القانون هو الذي يحمي الجماعات البشرية.. هو القواعد الملزمة التي تنظم حقوق الأفراد كيلا تنتقل حياتهم إلى دائرة الفوضى.. بالقانون يسود الأمن في المجتمع وتتحقق العدالة الاجتماعية، وتنتظم علاقة الناس ببعضها من جانب، وعلاقتها بالحكومات من جانب آخر. بريطانيا هي مضرب المثل في النظام والقانون في العالم اليوم.. كل العالم الثالث مأسور بالمثل الإنجليزي.. لكن لدي قناعة أنه لو اختفى القانون ليلة واحدة عن لندن، لتحولت إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف.. غالبية الإنجليز شعب فوضوي، لا أخلاقي، لكن القانون العصا المستقيمة جعل منهم مضرب مثل في النظام والصرامة والجدية. كنت أتأملهم في إجازاتهم أينما وجدتهم كنت أعجب من سطوة القانون الذي جعل من هؤلاء الفوضويين قدوة في النظام! في مجتمعاتنا الخليجية لا يعمل القانون إن وجد بمفرده.. ثقافة المجتمع هي التي تساند القانون.. فإن لم يحترم الناس عصا القانون.. فهناك سلطة المجتمع والقبيلة.. بل ولا أبالغ إن قلت إن قانون القبيلة بالذات في بعض المجتمعات أقوى من سلطة القانون المدني.. البدوي ملتزم بتطبيق القانون القبلي المتوارث العادات والتقاليد دون مناقشة، فهو غير مستقل بقراره أو تصرفاته.. فإن تجرد الإنسان من قوانين القبيلة بسبب طغيان المدنية، وذوبان هذه القيمة، فهناك العامل الديني الذي ينظم حياة الإنسان ويلازمه حتى على مخدته هذه المحفزات أصبحت هي المسطرة.. هي العصا المستقيمة والمُقيمة لحياة الخليجي اليوم. لو كنا مجتمعا مدنيا ماديا صرفا لا يقيم وزنا لهذه القيم، فهل تتوقعون أن قانونا بهذه الهشاشة سيحول دون أن يتحول الناس لغابة من الفوضى الاجتماعية والسياسية وغيرها. نعم لدينا قوانين.. لكنها حبيسة الدفاتر والأدراج.. ولو طبقناها فعلا، مع ما لدينا من قيم ومحفزات أخلاقية، لتحولنا إلى مجتمعات مثالية في العالم اليوم.