المصدر موقع : الشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله الحمد لله العلي الكبير المتفرد بالخلق والتدبير أعز أولياؤه بنصره وأذل أعداؤه بخذله فهو نعم المولى ونعم النصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما ... أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واذكروا أيام الله لعلكم تذكرون اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلكم تشكرون واذكروا أيام الله بخذل أعدائه ومن ولاهم لعلكم تتقون واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده يوم القيامة لعلكم توقنون أيها الناس إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة هو إنتصار للحق وذلة للباطل وأخذ للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى يوم القيامة لأن المؤمنين في كل زمان ومكان يسرون بنصر الله لأوليائه وخذل الله لأعدائه وفي هذا الشهر شهر المحرم كانت نجاة موسى عليه الصلاة والسلام وقومه من فرعون وجنوده فلقد أرسل الله موسى إلى فرعون بالآيات البينات والبرهان القاطع على نبوته أرسله الله تعالى إلى فرعون الذي تكبر على الملأ وقال أنا ربكم الأعلى فجاءه موسى بالآيات العظيمة ودعاه إلى توحيد الله خالق السماوات والأرض ورب العالمين فقال فرعون منكراً مكابراً وما رب العالمين أنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض وفي كل شئ له آية تدل على وجوده وربوبيته وعلى علمه وقدرته وعلى حكمته ورحمته وأنه الرب الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة كما أنه هو المنفرد بالخلق والتدبير قال فرعون لموسى (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الشعراء: من الآية23) فأجابه موسى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ)(الشعراء: من الآية24) فإن في السماوات والأرض وما بينهما من الآيات العظيمة الدالة على خالقها عز وجل ما يوجب الإيمان واليقين بأن الله عز وجل هو رب السماوات والأرض وما بينهما فرد فرعون ساخراً بموسى ومستهزئاً به ومحتقراً له قائلاً لمن حوله (أَلا تَسْتَمِعُونَ)(الشعراء: من الآية25) فأجاب موسى صلى الله عليه وسلم أجابهم مذكراً لهم بأصلهم وأنهم مخلوقون مربوبون وكما خلقوا فهم صائرون إلى العدم طريقة آبائهم الأولين فقال موسى جواباً لقوله (أَلا تَسْتَمِعُونَ)(الشعراء: من الآية25) قال (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)(الشعراء: من الآية26) وحينئذ بهت فرعون فادعى دعوى الكاذب المغضون فقال (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ)(الشعراء: من الآية27) فطعن بالرسول وبمن أرسله طعن بالرسول حيث قال إنه لمجنون وطعن بمن أرسله حيث اختار للرسالة من هو مجنون لا يعقل وإنما لجأ فرعون إلى هذا الجواب لأنه بهت وعجز عن أن يجيب ببرهان قاطع وعقل فأجابه موسى مبيناً من الأحق بوصف الجنون أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض ومالك المشرق والمغرب أم هو المنكر لذلك من الأحق بالجنون أهو المؤمن بالله أم المنكر لله عز وجل فقال موسى ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)(الشعراء: من الآية28) وفي هذا إشارة من موسى إلى أن هؤلاء القوم غير عقلاء لأنهم أنكروا ما هو أوضح الأشياء وأجلها وأعظمها فلما عجز فرعون عن مقاومة الحق وأفحمه موسى بالحجة والبرهان لجأ إلى ما يلجأ إليه العاجزون المتكبرون من الإرهاب والوعيد فتوعد موسى بالاعتقال والسجن قائلاً (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(الشعراء: من الآية29) تأمل أيها السامع لما قال لأجعلنك من المسجونين ولم يقل لأسجننك إنما قال لأجعلنك من المسجونين ليزيد في إرهاب موسى حيث يشعره أنه أي فرعون له من القوة والسلطان ما يمكنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حد تهديده إن اتخذ إلهاً غيره وما زال موسى صلى الله عليه وسلم يأتي بالآيات واضحة وضوح النهار وفرعون يحاول بكل جهوده ودعاياته أن يقضي عليها بالرد والكتمان حتى قال لموسى ( أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً)(طه:57-58) أي مكاناً مستوياً لا يحجب عن الرؤية فيه وادي ولا جبل أيها الأخوة إن موسى عليه الصلاة والسلام واعدهم وعد الواثق بنصر الله واعدهم يوم الزينة وهو يوم عيدهم في رابعة النهار ضحى قال عليه الصلاة والسلام ( مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً)(طه: من الآية59) فاجتمع الناس وأتى فرعون بكل ما يستطيع من كيد ومكر فقال لهم موسى حين اجتمعوا ذلك المجمع العظيم (قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طه:61) فوقعت هذه الكلمة الواحدة الصادرة عن إيمان ويقين وقعت بين الناس أشد من السلاح الفتاك إنها قنبلة فرقتهم فتنازعوا أمرهم بينهم وتفرقت كلمتهم وصارت العاقبة لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وأعلن خصومه من السحرة أعلنوا إيمانهم به لأنهم رأوا أمراً علموا يقيناً أنه من عند الله عز وجل وأنه ليس بقدرة المخلوقين (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) (الشعراء:46-48) وقالوا لفرعون حين توعدهم (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) (طه : 72-73) أيها المسلمون تأملوا نعمة الله على هؤلاء القوم السحرة كانوا في أول النهار كانوا سحرة كفرة وصاروا في آخر النهار مؤمنين بررة وما ذلك على الله بعزيز والله عز وجل يقبل القلوب يصرفها كيف يشاء ومع هذا الأمر البين العظيم لم يزل فرعون ينافي بدعوة موسى صلى الله عليه وسلم حتى ( اسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ) (الزخرف:54) قال الله عز وجل (فَلَمَّا آسَفُونَا) أو أغضبونا (انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) (الزخرف:55-56) وكان من قصة إغراقهم أن الله أوحى إلى موسى صلى الله عليه وسلم أن يسري بقومه ليلاً من مصر فاهتم لذلك فرعون اهتماماً عظيماً فأرسل في جميع مدائن مصر أن يحشر الناس للوصول إليه لأمر يريده الله عز وجل فاجتمع الناس إليه فخرج بهم في اسر موسى وقومه ليقضي عليهم حتى أدركهم عند البحر الأحمر (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء:61) البحر أمامنا فإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا وسيأخذوننا فقال لهم موسى ( كَلَّا) (الشعراء:62) أي لستم مدركين (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) أي سيدلني على ما فيه النجاة وهذا والله غاية الإيمان والثقة بوعد الله ونصره فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق بإذن الله عز وجل اثني عشر طريقاً فصار هذا الماء السيال بينها ثابتاً كأطوار الجبال فدخل موسى وقومه يمشون بين جبال الماء في طرق يابسة أيبسها الله عز وجل بلحظة يمشون فيها آمنين فلما تكاملوا خارجين وتعبهم فرعون بجنوده داخلين أمر الله عز وجل البحر أن يعود إلى حاله فانطبق على فرعون وجنوده حتى غرقوا عن أخرهم فلما أدرك فرعون الغرق قال (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(يونس: من الآية90) ولكن لم ينفعه الإيمان حينئذ فقيل له توبيخاً وتقريعاً وتنديماً (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس:91) أي أتؤمن الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين إن الإيمان بعد نزول الموت وبعد حلول العذاب لا ينفع قال الله عز وجل (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) (غافر:85) وماذا كانت النهاية قال الله تعالى في نهايتها (فَأَخْرَجْنَاهُمْ)(الشعراء: من الآية57) يعني فرعون وقومه (مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (24-29 الدخان) فأورث الله بني إسرائيل أرض فرعون وقومه المجرمين لأن بني إسرائيل حينذاك كانوا على الحق سائرين ولوحي الله الذي أنزله على موسى متبعين فكانوا وارثين لأرض الله كما وعد الله عز وجل ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) (الانبياء:103-106) أيها المسلمون أيها الناس إن هذه القصص التي يقصها الله علينا من أنباء من كانوا قبلنا إن فيها لعبرة لنا إن فيها لتزكية لمن يدعون إلى الله عز وجل وإن فيها لتهديداً لمن ينابذون دعاة الله عز وجل وإن نجاة نبي الله موسى وقومه من عدو الله فرعون وجنوده لنعمة كبرى تستوجب الشكر لله عز وجل ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر شهر المحرم فقال ( ما هذا ) قالوا يوم صالح نجى الله فيه موسى وقومه من عدوهم فصامه موسى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فأنا أحق بموسى منكم ) فصامه وأمر الناس بصيامه وسئل عن فضل صيام عاشورا فقال ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بعد ذلك بمخالفة اليهود بأن يصام العاشر ويوماً قبله وهو التاسع أو يوماً بعده وهو الحادي عشر وعلى هذا فمن أراد أن يصوم العاشر من هذا الشهر فليضف إليه التاسع فإن ذلك أفضل فإن لم يتمكن من صوم التاسع فليضف إليه الحادي عشر وإن صام الأيام الثلاثة التاسع والعاشر والحادي عشر وكان ممن عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر أجزأته هذه الأيام الثلاثة عن صيام الأيام الثلاثة من كل شهر ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصيام أفضل بعد رمضان فقال ( شهر الله المحرم ) وعلى هذا فيكون الصوم في هذا الشهر من أفضل الصيام بل هو أفضل الصيام بعد شهر رمضان اللهم إنا نسألك أن توفقنا لشكر نعمتك وحسن عبادتك اللهم قنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا اللهم هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم إنا نسألك أن تنصر المسلمين على أعدائهم في كل مكان اللهم كما نصرت نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم في يوم بدر وفي مواطن كثيرة ونصرت من قبله من المرسلين فانصر اللهم أمة محمد المتبعين لسنته على أعدائهم المخالفين لها الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم في كل مكان إنك جواد كريم إنك ولي ذلك والقادر عليه اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك وأنت حسبنا ونعم الوكيل اللهم من أراد بنا سوءاً فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه واهزم جنده اللهم وأشدد وطأتك عليه يا رب العالمين اللهم أنزل به بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم منا الدعاء ومنك الإجابة أنت الذي تتفضل بذلك كما قلت في محكم كتابك (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )(غافر: من الآية60) اللهم فإنا قد دعوناك فاستجب لنا اللهم أنصرنا على من ناوئنا وعادانا في دينك يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تكون في نحره وأن تقينا شره يا رب العالمين اللهم اخذله في كل مكان وفي كل زمان اللهم أكتب عليه الذل والعار إلى يوم القيامة إنك على كل شئ قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... الحمد حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كفر ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الفجر وأنور وسلم تسليماً كثيرا ... أما بعد فقد قال الله عز وجل (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) إن الزواج الذي جعله الله تعالى لنا إنما جعله من اجل هاذين الأمرين العظيمين المودة والرحمة بعد السكنى إلى المرأة وإن كثيراً من الأزواج نسأل الله لنا ولهم الهداية يسترقون المرأة استرقاقاً عظيماً أكثر مما ينبغي أن يكونوا عليه إن بعض الأزواج يقومون بالإساءة إلى زوجاتهم حتى ينفرن منهم إنهم يظلمونهن إما بالقول وإما بالفعل وإما بالإنفاق وإنهم يقولون لهن قولاً سيئاً يظلمونهن به حتى إن بعضهم نسأل الله العافية يلعن زوجته ويلعن أمها وأباها إذا كانت زوجته تستحق ذلك ولا يستحق ذلك إلا من جعل الشرع لنا أن نلعنه إذا كانت على كل فرض وتقدير تستحق ذلك فما بال أبويها يلعنهما هذا السفيه الأحمق ثم يريد من زوجته أن تعاشره معاشرة الزوجة لزوجها إن هذا أمر لا يمكن إن الإنسان بل إن الرجل بل إن المؤمن هو الذي لا يفرط المؤمنة أي لا يبغضها ويكرهها كرهاً مطلقا بل إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر أنا لا أقول إن النساء معصومات من الإساءة ولا من المخالفة ولا من التقصير ولكني أقول إن فعلن ذلك فهن محله لأنهن خلقن من ضلع أعوج ولأنهن ناقصات في العقل والدين ولكن يجب على الرجل الذي من الله عليه بكمال العقل يجب أن يكون مسايراً لها معاشراً لها بالمعروف إذا أحكمت الحبل فليرخه وإذا أرخته فليحكمه حتى يحصل التوازن بين الزوج وزوجته أما أن يسئ إليها ويعتقد أنها رقيقة تحت يده ويقول أنا الزوج أنا السلطان أنا راعي البيت أنا السيد وما أشبه ذلك من الكلمات التي وجدها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فأراد بها أن يجعلها سيفاً مسلولاً على هذه المسكينة التي هي بين يديه فإن هذا أمر محرم لأن الله يقول (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(النساء: من الآية19) ويقول (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(البقرة: من الآية228) ويقول عز وجل (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)(النساء: من الآية34) وتأمل ختام هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين من أسماء الله إن الله كان علياً كبيرا فإذا كنت ترى نفسك عالياً على زوجتك فإن فوقك من هو عال على كل شئ وهو الله عز وجل وإذا كنت ترى نفسك أكبر من زوجتك فإن فوقك من هو أكبر منك وهو الله عز وجل فاحذر سطوته ولا تستغل ضعف هذه المرأة بما لديك من القوة فإن الله تعالى فوقك إذا كنت تريد زواجاً سعيداً فإن الأولى والأجدر بك أن لا تنازع أهلك الأمر بل كن لهم ليناً سامعاً مطيعاً في غير معصية الله عز وجل سامعاً مطيعاً في غير ما يخل بالآداب والمروءة منها أما إذا أرادت منك ما يخل بالمروءة أو ما يخل بالدين فإن لك الحق أن تمنعها منه لأنك أنت قيمها كما قال الله عز وجل (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)(النساء: من الآية34) إني أقول هذه الكلمة لا لأسلط النساء عليكم ولكن لأحد من تسلط أولئك القوم الذين لا يعبئون بأختهم التي هي أختهم في الإيمان والتي جعلها الله تعالى تحت أيديهم ليسكنوا إليها وجعل بينهم مودة ورحمة وليعلموا أن ضعف هذه المرأة أمامهم سوف يكون قوة يوم القيامة سوف تأخذ منه إذا ظلمها من أعماله الصالحة (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:88-89) وإن على الرجل سواء كان زوجاً أم ولياً آخر عليه أن يمنع من ولاه الله عليه من النساء من كل ما يخل بالشرف أو المروءة أو بالدين فيمنعها من الخروج إلى الأسواق متبرجة ومتطيبة بل لا ينبغي أن يأذن لها في الخروج إلا إذا احتاجت إلى ذلك هذا هو هدي السلف الصالح أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يتبعونهم بإحسان وأعلموا أيها المؤمنون أن خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم أيها المسلمون عليكم بالجماعة وهي الإجتماع على دين الله ومنها الإجتماع على صلاتكم فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فسمعاً لك اللهم وطاعة سمعاً لك وطاعة سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم أرزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته تحت لوائه اللهم ادخلنا في شفاعته اللهم أسقنا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبدا اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين واللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة اللهم من كان من بطانتهم غير مستقيم على شرعك ولا ناصح لهم ولا لشعوبهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وأبدلهم بخير منه إنك على كل شئ قدير ربنا ظلمنا أنفسنا ربنا ظلمنا أنفسنا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون وأذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ... 0 | 0 | 10 Tweet تابعونا على :