قال الفلكي الدكتور خالد الزعاق، إن موسم الكنة يبدأ اليوم الإثنين، متوافقاً مع بداية موسم الذراع الثاني، مشيراً إلى استمراره 40 يوماً. وأشار إلى أنها تسمى الكنة أو كنة الصيف أو كنة الثريا، وهي لفظة مأخوذة من الشيء المكنون، أي المخفي وهو موسمٌ فاصلٌ بين الصيف التصويري والصيف الفعلي. وقال: "الكنة بين مواسم السنة يتصف بالمفاجآت من حرٍ ومطرٍ وغبارٍ ومدته 40 يوماً وهي خفاء الثريا عن الأبصار من باب الاصطلاح، أما من ناحية الواقع فتختفي قرابة الأسبوعين، وذلك بعد أن تلتهمها الشمس بلسان شعاعها ثم تظهر مرة ثانية بالجهة الشرقية قبيل شروق الشمس". وتحدث الزعاق عن "الثريا"، قائلاً: إنها من أهم نجوم السماء عند العرب لارتباطها الوثيق بحساباتهم للمواسم والتي يتوقف عليها معاشهم، ولجمالها الأخاذ والنابض في قلب السماء. وقال: "المولى - عزّ وجلّ - زيّن أعماق الفضاء بهذه المصابيح المتقدة التي اهتدى في ضوئها الفكر الإنساني إلى شيء من الإدراك الأسمى، ومن ذلك النور الذي يشتعل ويتوهج في أقطار السموات كلها (الثريا)، وكما ترى في أعماق الفضاء ترى في أغوار النفس، فالكواكب الكونية تضيء في أعماق الفضاء والجمال الأرضي يضيء في أعماق النفوس، وهي في لونها ذات بياض فضي وضيء يخترق العين حسناً وكأن ائتلاف الألوان الثلاثة فيها جملة مركبة معناها الجمال القوي الصحيح، هيفاء ملتفة لم يهبط جسمها ولم يرب، تملأ قلبك كما تملأ مكانها، وتنفجر لعينيك في الإصباح كما يتفجر أمام الظمآن ماءٌ من ينبوعٍ عذب، ووصف العرب الجميلات بالثريا تيمناً بها، فالجميلات إنما هن كواكب الأرض يدرن في أفلاك القلوب، ولست ترى فلكياً يرصد نجوم السماء إلا ولعينيه منظار تكبر فيه الأشياء أضعاف إلى أضعاف، فيدنو بالبعيد ويجهر الخفي، وعاشق الجميلة حين يهيم بها ويرصد منها نجم خياله في فلك أمانيه لا يلبث أن يرى الجمال قد جثم فيه الحس وبسط له ضوء الفكر، فإذا عينه في تكبير نجمة الأرض كذلك المنظار بعينه في تكبير نجمة السماء، فيا كبدي مما ألاقي من الهوى عند رؤية الثريا، وقد ترعرع في عرش ملكوتها وتحتها سهيل يرنو الاقتراب منها، وموسمها يشمل النصف الأخير من نظام السحب الصيفية". وأوضح الزعاق أن أمطار الكنة آخر الأمطار الصيفية وهي أمطارٌ تطيل فترة اخضرار الربيع ولا تنبت نباتات جديدة، وتحيي السبط والعرفج والثمام والسخبر والضعة والشيح والقيصوم، ولا تنفع جوف الأرض لتشكل الحزام الحراري تحت وجه الأرض والذي يعمل على تبخير المياه بشكل سريع مهما كانت غزارتها ونتيجة لهذا التبخر الشديد لوجود الحرارة الأرضية والجوية تتشكل لدينا السحب المحلية سريعاً وهذه السحب تتشكل نتيجة المنخفضات الجوية الحرارية التي تتكون بفعل التسخين والتي تسمى بموسم السرايات وهي السحب الركاميّة (السحب الصيفية)، وتعد هذه السحب من أضخم أنواع السحب وأشدها قتامة وأكثرها اضطراباً عندنا، ويرافقها عادة رعدٌ وبرقٌ وصواعق وزخاتٌ من المطر المشوب أحيانا ب "البَرَد" وعادة يسبق نزول مطر الصيف هبوب رياح شديدة هوجاء غير مأمونة وغالباً ما تكون رياحاً غبارية، وأسباب تعاقب الغبار البغيض علينا خلال السنوات القليلة الماضية ترجع إلى أسباب بشرية وجغرافية وأخرى مناخية. وتوقع الزعاق أن يكون فصل الصيف القادم طويلاً على غير عادته، وأن يكون معتاداً من حيث الحرارة ولن يحصل فيه شذوذ، ومن سوء الطالع على مُحبي الصيد أن التذبذب المناخي المعاش الآن سيسبّب عدم استقرار الطيور المهاجرة لدينا فتتجاوز أجواءنا ما لم يحصل هدوءٌ خلال هذه الأيام.