تفاعل مواطنون ورجال أعمال وقانونيون ومحللون اقتصاديون مع تحقيق "الرياض" حول بدل غلاء المعيشة الذي يستعد مجلس الوزراء لحسم مصيره خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مؤكدين على أن ارتفاع سعار المواد الغذائية أصبح خطراً يهدد دخل أي اسرة؛ مما يتطلب وضع هذا الامر بعين الاعتبار عند دراسة مصير بدل غلاء المعيشة. وقال الشيخ "ناصر الثويني" -رئيس مجلس ادارة الشركة المتحدة- ان ظروف الحياة المعيشية تشدد خناقها على كثير من المواطنين رغم محاولات الحكومية تخفيف العبء عنهم، بالاعفاءات والخدمات التي تقدم لهم، الاّ أن ارتفاع اسعار المواد جعلت المواطنين في حالة قلق دائم من المستقبل، وعدم قدرتهم على الوفاء بمتطلبات الحياة المعيشية للاسرة، مناشدا الحكومة إضافة بدل غلاء المعيشة الى المرتب الأساس. وقال الأستاذ "عبدالله بن ساعد الثعلبي" -رئيس إدارة شركة ربل للسفر والسياحة والشحن الجوي- ان الارتفاع المستمر في الأسعار يجعل الحياة صعبة جداً؛ لعدم قدرتنا الموازنة بين ما نتقاضاه من مرتبات وما ننفقه على ضروريات الاشياء وفي مقدمتها المواد الغذائية الضرورية، مشيراً إلى أن البدلات المعيشية لم تتغلب على الصعوبات التي تواجه المواطنين، فكيف يمكن التفكير في إلغائها؟. واشار "علي بن صالح الزهراني"عضو مجلس إمارة منطقة الباحة الى أن الغلاء ظاهرة عالمية، وتعمل الحكومة على كبح جماحه قدر المستطاع، مطالباً بضم بدل غلاء المعيشة الى المرتب الأساس لكل موظف. وقال المحامي "سليمان الجميعي" من وجهة نظر قانونية واستنادا إلى نصوص نظام الحكم، فإن الدولة ملزمة شرعاً ونظاماً بتلمس حاجات المواطنين ورعاية جميع مصالحهم وتوفير الظروف المناسبة لحياة كريمة لكل مواطن، بما في ذلك سن القوانين لمواجهة كافة الأزمات ومنها الأزمة الاقتصادية كغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والتي تؤثر على معيشة المواطنين، وحيث أن السبب الذي دفع الدولة لصرف بدل غلاء المعيشة مازال قائماً فمن المستبعد أن تقوم الدولة بإلغاء هذا البدل في ظل تنامي غلاء المعيشة.. وقال لقد تضمنت جميع التشريعات في كافة دول العالم المتعلقة بالعمل.. التأمين على الحقوق المكتسبة للعامل؛ بسبب العمل الوظيفي، واشتملت قوانين العمل بما في ذلك نظام العمل والعمال السعودي على أن ما يحصل عليه العامل من مكافآت أو بدلات تعتبر جزءا من الأجر في حال استمراريتها لمدة من الزمن، ولا يجوز لصاحب العمل أن يقوم بإلغاء هذه المكافأة والبدل، فإن كانت الدولة قد ألزمت صاحب العمل بذلك الذي لا يمكن مقارنة إمكانياته وموارد دخله بما تملكه الدولة من إمكانيات، فمن باب أولى أن تلتزم الدولة بعدم المساس بما قررته من بدلات استمرت لمدة ثلاث سنوات، حيث يرى الموظف أنها باتت حقاً مكتسباً لا يجوز المساس به. وأكد "نايف بن سلطان الشريف" -أستاذ القانون الاقتصادي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة- على أن بدل غلاء المعيشة الذي جاء كي يعالج التضخم لن يستمر العمل به بعد نهاية مدته، إلاّ إذا صدر قرار جديد يتضمن استمرار العمل بما قضى به. وقال: "من المتوقع في ظل تزايد غلاء المعيشة أن يصدر قرار من مجلس الوزراء يتضمن استمرار صرف البدل، لا سيما في ظل المعطيات الاقتصادية المحلية المتمثلة في التحديات المعيشية التني يواجهها المواطن، ومن أهمها ثبات سلم رواتب الموظفين، وثبات مقدار العلاوة السنوية، واستمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وارتفاع نسبة البطالة، كل هذا يؤكد أن البدل لن يتوقف عند نهاية عام 1431ه، ورغم هذا فإنه ينبغي على الدولة دراسة مسببات المشكلة – غلاء المعيشة –؛لأن السيناريوهات المحتملة – تمديد البدل لمدة ثلاث سنوات قادمة أو ضمه للراتب الأساس لن تحل مشكلة غلاء المعيشة بشكل جذري-". وأضاف: أعتقد أنه يجب أن يكون هناك حلول عملية للمشكلة، وهذه الحلول تتطلب من الدولة تنفيذ إستراتيجية تتعلق بإدخار الموظفين كتلك التي تتبعها الشركات الكبيرة كشركة أرامكو، وأيضاً ينبغي التفكير بربط الريال بسلة عملات بدلاً من ربطه بالدولار الأمريكي، ومنح المواطنين تسهيلات ائتمانية ميسرة كي يتمكنوا من شراء مساكن؛ لأن رواتب شريحة واسعة من الموظفين تذهب لقاء دفع إيجارات الشقق، وفرض زكاة على العقارات والمخططات، وتأميم الدولة للمخططات غير المستغلة ومنحها للموظفين الذين لم يسبق لهم الحصول على منح عقارية، وإلزام الجهات الحكومية بالتأمين الصحي على الموظفين وأسرهم، وتطوير مستوى التعليم العام، وتفعيل دور حماية المستهلك للحد من ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات غير المبررة، وسن نظام للتسعير الجبري للسلع والخدمات الضرورية، وفتح المجال للاستثمار في القطاعات الخدمية بغرض إيجاد منافسة تخدم مصلحة المواطن، كذلك تفعيل دور الجهات الرقابية على الأسواق والخدمات وضبط المخالفات وفرض العقوبات والتشهير بالمخالفين، وتأسيس جمعيات تعاونية تعنى ببيع المواد الغذائية والصحية بسعر التكلفة للموظفين الحكوميين، وإيجاد حلول للبطالة.