إن الهندسة القيمية تعنى بوظائف الأشياء فإن تطبيقها يكون في كثير من المجالات لتحسين الأداء الوظيفي والمحافظة على الجودة المطلوبة مع تقليل التكلفة ومن هذه المجالات الأنظمة الإدارية والمشروعات الإنشائية وعمليات التصنيع . الإدارة : تلعب العمليات الإدارية دوراً كبيراً في نجاح أو فشل كثيراً من الأعمال التجارية والمشروعات سواءً الإنشائية وغيرها بسبب ضعف مستوى أداء الأعمال نتيجة ضياع الوقت والجهد في أمور لا طائل منها، لذلك فإن استخدام الهندسة القيمية في مراحل مبكرة للتخطيط والبرمجة لتلك الأعمال والمشروعات والذي يطلق على إدارة القيمية Value Management ساعد في الوفاء على كثير من العوائق والمشكلات التي تعترض سبيل تنفيذها حيث إنه أسلوب عمل إداري يمر بخطوات منظمة يسهل على أصحاب القرار بالمنشأة أو المشروع اتخاذ الإجراء المناسب الذي يؤدي إلى تحسين الجودة والأداء، وذلك كونه يتناول الموضوع قيد الدراسة بشمولية أكبر ويعرض بوضوح الآثار الحالية والمستقبلية التي يمكن أن تترتب على تنفيذ عمل ما سواء من ناحية الوقت أو التكلفة. الصناعة : تطبيق الهندسة القيمية في مجال الصناعة حين حدث نقص كبير في المواد الأولية اللازمة للتصنيع أثناء الحرب العالمية الثانية مما حدا بشركات الصناعة في الولاياتالأمريكية البحث عن مواد بديلة ومن هذه الشركات شركة جنرال إلكتريك قام مهندس المبيعات في ذلك الوقت لأري مايلز والذي يعمل بالشركة إلى طريقة البحث في وظائف تلك المواد لاستبدالها بأخرى تحقق نفس الوظائف وتطورت هذه الطريقة فيما بعد لتشكل أسس ما يسمى بالتحليل الوظيفي (Function Analysis) وقد انتشر تطبيق هذا المنهج لدى الشركات الصناعية في كثير من بلدان العالم حيث تم استخدامه في عمليات الإنتاج والتصنيع وأدى ذلك إلى استطاعة تلك الشركات التي طبقت هذا الأسلوب إلى قوة المنافسة في السوق أمام الشركات الأخرى . الإنشاءات : وقد أدخلت تقنية الهندسة القيمية إلى الصناعات الإنشائية عام 1963م بواسطة آل ديلاسولا Alphonse Dell'lsola في قطاع القوات البحرية الأمريكية وذلك بإدخال ما يسمى بالبند التشجيعي في العقود الإنشائية. ثم تلا ذلك سلاح المهندسين الأمريكي ببرنامجه إلى أن أصبح لزاماً تطبيق الهندسة القيمية على أي مشروع تتجاوز تكاليفه مليوني دولار. هذا وقد بدأت إدارة الخدمات العامة GSA بالحكومة الأمريكية بوضع بنداً تشجيعياً للمقاولين وبيه يمكن أن يشترك المقاول في الوفر إذا ما تقدم بدراسات ناجحة. أما خدمات المباني العامة Public Building Services في عام 1978 بدأ الإيطاليون باستخدام الهندسة القيمية من خلال مجموعة تشمنت \"CHEMINT\" في ميلانو. وتبعهم الاستراليون بعام بعد ذلك. قام اليابانيون بإدخال الهندسة القيمية إلى حقل الإنشاءات سنة 1980م من خلال البرامج التطويرية لمعهد الأعمال والإدارة بطوكيو. وعلى العموم فإن الهندسة القيمية تطبق حالياً في حقل الإنشاءات في دول كثيرة منها اليابان والهند وبريطانيا وفرنسا والسويد وألمانيا وجنوب أفريقيا واستراليا، وكندا ويعقد لها مؤتمرات دولية سنوياً وهناك العديد من المكاتب الاستشارية المتخصصة في هذا المجال . وقد بدأ تطبيق الهندسة القيمية في المملكة العربية السعودية في مجال الإنشاءات عام 1986م عن طريق الأشغال العسكرية بوزارة الدفاع والطيران حيث درست العديد من المشروعات التي تشرف عليها . وقت تطبيق دراسة الهندسة القيمية : يمكن تطبيق دراسات الهندسة القيمية على المشروعات المعمارية في أي مرحلة من مراحل المشروع ابتداءً من المراحل الأولية للدراسات والتخطيط ومروراً بالمراحل المختلفة للتصميم ثم التنفيذ وانتهاءً بمرحلة التشغيل والصيانة إلا أن أفضل تطبيق لدراسات الهندسة القيمية هو عندما يكون المشروع في مرحلة البرمجة بعد أن يتم إكمال المعلومات الأساسية وتحديد المتطلبات والأهداف الرئيسة من قبل المالك لأنه في هذه المرحلة لم يتم بذلك الحرص والوقت الكثير على التصميم مما يسهل عملية قبول المقترحات التي سوف تنتج عن إجراء دراسة الهندسة القيمية لأن إجراء التعديلات في هذه المرحلة تكون في حدودها الدنيا وبهذا يكون تأثيرها على الجدول الزمني ضئيل جداً لذلك فإن فرصة موافقة أصحاب القرار على تطبيق المقترحات أكبر منها في المراحل المتأخرة نظراً لكون الجهد والوقت وتكاليف تطبيق المقترحات يكاد لا يذكر بالمقارنة بالفائدة المرجوة من الدراسة وفيما يلي رسم بياني يمثل العلاقة بين التكلفة ووقت التطبيق لدراسات الهندسة القيمية حسب مراحل المشروع المختلفة. أهمية دراسات الهندسة القيمية : تكمن أهمية دراسات الهندسة القيمية في المشاريع المعمارية في اختيار أفضل الحلول الملائمة من الناحية الفنية والوظيفية والاقتصادية نظراً لكون فريق العمل يضم تخصصات متعددة وأطراف مختلفة ذات العلاقة بالمشروع المطلوب دراسته ويتم تتبادل عناصر المشروع بالتحليل والدراسة والذي يؤدي بدوره إلى ضمان النوعية وتطوير الكثير من التصاميم التقليدية للمنشأة كما تساهم دراسات الهندسة القيمية في رفع العائد الاستثماري وتحقيق أنسب الفرص للمنافسة إضافة إلى ذلك فإن تطبيق الدراسة مبكراً يعمل على أن تكون البداية صحيحة بتوضيح أهداف بالتصميم ومجال العمل وعدم تجاوز الجدول الزمني والميزانية المعتمدة عن طريق دمج بعض التحليلات الاقتصادية قبل حساب دورة حياة المشروع وتحليل المخاطرة مع الهندسة القيمية . كذلك فإن إجراء دراسات الهندسة القيمية يساعد على تبسيط المعايير والطرق الإنشائية والتعليل من المشكلات والأخطاء المحتملة. مجالات الهندسة القيمية في المشاريع المعمارية إن مجالات التطبيق للهندسة القيمية متعددة نظراً لكونها عملية تقييم منظم تستخدم النماذج المختلفة مثل نماذج التكاليف التي يتم عملها بطريقة نظام التكلفة الموحد (Uniform at System) والذي بواسطته يمكن عمل تقديرات التكلفة في جميع مراحل المشروع وخصوصاً في المراحل الأولية من التصميم كما أن تطبيق نماذج المساحات على التصميم يساعد على توضيح نسبة المساحات المستخدمة إلى الإجمالية والذي يبين ما إذا كان هناك هدر بالمساحات وبذلك يمكن استخدام المساحات حسب الوظائف المطلوبة بعد تحديدها وعمل تحليل الوظائف للعناصر الإنشائية كما أن لدراسات الهندسة القيمية دورها في استغلال الموقع العام واختيار أفضل البدائل والأنظمة سواء المعمارية منها مثل التشطيبات والواجهات وأنظمة العزل المائية والحرارية أو الأنظمة الأخرى كالنظام الإنشائي واستخدام المواد الإنشائية المختلفة وكذلك الأنظمة الكهربائية والميكانيكية التي تم اختيارها بناءً على الدراسة المستفيضة للأداء والجودة وسهولة التشغيل والصيانة وتأثيرها على استهلاك الطاقة. أعداد . عبدالله الحقبان أبها