ساعات طويلة يقضيها فى محل بيع الملابس الذى يمتلكه فى قرية «بلقينا» فى المحلة الكبرى، يعود بعدها إلى منزله ليبدأ ساعات أخرى من العمل المرهق، حيث يقضى معظم ليله فى كتابة المصاحف، وهى الهواية التى يستمتع بها كثيراً رغم ما تسببه له من إرهاق. «سعد محمد حشيش» الذى ترك دراسته الابتدائية، بسبب ظروف أسرته المادية فى ذلك الوقت، ندم بعد أن رأى من كانوا يشاركونه مقعد الدراسة قد أصبحوا أطباء ومدرسين، فكان ذلك حافزاً له كى يطور من نفسه ليرفع شأنه أمام الناس، وقال: «كان نموذج العقاد أمامى دائماً، وهو الرجل الذى حصل على الابتدائية فقط، وأصبح فيما بعد من أكبر مفكرى مصر، بدأت أطلع على صحف وكتب، وأقرأ فى كل شىء». 10 مارس 1996.. تاريخ دونه «حشيش» على أول مصاحفه، وهو تاريخ بداية كتابته لأول مصحف: «لم أكن أعرف أن الأمر سيكون بهذه الصعوبة، كتابة المصحف الواحد تستغرق حوالى 3 سنوات، كما أنها عمل شاق جداً وتحتاج إلى تركيز كبير لأنه لا يحتمل أى خطأ سواء فى الحروف أو العلامات، أكثر من مرة أصابنى اليأس والإحباط لأنه فى حال وقوع خطأ ولو فى حرف واحد أو علامة واحدة أضطر إلى كتابة الصفحة من جديد». كتب «حشيش» عدداً من المصاحف، كان أكبرها مصحف مساحته 75 x 50 سنتيمتراً، والمصحف الذى يكتبه حالياً ومساحته 100 x 70 سنتيمترا، الذى بدأ فى كتابته منذ عام كامل، وأنجز منه نصفه، أى أنه يستغرق عاما كاملا فى كتابته وعاما آخر أو يزيد قليلاً فى زخرفته، وكما أن «حشيش» لم يتعلم «الخط العربى» فى المدارس، لم يتعلم أيضا الزخرفة، وكانت بدايته معها عندما حاول عمل زخرفة لهوامش أكبر مصحف انتهى من كتابته، وقتها ذهب إلى مركز كمبيوتر، فطلبوا منه 800 جنيه، فقرر تعلم الزخرفة عن طريق بعض الكتب الخاصة بهذا الشأن. أرجع «حشيش» التكلفة العالية لكتابة المصحف إلى «عدم المعرفة»: «كنت أشترى كل شىء، أما الآن فقد تعلمت طرق صناعة الحبر، عن طريق خلط مواد أحصل على بعضها من عند العطارين، واستغنيت عن الأقلام وتعلمت حالياً الكتابة بالبوص»، وهو الأمر الذى خفض من تكلفة المصحف الذى أكتبه حالياً.