كشفت جولة للجزيرة أمس على الأسواق توفر الحديد المستورد وتحديداً القطري (قطر ستيل) حيث أفاد متابعون ومستهلكون أن تفاقم الأزمة أغرى تجار الدول المجاورة لدخول السوق المحلي بهدف تحقيق ربحية عالية ففي الوقت الذي يباع طن المنتج القطري ب 3050 ريالا في السوق المحلي يباع نفس المنتج في السوق القطري ب 2400 ريال. وحسب المتابعون فإن الحديد في السوق المحلي الأعلى سعراً مقارنة بدول الخليج فدولة الإمارات على سبيل المثال كانت تستورد كميات هائلة من الحديد السعودي إلا أن متوسط سعر طن الحديد في الإمارات للشهر الحالي لم يتجاوز ال 2160 ريالاً بسبب تراجع في مجال الأعمال الإنشائية بعد إلغاء العديد من المشاريع الكبيرة جراء الأزمة المالية التي تعرضت لها كبرى الشركات بدبي حيث تراجع حجم الاستيراد لسوق الإمارات من 11 مليون طن للعام 2008 إلى 4 ملايين العام الماضي. وفي ظل ثبات سعر الطن المحلي عند 2450 ريالا حسب موقع وزارة التجارة شهدت الأسواق حسب متابعين ارتفاعات قياسية حيث بلغ سعر طن الحديد المستورد من قطر والصين مقاس من 16 إلى 32 مللي ما بين 2800 و2850 ريال فيما وصل سعر الطن مقاس 6 مللي إلى 3050 ريالا. ولمواجهة الأزمة فقد اجتمعت وزارة التجارة أمس مع عدد من الموزعين حيث تم مناقشة وضع الأسعار الحالي وأسبابه بالإضافة إلى ضرورة توفيره للمستهلك النهائي وبشكل سريع. وعلى جانب آخر أفاد مدير مكتب باج للاستشارات الهندسية احمد الفايز أن الموزعين يقومون بعمل عقود وهمية على كميات الحديد التي بحوزتهم باسم مؤسسات متفق معها. وعندما تأتي لجان التفتيش، يقومون بإبراز هذه العقود ليبرروا بقاء هذه الكميات لديهم وأنهم (أي المشترين الوهميين) يقومون باستلامها وفقا لاحتياجهم. وأوضح الفايز أن الحديد سلعة إستراتيجية وبالتالي التحكم بأسعارها يجب أن يكون من قبل وزارة التجارة فلا يجب أن تقوم أي شركة كسابك أو غيرها بإصدار أي إعلان عن نيتها رفع أسعار هذا المنتج بل يجب أن تكون الوزارة هي من يقرر رفع الأسعار وعلى مراحل وبتمهيد مسبق حتى يتمكن السوق من امتصاص أي زيادة متوقعة. وأضاف: إن كثيرا من المقاولين خسروا مبالغ هائلة أدت لإقفال بعض شركات ومؤسسات المقاولات مشيرا إلى أنه لولا قرار منع التصدير السابق لكانت الانعكاسات السلبية اكبر بكثير مما يحدث الآن وعن الآثار السلبية لارتفاع أسعار الحديد على بعض القطاعات وأهمها قطاع المقاولات قال أحد المسئولين بشركة مقاولات كبرى (طلب عدم ذكر اسمه): إن ما يدعو للغرابة أن يجتمع رأي كبرى شركات تصنيع الحديد بالمملكة على رفع الأسعار بهذه الطريقة، فارتفاع الأسعار عالميا أمر مقبول ومسلم به لكن أن يكون هناك رفض ببيع السلعة للمستهلكين والتي تعتبر سلعة رئيسية إستراتيجية عالميا فهذا أمر غير مقبول حيث أصبح اغلب التجار يرفض البيع وينتظر إلى أي مدى ستصل الأسعار, بهدف تحقيق هوامش ربح أعلى. وعلى النقيض من الرأي السابق قال المسئول: أستغرب إعادة فتح باب التصدير للخارج بالرغم من الطلب القوي محليا والذي يستهلك كامل الإنتاج المحلي والكميات المستوردة منه أيضا. وأضاف: إن الحديد سلعة مكشوفة التكلفة ولا تحتاج إلى مجهود كبير لمعرفة سعر التكلفة حيث إن الأسعار الحالية بعد الارتفاع حققت للبعض أرباحا وصلت إلى 30% رغم أن التصنيع مدعوم محليا سواء بأسعار الطاقة أو الرسوم المنخفضة جدا مشيرا إلى أن الحديد يواجه طلبا عالميا كبيرا ولكن المقلق هو عندما يتم تعطيش السوق ولا تجد من يبيعك. وعن مدى تأثر الأعمال التي تقوم بها شركته قال: إننا عانينا من تعطل تنفيذ المشاريع التي تم ترسيتها علينا لقرابة أسبوعين بسبب رفض البيع من قبل التجار. ما زاد من تكلفة هذه المشاريع علينا. كما أن هذا الأمر في اعتقادي سينعكس سلبا على أي مشروع سننجزه مستقبلا بسبب أننا سنضع في الحسبان أن سعر الحديد غير ثابت ومهيأ للارتفاع وهذا ما سيزيد من رفع تقديراتنا عند تسعير الحديد في مشاريعنا القادمة كحل لامتصاص تقلبات السوق. كما أبدى تخوفه من ارتفاعات أكبر في سعر الحديد في حال الموافقة على إقرار نظام الرهن العقاري وبسؤاله عن كيفية حل هذه الأزمة حتى لا تتكرر مستقبلا قال: أرى أن يكون لهذه السلعة الرئيسية طريقة تعاط مختلفة. من خلال قيام الحكومة نفسها باستيراد كميات تفي بحاجة السوق عند أي تعطيل لآليات العرض والطلب، كما يجب تشجيع الشركات الكبرى كسابك على زيادة طاقتها الإنتاجية بشكل كبير. وان لا يسمح ببيع كميات كبيرة من الحديد لأي شخص أو جهة قبل التأكد بأنها ستذهب للإيفاء بحاجات لمشاريع قائمة وحقيقية وليس لغرض التخزين والمضاربة كما يحدث حاليا. وأضاف: إن السوق بحاجة ماسة إلى الضبط الفاعل وبشكل واسع، فالشيء الغريب والمقلق في نفس الوقت هو توجه بعض الناس للمضاربة بالحديد رغم عدم تخصصهم بسوق الحديد، فأغلبهم مضاربين أتوا من أسواق المال أو الذهب واشتروا كميات من الحديد تقدر بعشرات الآلاف من الأطنان لرفع أسعاره عاليا كي يحققوا مكاسب كبيرة وسريعة.يذكر أن إنتاج المصانع المحلية يصل إلى 7.2 مليون طن ويتعطل جزء من هذه الطاقة حاليا لاعتماده على كتل الحديد المستوردة التي ارتفعت عالميا، بينما يستهلك السوق أكثر من 6 ملايين طن مع توقعات بنمو الطلب لهذا العام والحاجة لتوفير الحديد بكميات تتناسب مع احتياج السوق.