يقول عمر بن الخطاب: "لا تعلموا أولادكم عاداتكم فقد خُلقوا لزمن غير زمانكم" يبدأ صراع الأجيال من مفهوم العبارة في حد ذاتها. فالمنزل يضم حتماً جيلين متتاليين لا ينظران إلى الأمور نفسها بالعين ذاتها، فالوالدان يتمنيان الأفضل لولدهما، يحتضنانه صغيراً ويحلمان بما سيكون وكيف سيكون عندما يكبر!!... وعندما يكبر يجدان أنه تحوّل كائناً مستقلاً في شكله، وتفكيره لا يمت الى حلمهما بصلة، فهما خطّان متوازيان قد لا يلتقيان، إذ أن وادياً عميقاً يفصل بينهما ولن تستطيع أي ثقافة أو ذهن منفتح أو عقل راجح ردمه كلياً.. برزت المشكلة هنا بين جيل من الآباء المحافظين المتمسكين بالموروث والتقاليد القديمة التي نشأوا عليها وجيل من الشباب نشأ في ظل انفتاح اجتماعي وثقافي واسع وبالتالي رفض كل ما هو تقليدي وموروث. فالمشكلة لا تقف عند حد الاختلاف بل تتعدي ذلك إلى مستوى الصراع، حيث يتّهم جيل الآباء جيل الأبناء بالسطحية، التمرد، التهور واللامبالاة ..والنظر إليهم على أنهم غير ناضجين ولم تكتمل شخصياتهم بعد وتنقصهم العقلانية.. فيبدأ سيل النصائح و التوجيهات المستمرة.. وفي المقابل ينظر إليهم أبناءهم كجيل مُتحجّر لتمسكه بمبادئ جامدة في التعامل معهم وثقافة رجعية -متخلّفة- وعدم قدرته على التعايش مع المتغيرات التي تعتري المجتمع، إضافة إلى أنهم كانوا وما يزالوا يعيشون في حيز ضيق من العالم ويتعاملون مع أشخاص بعينهم دون أن يحاولوا تغيير هذا الواقع لذلك نجدهم يحاولون فرض رأيهم في جميع الأمور حتى ولو كان خاطئاً. وكل هذه التهم المتبادلة ليست إلا دلالة على غياب الوعي بضرورة الاختلاف بين جيل وآخر تجاوباً مع اختلاف الزمان والمكان واختلاف نمط الحياة الفردية والجماعية. لقد بات من الواضح أن الحوار والإيمان بالآخر هو الحلقة المفقودة بين الأجيال والتي من شأن غيابها زيادة الفجوة بين جيل الآباء والأبناء، وستظل المشكلة قائمة بين الأجيال مالم نجد أبناء لا ينظرون إلى آبائهم بوصفهم جيلاً قديماً متخلفاً يصعب التفاهم معه، وآباء يميلون إلى الحوار مع أبنائهم ويثقون بقدراتهم.. وبذلك فقط تصير العلاقة بين الأجيال علاقة تواصل وامتداد لا قطيعة وإلغاء. وفاء الخالد،، ماجستير ادارة وتخطيط تربوي،، جامعة تبوك