قام وفد يضم نخبة من الخبراء والمهتمين بالشؤون السياحية من 30 دولة بزيارة لعدد من المعالم السياحية في منطقة عسير؛ وأبدوا دهشتهم لما تحتويه المنطقة من إرث تاريخي وسياحي جاذب؛ ومواقع تستحق أن تكون مزارات للسياح وقاصدي المنطقة، وقد زار الوفد قرى الغال، والزهراء في شعف آل حارث، وسد ضبوعي، إضافة إلى عدد من المواقع الأثرية والسياحية. وأوضح المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير المهندس محمد العمرة أن هيئة السياحة والتراث الوطني بالتعاون مع أمانة منطقة عسير تعكف حالياً على إعداد الدراسات والتصاميم اللازمة لمشروع بيئي وسياحي ضخم، يهدف إلى تحويل سد "ضبوعي" بمركز طبب غرب أبها إلى سد بيئي واستثماري مهم. وأشار العمرة إلى أن المشروع سيأخذ في الحسبان عدم المساس أو الإضرار بالطبيعة الخضراء البكر، التي يمتاز بها الموقع، مشيراً إلى أن المشروع يعد واحداً من عدد من المشاريع التي تهدف إلى جعل منطقة عسير وجهة سياحية مستدامة على مدار العام؛ ومهيأة لاستقطاب السياح، وإطلاعهم على المقومات السياحية التي تزخر بها عسير. وأشار عدد من أعضاء الوفد إلى أن القرى الأثرية والقصور التي تتميز بها تلك الجهة نالت اهتمام الوفد، ومنها أحد القصور بقرية الغال الذي بني قبل قرابة أربعة قرون حسب تأكيد أهالي القرية، والذي كان يستخدم للحماية، ويمتاز ببناء مرتفع على قمة أحد الجبال الشاهقة، ويتميز بجمال بنائه وبقائه متماسكاً طوال تلك الفترة الزمنية الطويلة. عضو المجلس البلدي بأمانة منطقة عسير عضو مجلس قبائل ربيعة ورفيدة وبني ثوعة الشيخ عامر بن عبدالله بن عامر أكد أن تطوير تلك القرى وإعادة ترميمها بما يضمن عدم المساس بهوية المباني الأثرية سيكون له أكبر الأثر في جعلها مزاراً هاماً؛ وقبلة للسياح؛ وزوار المنطقة مما يجعل ذلك ينعكس على تنمية وتطوير الأماكن المجاورة واستحداث عوامل جديدة للجذب السياحي والنزل البيئية والحدائق والمتنزهات العامة؛ وتوفير كل الخدمات التي تحتاجها تلك القرى. من جانبه أكد الشيخ محفوظ بن محمد آل مداوي نائب قرية الزهراء أن أهالي تلك القرى حريصون على الحفاظ على تلك المباني، وتطويرها بالشكل الذي يتلاءم مع هويتها ورونقها التاريخي؛ وجعلها مواقع تراثية سياحية تعود بالنفع على أصحابها أولاً ثم المنطقة والتي تستعد لفعاليات أكبر بعد أن تم اختيار أبها عاصمة للسياحة العربية عام 2017م. وأشار نائب قرية الغال الشيخ سعد بن يحيى آل صايل إلى أن عوامل التعرية وطول الزمن أثرت سلباً على جمال تلك القرى والقصور الأثرية؛ وأن أهالي تلك القرى يؤسفهم جداً مايشاهدونه من تؤثر واندثار لذلك الإرث الغالي على أنفسهم، إلا أنهم يفتقدون الطريقة والوسيلة والإمكانات التي يمكن أن تحافظ عليها، وتبقيها إرثاً ثميناً يتوارثه الأجيال، ورحب آل صايل بتحرك الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وأمانة منطقة عسير والذي يضاف إلى رصيد نشاطاتهما ومبادراتهما المميزة في المنطقة؛ مؤكداً أن ترميم وتطوير تلك القرى والقصور سينعكس على المكان والسكان؛ وسيحقق نقلة نوعية في إيجاد الخدمات التي ستكون رافداً آخر لأهالي تلك القرى. عضو مجلس شباب منطقة عسير عضو مجلس قبائل ربيعة ورفيدة وبني ثوعة محمد بن علي آل دوسري أشار إلى أن التحرك نحو تطوير وترميم تلك القرى الكثيرة والمتناثرة في منطقة عسير والتي لا تمثل منظراً جمالياً فقط، ولا تعتبر حجراً يسترعي انتباه العابر جمال تصميمه وإتقان بنائه، وروعة منظره فحسب، بل إن تلك الحصون والقصبات تحكي تراثاً إنسانياً، وحضارة تاريخية، وحقباً زمنية هي أساس لحاضرنا اليوم، وتأريخ لقصص وروايات وماضٍ عريق، ولازلنا نجد من يأتي ليبحث عن هذا الإرث ويستقرءُ فيه حقباً زمنية تركت عادات وتقاليد وموروث عظيم من أقصى بقاع الدنيا، ونحن أولى بذلك، ومن الواجب علينا أن نقدمه للقادم بطريقتنا التي توارثناها عن أصحاب المكان، وأكد آل دوسري على أن المهم قبل تطوير وترميم تلك القلاع والحصون والقرى والاستفادة منها، هو تطوير ثقافة الإنسان نفسه، ليكون قادراً على خدمة المكان، بعيداً عن تلك الأفكار التي عفا عليها الزمن والتي لاترى إلا بمنظار واحد، ومن جهة واحدة، وقال آل دوسري: "أدعو الجميع لتغليب المصلحة العامة، والتعايش مع الآخر، وبث روح الترحاب الذي اعتادت عليه تلك المنطقة وأهلها منذ الأزل، مؤكداً أن حديثه ذلك يأتي رداً على البعض ممن يرون أن تطوير القرى التراثية والسياحية، وترميمها قد يكن سبباً في الإساءة للمكان والإنسان، متناسين أن عادات وتقاليد أهالي هذه المنطقة ترتكز على الترحاب بالضيف، وإكرامه، وتقديم واجب الضيافة له دون مقابل، فكيف عندما يتم تحويل تلك القرى لأماكن سياحية يعود ريعها وفائدتها للمكان وأهله، وأكد على أن أهالي تلك القرى ومشائخها وأعيانها يعلمون تمام العلم بما هم مقدمون عليه، وأنهم يرحبون بتطوير قراهم والحفاظ عليها، وأن ذلك لن يؤثر أبداً على المرتكزات الدينية والشرعية التي نحرص عليها جميعاً، ونحافظ عليها، ونعتبرها خطاً أحمر لايمكن أن نسمح بتجاوزه من أيٍ كان، مثلما أننا لن نسمح لأحد أن يتسبب في تعطيل أي مشروع خدمي تنموي يرفع من شأن المنطقة ويسير بها نحو العالم الأول، في ظل توجيهات ودعم ورعاية قيادتنا الرشيدة، ومتابعة وحرص سمو أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز حفظه الله والذي دعم وشجع على تنفيذ مبادرة عسير وجهة سياحية على مدار العام، وكان من نتائج تلك المبادرة أن حصلت أبها على لقب عاصمة السياحة العربية لعام 2017م، وهذا مايجب أن نعمل من أجله جميعاً وأن يكون المواطن هو أول الداعمين لهذه المبادرة، لنحقق الهدف منها ولتبقى منطقة عسير الوجهة السياحية الأولى على مستوى المملكة.