قال السياسي والخبير الإعلامي الألماني البارز يورغن تودنهوفر إن قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي أولى بوضعه في قفص الاتهام وليس رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، واعتبر انقلاب السيسي وإطلاقه الرئيس المخلوع حسني مبارك انتصارا للثورة المضادة بوسائلها غير الديمقراطية وعنفها الدامي. وقال تودنهوفر الذي شغل سابقا منصب رئيس لجنة التسليح في البرلمان الألماني (بوندستاغ) في بيان نشره على موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن توجيه تهمة القتل لمرسي يعتبر وضعا مقلوبا لأن الرئيس المصري الذي أطاح به الانقلاب شدد دائما على دعوة أتباعه للسلمية في الاحتجاجات. وأضاف أن محاكمة مرسي مجرد استعراض يظهر أن ما يجري هذه الأيام بالقاهرة يجسد قانون الأقوياء وشرعة المنتصر وليس له علاقة بالعدالة أو إقرار الحق. ورأى أن ما اقترفه السيسي منذ انقلابه في صيف 2013 وإزهاقه لألفي روح فاق ما ارتكبه مبارك من تعد وحشي على المتظاهرين في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. وذكر تودنهوفر الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة بوردا الألمانية العملاقة وعايش ثورة 25 يناير، أن بقايا نظام مبارك ممثلين بجهازه القضائي وقادة جيشه، الذين لم يكونوا مستعدين للتخلي عن ذرة من نفوذهم وسلطانهم، سعوا منذ يومهم الأول بعد سقوط الدكتاتور إلى إعداد ثورتهم المضادة للإجهاز على ثورة ميدان التحرير. وأشار إلى أن نظام مبارك القديم صعّد من مقاومته بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين بالانتخابات البرلمانية في ديسمبر/كانون الأول 2011 وانتخاب مرسي رئيسا للجمهورية، ولفت إلى أن هذا التصعيد تبدى في تعطيل الجهاز القضائي علنا لعمل الحكومة، ورفع الجيش المتحكم في معظم الاقتصاد المصري -بلا حياء- لتكاليف الحياة لإثارة عداء المصريين للرئيس مرسي وجماعة الإخوان. ونوّه السياسي الألماني البارز المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي -الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل- إلى أن الصراع الحالي على السلطة في مصر لم يحسم بعد ويحتاج إلى وقت مثلما احتاجت فرنسا 80 عاما بعد ثورتها لإقامة ديمقراطية مستقرة، وانتظار ألمانيا الغربية 30 عاما وشقيقتها الشرقية السابقة 70 عاما لتحقيق الهدف نفسه. وقال تودنهوفر إن التجارب التاريخية للثورات وما يعقبها من ثورات مضادة تظهر أن المصريين تنتظرهم سنوات من الاضطرابات وعدم الاستقرار ليتخلصوا بعدها من الانقلابيين المتوقع عجزهم مثلما عجز مبارك. وخلص إلى أن البديل الوحيد لتجنيب مصر طريقا دمويا طويلا هو إجراء مفاضلة انتخابية حرة بين مرسي والسيسي. وأوضح أن هذه الانتخابات ستحدد خيار المصريين الحر بين رئيس ديمقراطي منتخب وانقلابي مستبد، وبين الديمقراطية وسلطة العسكر. وختم بأن هذا يتطلب خيالا وشجاعة يفتقدهما السيسي وامتلكهما المتظاهرون المصريون يوم 11 فبراير/شباط 2011.