تستخدم كلمة (أفوووووووه) في لهجتنا العامية للدلالة على التأفف والاشمئزاز من شيء ما تنبعث منه رائحة كريهة وكثيراً ما يصاحب اللفظة تطبيق السبابة والإبهام على جانبي الأنف لسد منافذها عن استقبال مثل تلك الرائحة او الروائح النتنة أو المقززة . وقد وظفت بعض المفردات الدارجة والمصطلحات العامية في كثير من مواقف الحياة اليومية ومنها تلك الكلمة أعلاه , إذ يمكن أن نستخدمها للتعبير عن عدم القبول أو الرضي عن موقف ما أو عن تعامل لا إنساني أو غير حضاري من موظف أو مسئول ما في جهاز ما من أجهزتنا الحكومية ,,, حاليا ومع تردي مستوى بعض الخدمات خاصة الخدمات البلدية وسؤ تنفيذ معظم المشاريع التنموية أو الخدمية وما يشوب أغلبها من نواقص أو عيوب وما اتسمت به معظمها من ارتجالية وسؤ تخطيط وتنسيق حيث خرجت كل المشاريع دون مستوى طموح وتطلعات المواطن أو أنها لم تكن بحجم الملايين أو المليارات التي اعتمدت لها وهنا ومع هذا الوضع المخزي والمزري ازداد تأفّف المواطن وكثر استخدامه لمثل تلك المصطلحات تعبيراً عن رفضه لمثل هذه المشاريع بالنسبة لي فأنا دائم التأفف من مشاريع بلديتنا الوقتية وما يحدث فيها من عبث صريح وإهدار للمال العام ومراء وتلميع يثير الشك والريبة في وجود سرقات منظمة ومجدولة لنهب المال العام في سيناريو معد بحرفنة عالية ودهاء وإلاّ ما معنى انهيار مشاريع السفلته والأرصفة والتشجير؟ ما معنى انعدام الصيانة للشوارع الجديدة , أرصفة محطمة , شجرت بالأشواك ونبات البراري ,,, ؟ وما معنى ارتجال المشاريع وظهورها فقط عند زيارة سمو أمير المنطقة للمحافظة واختفاؤها بمغادرة سموه للمكان ؟ وما معنى غياب التنسيق والتنظيم بين الجهات ذات العلاقة في أمانة المنطقة وبلدياتها وبين الاتصالات والكهرباء والمياه في كثير من المشاريع التي أصبحت وبالاً على المواطن ومصدر تعاسته وربما نهاية حياته ؟ حيث أزهقت الأرواح عند تلك الحفريات ومع تكرار المشاهد من شق الشوارع وحرثه طولا وعرضا وتعاقب تلك الجهات على ذلك وتأخرها في التنفيذ والتسليم دون محاسبة أو مساءلة لمقاولي المشاريع ؟؟ فيلم درامي تراجيدي قديم لا زال يعرض إلى تاريخه في أكثر من دور أقصد في أكثر من محافظة . ونفس الديباجة (سفلته وأرصفة وإنارة ) تكاد لا تخلو ميزانية مالية خلال أكثر من عشر سنوات مضت إلا وتصدرت هذه العبارة ميزانية بلديات المنطقة , صحيح أنها من مشاريع البني التحتية ولكنها تحولت الى مشاريع البني الوضعية في ضل العبث القائم الذي غيّب حاجتنا ومتطلباتنا الأخرى من المشاريع الخدمية والتنموية والترفيهية ,,,, فأين هي المنشئات الرسمية النموذجية للنوادي الرياضية بمختلف المحافظات ؟؟؟ أين هي الحدائق والمتنزهات العائلية الكبيرة ؟؟؟ أين هي المراكز التدريبية والترفيهية التي تعني بالشباب ذكوراَ وإناثاً وتنمي مواهبهم الإبداعية في مختلف الأنشطة ؟؟؟ أين هي ....وأين هي .... ؟؟؟ أين هي الأمانة يا أمانة المنطقة .... ؟؟؟ واين هم رؤساء البلديات أبناء المنطقة الذين خذلونا بسلبيتهم فغدروا بجازان الأرض والإنسان؟ أصابنا الملل والإحباط وقضي على آمالنا وتطلعاتنا فما ذنب المواطن في دفع ضريبة قد تكلفه حياته نتيجة للحوادث المرورية الناجمة عن سوء التنفيذ من قبل الشركات المنفذة لبعض المشاريع وغياب الصيانة لأغلب مشاريع الطرق , هذا بالإضافة إلى ما أصاب ويصيب مركباتنا من خلل أدى إلى اختصار عمرها الافتراضي . شوارعنا تنطق بما يخجل ويعجز عنه القلم. نعم : أصبح المواطن قادر على فهم اللعبة كما أصبح أكثر جرأة في استخدام كل التعابير الموافقة لمعاناته اليومية للتنفيس عما بداخله من قهر وغبن اختلطت بمشاعر الغيرة على وطنه ومدخراته وهو يراها تهدر في ألازمان و ألا مكان وتسلب من فاعل مستتر تقديره هو أو هم . فهو (أي المواطن) دائم التأفف من هكذا مشاريع ,,, يطلق العنان للسانه في ترديد ((أفووووووه )) بصوت مسموع أو مهموس سيان الأمر طالما أنه استخدم حريته الشخصية في التعبير عن رأيه حتى في أضيق المساحات وحتى لو لم يسمعه بشر فإنه حينئذ قد تخطى حواجز الكبت وتحرر من القيود التي فرضت على حريته من قبل واحتضن الفضاء الشاسع تسجيلاً لنبرات صوته مثلما احتفظ الأثير بملامحه المصاحبة لتلك النبرات من تقطيب الجبين وسد منافذ الأنف ومد الشفاه للأمام ,,,, , وكلما زادت معاناة المواطن وكبر حجمها ازداد نهله من المعاجم والقواميس ولا أنسب في هذا المقام من مفرداتتا العامية ومثلما أطلق ((أفووووووه )) فلا يعجزه أن يقول ((إتفوووووووه)) على هوامير المناقصات والمشروعات التنموية لصوص المال العام ومدخرات الوطن . ((إتفوووووووه عليك يا خائن الأمانة ومستغل الثقة)) ((إتفوووووووه عليك يا من خذلت المواطن واختلست الوطن )) ((إتفوووووووه عليك يا من لبست الأقنعة وارتقيت على أكتاف المواطن )) ((أفووووووه )) و ((إتفوووووووه)) ترانيم القهر واليأس في زمن اغتصاب ثروات الوطن وسلب حقوق الضعفاء وإهدار كرامة النبلاء ووأد فرح الأوفياء.