تواصل "الرياض" استعراض التاريخ الكروي للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2018، والذي سيقام في روسيا الصيف المقبل، ونبدأ اليوم مع منتخبات المجموعة الثانية من البطولة، والتي تضم البرتغال وإسبانيا والمغرب وإيران، والبداية مع بطل مونديال كأس العالم 2010، منتخب إسبانيا الذي استطاع أن يبهر العالم في مونديال أفريقيا، ويتوج نفسه بلقب البطولة للمرة الأولى بتاريخه الكروي. "فاندالوسيا" و"أندالوسيا" هما الاسمان التاريخيان للدولة التي تتخذ موقعها جنوب غرب قارة أوروبا، حتى جاء المسلمون وحكموها وأصبحت تسمى الأندلس، وبعد أن سقطت بلاد الأندلس، قامت الدولة الجديدة تحت اسم إسبانيا، وهو الاسم المختلف حول سبب التسمية به، فقيل إنه مشتق من إسبانياد البونيقية والتي تعني الأرانب أو الحافة، وبهذا الاسم إشارة إلى الموقع الجغرافي للدولة التي تتواجد على الطرف الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وقيل مشتق من إزبانا وهي كلمة باسكية ومعناها الحدود أو الحافة، وذلك إشارة إلى أن الدولة تتشكل في الجنوب الغربي لقارة أوروبا. البريطانيون نشروا كرة القدم لعب البريطانيون دوراً كبيراً في إنشاء كرة القدم، وهو استمرار لدور بريطانيا في نشر اللعبة حول العالم، فلم تكن إسبانيا أول الدول التي تضع فيها الجاليات البريطانية أو العمال البريطانيين بصمتهم في إنشاء ثقافة كروية داخل البلد، ففي أواخر القرن التاسع عشر ابتدأ العمال البريطانيون في الركض وراء قطعة مستديرة، فداخل أرض محددة باللون الأبيض يسعى كل من فيها لالتقاط هذه القطعة المستديرة ويتجه بها نحو جهة اللاعب المنافس، لم يكن الأمر إعجازياً على الإسبان حتى تعرفوا على أن هذه القطعة الصغيرة حجماً، تسمى كرة قدم وهي لعبة جديدة بدأت في غزو المجتمع الدولي، ولم يستمر ذلك طويلاً حتى عاد عدد من الطلاب الإسبان المبتعثون للدراسة في بريطانيا وهم يحملون هذه الثقافة الجديدة، وفي أفكارهم كرة القدم وتتملكهم الرغبة في إدخالها إلى دولتهم ونشرها بين الشعب. إشبيلية من أوائل الأندية اختار البريطانيون مدينة إشبيلية في الاندلس، لإقامة أول فريق كروي، وذلك عام 1890م وابتدأ النادي نشاطاته الكروية، وفي عام 1905 تملك الإسبان إدارة النادي الأندلسي وتمت إعادة تأسيسه في حي النربيون في إشبيلية، وذلك على يد خوسيه لويس غاييغو أرنوسا، ويرى بعض المؤرخين الرياضيين في إسبانيا أن تأسيس نادي ريكرياتيفو سبق تأسيس إشبيلية بعام، ففي عام 1889 تشكلت ألوان ريكرياتيفو في الأندلس وأبصر الحياة، وتأسس نادي ريال مدريد عام 1902، وقبله بأعوام قليلة تأسس برشلونة في عام 1899م، وهو الخصم اللدود لفريق العاصمة مدريد. المباراة الأولى في عام 1890 لعبت أول مباراة رسمية في إسبانيا، وتحديداً في الأندلس حيث التقى إشبيلية وريكرياتيفو فوق معشب ميدان سباق الخيل، وانتهت المباراة بفوز إشبيليه 2/0، وشهدت قمصان كلا الفريقان مشاركة عدد من اللاعبين البريطانيين في المباراة، وتعتبر هذه المباراة هي التاريخ الحقيقي لبدء انتشار كرة القدم في المجتمع الإسباني، وسبباً في انتشار الاندية الرياضية في المدن الإسبانية، التي اختارت أن تخوض منافسات هذه اللعبة وتقبل التحدي بها. اتحادات رياضية في ظل انتشار كرة القدم حول إسبانيا، وارتفاع عدد الأندية التي ترى النور، كان لابد من وجود جهة رسمية تدير هذه الحركة الرياضية، فانتشرت فكرة تأسيس عدد من الاتحادات الرياضية في إسبانيا، ولعل أبرزها الاتحاد الرياضي لكرة القدم في إقليم كتلونيا، وهو الاتحاد الأول تأسيساً في إسبانيا وذلك عام 1900، وتأسس اتحاد رياضي آخر في إقليم الباسك، وفي عام 1909م تم تأسيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم لتنضم تحت جناحه هذه الاتحادات المترامية في عدد من المدن والأقاليم الإسبانية. أول بطولة كانت ومازالت الحركة الرياضية في إسبانيا، صراعاً مستمراً بين العاصمة مدريد وبين إقليم كتلونيا، فبيعداً عن التنافس المستمر بين ريال مدريدوبرشلونة، إلا أن هناك تنافساً مختلفاً بين العاصمة والإقليم منذ الأزل، فقد قام اتحاد كرة القدم الكتلوني بإنشاء مسابقة كروية أطلق لها اسم دوري كتلونيا ويضم أندية برشلونة وإسبانيول وعدداً من أندية المقاطعة، فيما أطلق بعض المنتمين إلى كرة القدم في العاصمة الإسبانية بطولة كأس الملك وذلك عام 1903م والتي تعتبر واحدة من أقدم البطولات الأوروبية، وانطلقت مسيرة الدوري الإسباني عام 1927م وذلك على يد ألفارو تريخو واستطاع برشلونة أن يحقق أول ألقابها ويعود باللقب إلى كتلونيا. ولادة منتخب إسباني بمجرد أن قام الاتحاد الإسباني لكرة القدم على أقدامه، وأصبح يمتلك حظوة وحضوراً في القارة الأوروبية، تشكل المنتخب الإسباني بألوان حمراء وبيضاء مستوحاة من علم البلاد، ليكون ممثلاً للدولة في محافل الكرة العالمية والقارية، وكانت مشاركة إسبانيا الأولى في دورة الألعاب الأولمبية عام 1920، واستطاع منتخب إسبانيا رغم مشاركته الأولى في بطولات عالمية أن يحقق الميدالية الفضية، وفي كأس العالم الأولى عام 1930 غاب العلم الإسباني عن التواجد في البطولة، ولكنه سجل حضوره الأول في كأس العالم النسخة الثانية في عام 1934 والتي أقيمت فوق ملاعب إيطاليا، واستطاعت إسبانيا أن تصل إلى ربع النهائي، وكان خصمها في هذا الدور هو المنتخب المستضيف وبعد أن تعادل المنتخبان في المباراة الأولى، تم إعادة المباراة لتتنصر إيطاليا على إسبانيا 1/0. مسيرة «الماتادور» تسببت الحرب العالمية الثانية في إيقاف كأس العالم، وفي عام 1950 عادت الحياة مجدداً إلى كؤوس العالم ، واستطاعت إسبانيا أن تتصدر مجموعتها قبل أن تخسر في دور ربع النهائي وتحتل المرتبة الرابعة، وتحت قيادة خوسيه فيلالونغا تأهلت إسبانيا مجدداً إلى كأس العالم 1962م لكن حضورها اقتصر على الدور الأول في مشاركة مخيبة للآمال، وتعتبر بطولة كأس العالم عام 1986 واحدة من أفضل المشاركات المميزة لمنتخب إسبانيا باستثناء نسخة أفريقيا عام 2010، ففيها استطاعت إسبانيا أن تعبر دور المجموعات، وتلتقي مع منتخب بلجيكيا في نصف النهائي والتي هزمت إسبانيا بشق الأنفس عن طريق ركلات الترجيح. كأس العالم عام 1982 قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم أن تكون ملاعب إسبانيا، هي الوجهة الجديدة لمباريات كأس العالم ، وذلك بعد أن قررت ألمانيا الانسحاب من السباق على ملف استضافة البطولة، لتنطلق الكأس في 14 مدينة إسبانية، وكان أمل منتخب إسبانيا كبيراً في تحقيق إنجاز جديد لبلادهم لاسيما وأن البطولة تلعب فوق ملاعبها وبين جماهيرها، ولعبت إسبانيا إلى جانب إيرلندا الشمالية وهندوراس ويوغوسلافيا، واستطاعت أن تعبر بوصافة المجموعة إلى الدور الثاني، لتجد نفسها بالمجموعة الثانية مع ألمانيا الغربية وإنجلترا، ولم تستطع الصمود والبقاء في البطولة فغادرت من الدور الثاني بعد أن خسرت أمام المانيا وتعادلت مع إنجلترا. أبطال للمرة الأولى كان عهد الكرة الإسبانية بتحقيق لقب جديد، يعود إلى منجز عام 1964 حين توج المنتخب الإسباني نفسه بطلاً لأمم أوروبا، وفي عام 2008 دخلت فرقة ديل بوسكي بطولة الأمم الأفريقية، كانوا ضمن المرشحين لتحقيق اللقب في ظل امتلاكهم لعدد من النجوم المؤثرين في كرة القدم العالمية، لكن قدرة استخراج أفضل ما لدى اللاعبين كانت موطن شك لكثير من الرياضيين، وفوق أرضية الملعب ظهر المنتخب الإسباني قوياً ومتماسكاً واستطاع أن يعبر دور المجموعات دون أي خسارة، وفي ربع النهائي تجاوز إيطاليا بركلات الترجيح، وفي نصف النهائي ألحقوا بروسيا هزيمة مذلة 3/0، وجاءت المباراة النهائية لتضعهم خصوماً للمنتخب الالماني، واستطاع لاعبو إسبانيا أن ينتصروا على الألمان 1/0 ويتوجوا أنفسهم أبطالاً لأوروبا. إسبانيا.. بطل أشبه للخيال رؤية الحارس إيكر كاسياس، مرتقياً فوق منصة ملعب ستاد البنك الأول في جوهانسبرغ، ويحمل بين يديه لقب كأس العالم، إسبانيا هي البطل الجديد لكؤوس العالم، هو العنوان الذي سيطر على صحف العالم الكروي جميعاً، استطاع المخضرم ديل بوسكي وهو يقف على دكة بدلاء منتخب إسبانيا، أن يصنع منتخباً قوياً وقادراً على تحقيق إنجاز جديد للكرة الإسبانية، كان الجميع يثق أن منتخب إسبانيا تطور عما سبق من سنوات، لكن قدرته على تحقيق لقب كأس العالم لأول مرة ظل موطن شك، إلى حين انطلق لاعب الوسط اندريس انسيتا وخلع قميصه الأسود، وأخذ يجوب ملعب المباراة النهائية محتفلاً بهدفه القاتل في شباك هولندا، أصبح لازماً على الجميع أن يؤمنوا في قدرات إسبانيا وتطورها. سيطرة إسبانية لم يتشبع لاعبو منتخب إسبانيا بعد تحقيق اللقبين القاري والعالمي، ففي بطولة أمم أوروبا عام 2012 دخل المنتخب الإسباني كواحد من أبرز المرشحين لتحقيق اللقب، واستطاع أن يعبر دور المجموعات بكل نجاح، وفي ربع النهائي اصطدم بقوة المنتخب الفرنسي ورغم أنه سجل هدفا مبكراً عن طريق لاعب الوسط تشافي ألونسو، إلا أن الديوك الفرنسية ظلت تحاول العودة للمباراة، وفي الثواني الأخيرة عاد ألونسو مجدداً لتسجيل الهدف الثاني لبلاده الذي قتل به أحلام الفرنسيين ، وأمام منتخب البرتغال في نصف النهائي احتكم المنتخبان إلى ركلات الترجيح، وفي المباراة النهائية التقى منتخب إسبانيا بنظيره الإيطالي والحق به هزيمة تاريخية قوامها 4/0، وتوج نفسه بطل لأمم أوروبا 2012. هل انتهى عصر إسبانيا؟ خسارة تاريخية لحقت بمنتخب إسبانيا في كاس العالم 2014، هولندا تقسو على بطل المونديال الأخير 5/1، وشكوك تنتشر حول قدرت الإسبان على البقاء في البطولة، تشيلي تلحق بإسبانيا خسارة جديدة في الجولة الثانية وترمي بها خارج المونديال البرازيلي، في أمم أوروبا عام 2016 تجاوز منتخب إسبانيا دور المجموعات بشق الأنفس، وكان نتاج هذا الأداء الهزيل هو الخروج من دور ال16 على يد المنتخب الإيطالي بعد الخسارة 2/0، لتزداد الشكوك حول إمكانيات منتخب إسبانيا، ورغم أنه وصل إلى مونديال روسيا الصيف المقبل، إلا أنه يظل محاطاً بالكثير من الشكوك حول قدرته على البقاء في دائرة المنافسة أم ستكون مشاركته شرفية الصيف المقبل. ديل بوسكي قاد إسبانيا لتحقيق ثلاث بطولات هل انتهى العصر الذهبي لإسبانيا؟ إسبانيا توجت نفسها بطل العالم للمرة الأولى في البرازيل