شن رجال دين هجوماً على السعودي يوسف الأحمد، الذي طالب بإعادة بناء الطواف حول الكعبة لمنع الاختلاط، في حين رفض آخرون الحديث في تلك الفتوى، كون المواضيع المتعلقة بالحرمين الشريفين من اختصاص هيئة كبار العلماء.وقال الدكتور خالد الجندي (من مشايخ الازهر) ل «الحياة»: «ما قاله يوسف الأحمد حول هدم وإعادة بناء الكعبة منعاً للاختلاط يعتبر آخر المصائب والنوادر، عندما نتجرأ بالفتوى في التصريح بهدم وإعادة بناء الكعبة منعاً للاختلاط»، مشيراً إلى أن الله تعهد بيته بالحفاظ عليه والعناية به، وليس في حاجة إلى إعادة بناء أو هدم. وأضاف أن عدم تعظيم المسجد الحرام بهذه الطريقة يعتبر مخالفاً لشرع الله، وفتوى جواز هدمها والعبث بها والتطاول على قواعدها وبنيانها من أجل تلك القضية التافهة (الاختلاط)، تدل على أن المفاهيم لديه لا تراعي فقه الأولويات والموازنات والمقاصد والأحكام والنوازل والواقع، فكيف يتجرأ ويتحدث بهذه المسألة من دون أن يمر على أي نوع من هذه العلوم؟ مشيراً إلى أن على الأحمد إذا أراد أن يمنع «الاختلاط»، إصدار فتوى بقتل الرجال جميعاً أو النساء. من جانبه، ذكر الدكتور عبدالمعطي البيومي (من مشايخ الازهر) ل «الحياة»، أن هذا الاقتراح قد يجعل الكثيرين يتجرأون على هدم المشاعر الدينية وعدم اعتبار قدسيتها، إذ ان جميع علماء ومشايخ الأزهر يرفضون ذلك، والتحدث عن المشاعر المقدسة بهذه الطريقة بسبب اختلاط الرجال بالنساء، هذه الفكرة رفضت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف يأتي ويتكلم بها على وسائل الإعلام التي يشاهدها الكثير، وقد يسخرون منا لعدم احترامنا مقدساتنا الدينية. بدوره، أوضح عضو مجلس الشورى الشيخ حاتم الشريف العوني أنه إذا كان الأمر متيسراً ولا تقع فيه أية مشكلة تثير الناس فلا بأس به، وما الذي يمنع أن تكون هناك ادوار مخصصة للنساء واخرى للرجال، إذا عرض على مهندسين متخصصين ووجدوا أنه فكرة لائقة، فلا مانع في ذلك شرعاً، مشيراً إلى أنه في عهد الرسول كان النساء يطفن في صفوف متأخرة عن الرجال. وأضاف أن كلام يوسف الأحمد إذا أطلق على الوجوب فهذا خطأ ومبالغة، وفي زمان الرسول صلى الله عليم وسلم لم يكن احد من أهل العلم يقول واجب على النساء الطواف بعزلة عن الرجال، لافتاً إلى أن قضية الاختلاط مرتبطة باختلاف الأحوال، ولا يصح القول فيها لا بإيجاب ولا بتحريم ولا باستحباب، إلا بالنظر لكل حالة، وإطلاق حكم يليق بها، بمعنى أن كل حالة اختلاط لها حكم خاص. وتابع: «ينبغي بيان صورة الاختلاط التي تقع في الطواف بين الرجال والنساء، منها صورة من الأولى عدم التطرق لها، وهي في حال الزحام الشديد، وتلاصق الأجساد فلا يجوز للمرأة أن تطوف في مثل هذه الحالة ملاصقة جسدها لجسد الرجل، الأفضل أن تبحث لها عن مكان مثل ما يحصل مع معظم النساء أيام الحج، اذ يطفن في الدور الثاني أو السطح بعيداً عن الرجال، وأما أيام السنة المعتادة فلا بأس أن يطوف الرجال والنساء معاً لأنه لا يوجد زحام». إلى ذلك، أكد الداعية سعيد بن مسفر ل «الحياة»، أن الأمور التي تخص الحرمين الشريفين يجب أن تترك لهيئة كبار العلماء، ولا يخوض فيها الناس ويدلون بآرائهم وأهوائهم، إذ يجب عرض هذا الأمر بكامل ملابساته، وبالإحصاءات الدقيقة عن عدد الحجاج الذين يرمون الجمرات، وعدد زوار الحرمين الشريفين، وعن النواحي الإنشائية المعمارية، ومن ثم تجمع وتعرض على هيئة كبار العلماء، ليخرجوا بفتوى دقيقة ملزمة ومقنعة للجميع. ولفت الداعية طلال الدوسري إلى ان المرجعية الفقهية في المملكة هي هيئة كبار العلماء، التي تقرر الصالح في ما يكون، ولا يكون ليوسف الأحمد رأي في الحرمين الشريفين، مشيراً إلى أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، ولا يحق له الاجتهاد في أمور تخص المسلمين على وسائل الإعلام لقضية ما. وكان الداعية يوسف الأحمر اقترح أخيراً هدم المسجد الحرام كاملاً وإعادة بنائه منعاً للاختلاط، من خلال وضع ثلاث وسائل هندسية، لتحقيق فصل النساء عن الرجال تقنياً، لتطوف السيدات وحدهن، مشيراً إلى أن ما يحصل الآن من العراك في الطواف والازدحام والالتصاق لا أظن أن يقر عاقل بجوازه، لكنه خطأ يحتاج إلى تصحيح على حد قوله.