تقطعت بي السبل أمام الخليج لكلمات خالدة فلم أتذكر إلا ديكا في ضفاف وادي ضمد بيني وبينه شارعا ! هذا الديك عندما أصحو الساعة الواحدة صباحا يبدأ بالصياح ولا يتوقف أبدا حتى تضحك الشمس. أتسائل كم ملك يراه قرب بيتي وفي الحي الذي أسكنه ، ويبدوا جميلا استرسالاته و أنا أسامر أفكاري و كثيرا \"ما\" قران الفجر .. لم يسعفني شاطئ نصف القمر بديك كهذا فتذكرت من أحب في هذا الصوت الجميل فاخترت صديق الملائكة سيدا لنضالي مع حرام الأمس وحلال اليوم ومع تهافت الفقه في سندان الشهرة وضحيته إنسان لا يعرف غير الصلوات الخمس و أن الله هو المستحق !! فابن المدرسة الحنبلية والذي حفظ فيها القران و أجيز فيه مرتين وحفظ العشرة الاف حديث وتفقه رغم صغره في صفوفها ولا يزال يتردد حتي يطويه البياض، ولم يحضر في مدارس الشافعية التي لا تبعد إلا عشرة كيلومترات إلا ثلاث مرات تمنى ألا يحضر بعدها !! أخذت به ثورة عمر بلين أبي بكر برباطة محمد أن يعاتب مدرسته بأننا في مدرسة فقهية متوسعة يجدر بها البحث والتوسع مع الزمن والابتعاد عن ألفاظ السوط وكلمات الجلاد. قصتي التي شابها \"الطيش\" مني ومن العالم حولي لم تكن افتراء في حق فقهنا أو مذهبنا أو علمائنا ، بل جعلتها وصفا لقصور من الكبير إلى الصغير .. ويجب علينا أن نعترف بهذا القصور. حمل علي الوالد والأخ والصديق ظنا مني أني فسقت وشققت ثوب الطاعة والجماعة لمجرد قصة وصفت فيها ما يدور في مجالس الفكر والعلم. وغمزني مولدي في ثرى نجد عن ذكر نجد وعلمها.. لم أقصد حنبلية نجد لحاجة باغض ولم أطوف حول عروشها لكيد أحمق. سأكون كاذبا إن قلت حنبلية مكة وستقوم حينها أفواج المالكية تطالبني بأن أثبت !! وما قصدت مقالي عيبا بهم ولكن خلدنا للقصور حتي بتنا لا نعلم أين الحق فبالحب عاتبتهم. ولم تكن قصتي فتيا السحرة لهاروت ولا تبريرا للاستماع للأغاني ولكن لماذا لا يتحرم كل ذي رأي و أن يرد عليه بحجة ودليل كما فعل لا أن يشهر به فوق المنابر أو يتهم بالسفاهة ! إننا أمة بنيت بالحق والدليل وليس حكايات \"معي\" .. منذ ذلك تلقفت أسطري استفهاما لهم \"زفراته\" لماذا الشقاق بين علمائنا ؟ وشهيقه لماذا وصل بنا الحال أن يجرم العالم تلميذه و أن يبقى مصير الدين في مناظرات يستميت أصحابها لهواهم قبل علمهم و ينتحر عليها الدليل ويقتل فيها الرأي ؟! ولماذا فلذات العلم ضحايا سطور فقراء الفكر والعقل، يتهكمون بمن فاقهم خلقا وسمتا. لم يكن الأمر حجة لتكون دندنتي بعيدة عن دندنتهم، وكشخص من العامة لازلت متأثرا بهذا الصدام الفكري والذي وصلت شظاياه منبر الحرم والذي عادة ما يكون منبر إصلاح لا تشفي بحق المخالفين أيا كانوا. فلا يزال الزمن يغير في معالم الفقه وسنرى وقتها تصويب لعايض ورمية للكلباني وصيدا للغامدي وحصة للعبيكان ، فيجب علينا ألا نحولها لمحرقة أخذ ورد ولكن يجب أن تضبط الآراء و أن يكون حينها حاضرا فقها وترويا ونقاشا بعيدا عن طاحونة الإعلام كل ذي علم وعلى رأسهم سعادة المفتي والهيئة كما كانت حاضرة في عهد ابن باز وابن عثيمين. حفظ الله شيخنا (ال الشيخ) فقد أعطاه الله حبا وحياء في علمه فهو لا يريد أن يثير شحناء بين أخوة العلم والدين. ولكننا نعلق آمالنا بطلاب العلم ألا يكونوا مهرجين في الدين ولا حالمي شهرة. وما قصدت بكلمة سعادة المفتي ووزرائه تهكما بل كان وصفا لغير منصب فالله في كتابه أسمى هارون النبي بالوزير أي المساند والمساعد. ولا أخفي سرا بأني قصدت كذلك أدوات التشدد والتي لا تزال الفتاوى حبلى بها. وعليها لا نزال في غفوة فكرية لا نستيقظ منها إلا حين نضرب على وجوهنا ! و أشرت إل التشدد في المذهب من قبل بعض طلاب العلم والذين لا يرون الاسلام إلا حنبليا وقد سمعت ذلك من أفواههم. ورغم هذا لازلت ذلك الذي شاهد الدنيا في نجد وفطم فيها ولازلت ممتنا لعلمائها أن تكون عقيدتي بعيدة عن القبور وربات القبور، و إلا كنت مطبلا عند قبر جدي \"علي\" بوصية من جدتي أعطتها أبي ومن منبر القرية يتكلم في فضائل المرحوم الشيخ \"علي\" وبتنا طوافين لمن ليس في يده حيلة ! وإن بصري كعيون العالم إن داهمها \"جهل\" حدقت في تلال نجد سائلة ومستغيثة .. وما كنت يوما في كلماتي مارقا لثوابتي ولم أهب قلمي لشيوعية حمقاء فلا زلت وليد الصحوة وجليس رجالها. لم أجلب ذكرياتي الجميلة في وحدتي أمام حديث الشاطئ لسفاف كلام. بل أمعنت النظر في الجلاد الفقيه والعصا المستفقهة أيا كان المذهب أو المدرسة وأيا كان الشخص الذي ينتمي. فلست جاهلا لصغر السن فكم من كبير ظن نفسه ضحك عليه الدهر وبقي يري جثمانه للناس أية ! ولست أريد أن أكون كبيرا لأن أكون كذاك الرجل. و إن حقا جهلت فانا سأتعلم خلاف الكبير الذي إن جهل فلن يتعلم أبدا ! فصغري يجعلني أقرب إلي \"الفطرة\" بدلا من منتجات الزمن ! وما كتبت هذا إلا حاجة في نفس \"يعقوب\" قضاها ، ومن يكابر في العذر أحمق فجزيل حبي واعتذاري لمن ظن في نفسه شيئا. فاني مهما اخترت ووصفت فلم ولن يقع ذلك فيمن يشاهدون الشياطين .. فلا زلت عشيقا للملائكة وممتنا لكل ديك يشاهدها..؛؛؛ فهد بن محمد [email protected]