أنها بلى منبر تطرح من خلاله وتسوق كوامن الدر في بحرها الحافل. أما تلك الفئة السفسطائية الغوغائية فهي تذرع الإعلام شرقاً وغرباً ليلاً وصبحاً وبجهد كبير تمج من خلاله كل عفونتها وهمجها وبدأب تضل تهرف بما لا تعرف , وليس هذا وحسب بل تتقيأ رديحا فكرياً مغلفاً بأغلفة ذكية لتمرره على المتلقي المسكين فيصبح أمثال هؤلاء الأدعياء عن طريق أمواج كثافتهم السلبية نجوم المجتمع وقادة الفكر وهذه لعمري المصيبة التي ابتلي بها المجتمع والمسؤول عن ذلك الأعلام وحده . لذا يجب على وسائل الإعلام أن تمارس دورها القيادي بكل أمانة ومنهجية في البحث عن العقول القادرة والمقتدرة ومن ثم تقديمها للمجتمع هذا من جهة ومن جهة أخرى عليها أن تكون واعية لما يمرر على المجتمع من فكر حتى لا يلبس عليهم الحق بالباطل وأن لا تسلط أضوائها الباهرة إلا على ما يستحق من فكر وعليها دائماً أن تحرص على التغذية الراجعة. ولا أعتقد أن مثل هذه المهمة سهلة خاصة فيما يتعلق باكتشاف العقول القادرة والمقتدرة وتقديمها للمجتمع والسبب أنه لا الشهادات الأكاديمية هي المقياس ولا شهادة الناس هي أيضاً المقياس الحقيقي لهذا الفيلسوف المفيد ! إذن أين الحل لهذا الإشكال؟؟؟ سأترك هذا السؤال مفتوحاًعسى أن نتوصل جميعاً لوضع مقياس حقيقي نستشف بواسطته قادة فكر المجتمع الحقيقيين. محمد احمد محمد مدبش الخلائف ديحمة [email protected]