وصف الإعلامي عبدالعزيز الهدلق تغطية أحداث كأس العالم بمنزلة دورة تدريبية ليس لها نظير بالنسبة للإعلامي؛ فمهما كانت خبرة الإعلامي كبيرة وطويلة في ميدان الإعلام، فإنه إن لم يحضر كأس العالم، ويشارك في تغطيته فستبقى خبرته ناقصة. وأكد الهدلق أنه يرثي حال الإعلامي في الوقت السابق، لكنها في ظروف تلك الفترة كانت عادية، أما إذا نظرنا لتقنيات اليوم في الاتصال، فسنجد فرقا كبيرا، ونرثي لحالنا في تلك المرحلة. *متى بدأ مشوارك مع كأس العالم؟ * بدأ مشواري منذ كأس العالم بأمريكا 94، التي تأهل لها المنتخب الوطني لأول مرة في تاريخه؛ حيث كنت أحد أعضاء الوفد الإعلامي، الذي رافق المنتخب، وقام بتغطية مشاركته في ذلك المونديال التاريخي. والمونديال الآخر الذي حضرته وشاركت فيه كإعلامي كان عام 2006 بألمانيا، وطبعا مونديال أمريكا هو الأقرب إلى نفسي؛ لأنه الأول، ثم لمشاركة المنتخب المشرفة، ونتائجه الرائعة، وتأهله للدور الثاني من البطولة كإنجاز سعودي وعربي وآسيوي كبير وتاريخي. *ماذا أضافت لك المشاركة الإعلامية في كأس العالم؟ * حضور المناسبات الرياضية الكبرى، وعلى رأسها كأس العالم هي بمنزلة دورة تدريبية ليس لها نظير بالنسبة للإعلامي. فمهما كانت خبرة الإعلامي كبيرة وطويلة في ميدان الإعلام فإنه إن لم يحضر كأس العالم، ويشارك في تغطيته، فستبقى خبرته ناقصة. فالإعلامي المشارك يرى الإعلاميين المحترفين من كل بقاع الأرض، ويشاهد كيف يعملون، وكيف يغطون مثل هذه الأحداث الكبرى، فيستفيد منهم، فيحدث انتقال التجربة بالاحتكاك والمشاهدة. كما أن حضور مثل هذه المناسبات يوثق علاقات الإعلامي بالإعلاميين الآخرين من عرب وأجانب، وتتوسع دائرة علاقاته التي يحتاجها كثيرا في طبيعة عمله ونشاطه الإعلامي، إضافة إلى حصوله على كم هائل وضخم من المعلومات الرياضية التي قد لا تتاح عن بعد. كما أن المشاركة في هذه التظاهرات الرياضية العالمية ترفع قدرات الإعلامي من ناحية القدرة والمهارة الإعلامية، وتمنحه معارف جديدة في كيفية أداء وإدارة العمل الإعلامي المحترف. *حدثنا عن المواقف التي عاصرتها في المونديال؟ * في مونديال أمريكا 94 لم تكن وسائل وتقنيات الإعلام والاتصال قد تطورت بمثل ما هي عليه اليوم. فقد كنّا نستخدم التقنيات التقليدية لإرسال موادنا الصحافية لصحفنا في المملكة، وذلك عن طريق الهاتف والفاكس، فكنا نواجه صعوبة كبيرة، ولكنها في ظروف تلك الفترة كانت عادية. أما إذا نظرنا لتقنيات اليوم في الاتصال فسنجد فرقا كبيرا ونرثي حالنا في تلك المرحلة. فالآن تستطيع من خلال الهاتف الذكي، الذي لا يتعدى حجمه كف اليد، كتابة المواد الإعلامية، والتصوير، وتسجيل الحوارات بالصوت والصورة، وإرسال المواد الإعلامية مباشرة للصحيفة؛ لتنشر في الوقت نفسه سواء عبر الموقع الإلكتروني أو حسابات التواصل الاجتماعي. انطلاق صافرات الإنذار بسبب «شيشة» كانت أبرز المواقف الطريفة وفِي مونديال أمريكا، كنت أحرص على إرسال الصور من خلال الذهاب لمطار واشنطن الدولي، وتسليم فيلم الكاميرا لأي مسافر متجه للرياض على الخطوط السعودية لتسليمه للمجلة، حيث كنت أعمل في مجلة اليمامة. وبحكم أنها مجلة أسبوعية، فقد كانت طبيعة التغطية مختلفة عن الصحف اليومية؛ حيث تعتمد المجلة على التقارير والتحقيقات المصورة وكذلك المقابلات. وكنت أَجِد تعاونا كبيرا من المسافرين السعوديين لتسليم الفيلم ومعه بعض المواد الصحافية المكتوبة. وإذا لم أجد مسافرا كنت أسلمها لأحد أفراد طاقم الطائرة، الذي يقوم عند الوصول للرياض بالاتصال على المجلة، فيحضر أحد الزملاء لتسلم الفيلم والمواد الأخرى. *حدثنا عن المواقف التي لا يمكن أن تنساها؟ * لا يمكن أن أنسى مونديال أمريكا بكامل تفاصيله؛ لأنه أول حدث رياضي كبير أحضره في حياتي الإعلامية بعد كأس آسيا 88، التي فاز بها المنتخب السعودي. وللمنجز الكبير والتاريخي الذي حققه الأخضر في تلك المناسبة. والموقف الذي لا أنساه في ذلك المونديال أنني حجزت سكنا في فندق مختلف عن فندق الوفد الإعلامي؛ بسبب حرصي على إنهاء ترتيبات السفر منذ وقت مبكّر، وندمت في البداية على أنني بعيد عن الزملاء الإعلاميين بعدما علمت بمقر سكنهم، ولكن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، حيث تفاجأت عند الوصول لواشنطن بأنني أسكن في الفندق نفسه الذي يقيم فيه المنتخب. وهذا ما سهل عملي الإعلامي بشكل كبير، وكنت أستطيع مقابلة اللاعبين في كل وقت ودون إجراءات أو ترتيبات مسبقة كما يحدث للزملاء الإعلاميين الآخرين، الذين كان وجودهم في مقر إقامة المنتخب محسوبا بدقة، ولا يستطيعون الصعود لأي غرفة، بل ينتظرون في اللوبي إلى أن يحضر لهم اللاعب أو الإداري أو المدرب المطلوب. أما أنا فبحكم سكني في الفندق، وكوني أحد النزلاء، فقد كنت موجودا بين اللاعبين في معظم الوقت، وكانوا أريحيين ومتجاوبين معي كثيرا، بل هناك ما هو أبعد من العمل الإعلامي. فقد كانوا يوجهون لي الدعوة لأشاركهم تناول بعض الوجبات كالغداء وهو المهم. ففي واشنطن، كانت المطاعم العربية بعيدة عّن مقر السكن، إضافة إلى اشتياقنا للأكل السعودي والوجبات المفضلة كالكبسة وغيرها، وكنت أجدها في معسكر المنتخب؛ حيث كان الجميع يعاملني معاملة أحد أفراد البعثة، وهذا شيء لا بمكن أن أنساه سواء للاعبين الذين كانوا وما زالوا بمنزلة أصدقاء كسامي الجابر ومحمد الدعيع وفؤاد أنور وإبراهيم الحلوة وغيرهم، إضافة إلى الوفد الإداري برئاسة المرحوم فهد الدهمش. *ومن الصديق الذي له مواقف مع الهدلق؟ * محمد العبدي مدير التحرير الشؤون الرياضية في جريدة الجزيرة هو بمنزلة أستاذ لي وصديق وزميل عمل ورفيق درب، امتدت علاقتنا قرابة الثلاثين عاماً، منذ بداياتي الصحفية وكنت أرى فيه الأستاذ والقدوة والمعلم، وهو بطبيعته رجل قائد، وصحافي حقيقي ومهني من الدرجة الأولى، وترافقنا في عدة سفرات ومناسبات رياضية ومنها مونديال أمريكا 94، وأدين له بأفضال كثيرة في مسيرتي الصحافية والإعلامية، فهو بحق مدرسة في الصحافة. *ما أجمل هدف شاهدته في المونديال؟ * بالتأكيد هدف سعيد العويران في مرمى بلجيكا بمونديال أمريكا 94، والمفارقة أن هذا الهدف سجل في مرمى برودوم، الذي درب الشباب فيما بعد، ولا أنسى هدف فهد الغشيان في السويد في مونديال 94، فقد كان جميلا رغم خسارة المنتخب 3/1، وكذلك هدف مارادونا في إنجلترا في مونديال 86، الذي انطلق فيه بالكرة من قبل منتصف الملعب، وتجاوز كل اللاعبين، ولَم يوقفه سوى شباك الحارس العظيم بيتر شيلتون، المشابه لهدف العويران، ولكن بأكثر جمالا واحترافية ومهارة. *ما الشخصية الرياضية التي لها فضل على مسيرة الهدلق في كأس العالم؟ * أي إعلامي سعودي من جيلي لا يمكن أن ينسى أفضال الراحل الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، فهذا الرجل قدم للوطن وللرياضة السعودية والعربية والإسلامية الشيء الكثير، وأفضاله على الإعلام الرياضي السعودي كبيرة، فقد كان حريصا على أن يكون الإعلام الرياضي السعودي في المقدمة دائما، وقدم له الدعم الكبير، وكنا كإعلاميين نجد منه تعاملا خاصا في كل مناسبة رياضية داخل المملكة أو خارجها. وكنا نتواصل معه مباشرة، كما كان الأستاذ منصور الخضيري والأستاذ خالد الحسين بمنزلة الجسر القوي والمتين والأمين الذي يربط رجال الإعلام الرياضي بالأمير فيصل بن فهد، ولهما أفضال كثيرة على الإعلاميين الرياضيين في تلك المرحلة، وكانا بمنزلة السند لكل الإعلاميين، نجد فيهما الداعمين، وكذلك المساندين عند حدوث أي زلة أو عثرة، (وما أكثرها) وكانا يقفان في صف الإعلامي ويدعمانه بشكل كبير. *ما المباراة الأجمل لك في كأس العالم؟ * مباراة البرازيلوإيطاليا في مونديال 82 بإسبانيا تاريخية ولا تنسى، كان خلالها منتخب البرازيل بمنزلة منتخب الأحلام بقيادة سقراط ومجموعة سخرت كرة القدم بقيادة المدرب العظيم سانتانا، ولكنهم هزموا من إيطاليا 3/2، كما لا أنسى مباراة الأرجنتين وهولندا في نهائي مونديال 78، كانت جميلة بكل المقاييس الفنية. *موقف طريف لك في المونديال؟ * في أحد المونديالات ولن أذكر تاريخه حتى لا يُعرف اسم الشخص؛ لأن الواقعة هي الأهم وليس اسم الشخص الذي حصل معه الموقف. فقد دوت صافرات الإنذار في الفندق بنشوب حريق، وهرع رجال أمن الفندق لتقصي الأمر وإنقاذ المحتجزين، وكانت المفاجأة أن كاشف الدخان قد أطلق الإنذار بسبب إشعال أحد الزملاء الجمر في شيشته التي أحضرها معه، وبدأ في الاستمتاع بتدخينها، فقلب أحوال الفندق رأسا على عقب، وأحدث إرباكا كبيرا للإدارة والنزلاء فيما هو مستمع بأرجيلته، إلى أن دخل عليه الأمن وصادر شيشته، وأنذروه بعدم تكرار الفعلة. كما حدث موقف طريف مماثل لأحد الزملاء الذي سقطت شيشته على أرض الغرفة، فأحرقت كامل الموكيت، وكان في موقف حرج للغاية مع إدارة الفندق التي غرمته قيمة التلفيات. *أي إضافة تريد إضافتها متعلقة بكؤوس العالم الماضية لك المساحة؟ * أشكر لكم استضافتي وإعطائي هذه المساحة، كما أوجه تحياتي في هذه المناسبة للزميلين والأستاذين عايض الحربي وصالح الحمادي اللذين كانا رفيقي رحلة مونديال ألمانيا 2006، واستمتعت كثيرا بصحبتهما ومرافقتهما، وكانا نعم رفيقي الرحلة الإعلامية. فلهما كل تحية وتقدير. الهدلق مع محمد التويجري والدكتور صالح الحمادي وخلف ملفي في مونديال 2006 إيطاليا هزمت البرازيل في مونديال 82 مارادونا سجل هدفاً تاريخياً في إنجلترا صالح الحمادي محمد العبدي