عمدت الهنوف محمد (23 عاماً) إلى توديع صديقاتها المضافات في قائمتها الخاصة في برنامج «ماسنجر بلاكبيري»، (المحظور بقرار حكومي)، بطريقة مبتكرة، من طريق استخدامها خدمة «البورد كاست» لإرسال مطلع أغنية شهيرة للفنان عبدالكريم عبدالقادر لتوديعهن «وداعية يا آخر ليلة تجمعنا... وداعية أعز جوال يودعنا». ولم تخل نظرة مدمنة «البلاك بيري» الحزينة على إيقاف الخدمة من بصيص أمل، إذ أبرقت لصديقاتها تقول: «ليلة ويا عساها تعود... عسى الله يصبر الموعود... أنا بعدك أمل مفقود... دنيا بلا معنى بلا بلاكبيري». وتقول الهنوف محمد ل«الحياة»: «يعتبر البلاكبيري وسيلة مهمة للتواصل مع الصديقات في زمن أصبحت فيه الزيارات تتم على نطاق ضيق بسبب الانشغالات اليومية. وإن كنت لا أعترض على قرار إيقاف الخدمة، خصوصاً أنه مرتبط بإجراءات تنظيمية، فإنني أشعر بغصة إبان توديعي لخدمة قربتني من صديقاتي طوال ال 24 ساعة بسهولة ومن دون قيود». ووسط لحظات الوداع المُرة والغصة، تتوحد أمنيات الهنوف وصديقاتها من مدمنات التواصل عبر«البلاكبيري» على أمل توقف عقارب الساعة، وتأجل قرار الحظر، وكأن لسان حالهن، يقول: «لحظة يا بقايا الليل لحظة... لحظة ما بقالي حيل... حسيت أني بأنحرم شوفي... مقدر أوادع قطعة من جوفي». وبعيداً من ذلك، يرسل الواقع صورة جديدة للفراق، تحطم الأمنيات وتعلن أن القرار نافذ مع مطلع شمس يوم الجمعة، لذا على الهنوف وصديقاتها البحث عن بدائل تخفف من أعراض إدمان «البلاك بيري»، التي لا يراها الدكتور جمال الطويرقي استشاري الأمراض النفسية في مستشفي الحرس الوطني في الرياض أمراً مستغرباً، ويقول: «إن مستخدمي جهاز «البلاك بيري» سيدخلون في حالات متفاوتة من الأزمات النفسية، والتوتر، وردات فعل غير متزنة مع الآخرين بسبب فقدان الخدمة بشكل مفاجئ». وأضاف: «إن مدمني «البلاكبيرى» سيحاولون إيجاد البدائل لتلك التقنية، وهذا ما سيدخلهم في حالات من الغضب والتوتر، خصوصاً أنهم سيفتقدون عمليات التواصل الاجتماعي التي كانوا يمارسونها مع أصدقائهم يومياً، وعلى مدار الساعة»، مشيراً إلى أن الإحساس بالفقدان للأشخاص وعدم القدرة على التواصل معهم بذات السهولة والمرونة اللتين كان يوفرهما «البلاكبيرى» سيولدان لديهم شعوراً بالعزلة ويعزز الإحساس بالفراغ والوحدة. وحدد الطويرقي المدة الزمنية لفترة عدم الاتزان التي سيمر بها مستخدمو «البلاكبيرى» بعد انقطاع الخدمة في فترة تتراوح ما بين ستة أسابيع كحد أدني إلى ستة أشهر كحد أعلى قبل تجاوزهم الصدمة، موضحاً أن تحديد فترة تجاوز الصدمة لفرد ما تعتمد على مدى تعلقه بالجهاز ومقدرته على إيجاد البدائل من الأجهزة الأخرى التي يمكن أن توافر خدمات مشابهة، وقال: «إن فترة إيجاد البدائل من الفترات المؤثرة نفسياً على الفرد، خصوصاً إذا أيقن أن البديل هو في العودة إلى الأساليب القديمة للتواصل عبر الإنترنت»، مشيراً إلى أن الحالات العصبية والتوتر والقلق التي ستظهر على مستخدمي «البلاكبيرى» ليست بالشديدة ولا يمكن أن تصل إلى حد الإصابة بالاكتئاب أو الإقدام على الانتحار!.