قبل حوالي شهرين استوقفني خبر اختراق هكر لموقع مركز تميز أمن المعلومات التابع لجامعة الملك سعود. رسالة المخترق أنقلها حرفياً من الصورة المنشورة بجريدة الرياض، يقول:\"لم يكن الهدف من الاختراق التخريب. إنما توصيل رسالة إلى المواقع الحكومية بأنه لا يوجد حماية ولا واحد في المائة لها. الدولة حفظها الله تخسر الملايين على المواقع وأنتم تأكلون الملايين في جيوبكم، ولا حماية ولا حتى صيانة وبرضه حتى التصاميم سياحية. قيمة السريفر المستخدم لأمن المعلومات ألف ريال فقط! والممول الرئيسي التعليم العالي. أجل الفلوس وين راحت مدام قيمة السريفر سنوي 1000 ريال؟ والسكربت المستخدم بالموقع مجاني ويا ليته مدفوع، على الأقل نقول كلّفوا على أنفسهم ببرمجة خاصة\"! أخصائي أمن معلومات عبّر عن أسفه لهذا العمل المشين، وأعتقد أنه محرج للغاية! قال يُفترض أن يمتلك مركز التميز خوادم خاصة به. واتصلت الجريدة بمدير المركز فرد بأنه خارج البلاد في أحد مؤتمرات أمن المعلومات! أستوضحتُ الأمر من دكتورة متخصصة في أمن المعلومات فأخبرتني أنها كانت في ذلك المؤتمر لكن مدير المركز لم يكن أبداً هناك!! المفارقة المركز تابع لوزارة التعليم العالي، وأعلن عن تقديمه خدمات استشارية لفحص مستوى أمن المواقع الإلكترونية! فكيف تُوجد ثغرات أمنية عديدة في موقع جهة مسؤولة عن أمن المعلومات تُنصّب نفسها كجهة استشارية للمواقع الإلكترونية الحكومية والتجارية ؟! يبدو أن \"باب النجار مخلع\" فعلاً! عام 2006م، اخترق طالب موقع جامعة الملك سعود بعد رفض قبوله بكلية الحاسب. والسنة الماضية اخترق هاكر موقعاً للغة العربية ترعاه جامعة الملك سعود أيضاً. كذلك اخترق شاب موقع وزارة التعليم العالي قبل 3 سنوات، وترك رسالة تنتقد إختبار القياس! اللافت للنظر أن كل هؤلاء الهاكرز هواة مبتدؤون! أول ما تعلّموا قالوا نُجرب في المواقع الحكومية الإلكترونية السعودية! فوجدوها يا حلاوة بلا حماية!! بل أثناء كتابتي لرسالة الماجستير وجدت موقع وزارة التربية والتعليم به فيروسات!! بالأمس القريب فزع الناس من تكلفة تطوير موقع جامعة الإمام 200 مليون ريال لأجل خاطر عيون التصنيف العالمي للجامعات! وميزانية الحكومة الإلكترونية السعودية لخمس سنوات ثلاثة مليارات! وتكرار الإختراقات ظاهرة خطيرة خصوصاً لو كانت المواقع المستهدفة مواقع وزارات وجامعات بل ومراكز أمن معلومات! فالغلطة هنا لا تُغتفر، ومخاطرة التلاعب بمعلومات الجهة كارثة وطنية. وهذا يجعلنا نفكر بمستوى التميز الذي وصلت إليه المواقع الحكومية الإلكترونية عندنا! للأسف معظمها سيئ، وخدماتها متواضعة، والمواطن لايستفيد منها. المهم تنشر صورة المسؤول بالجهة وكأن الموقع شخصي لسيادته! مع ذلك نسمع بإستمرار عن حصد جوائز لهذه المواقع هنا وهناك! فنُصاب بالدهشة وتنعقد ألسنتنا! مَن يُحاسب مَن، إذا كانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات تُكحلّها بجائزة \"تميز رقمي\" سنوية، وتمُكيجّها بإنتصارات تقنية خليجية على شرق أوسطية! مَن قال أصلاً لدينا \"تميز رقمي\"، ومكائن الصرف الآلي تخرج لنا لسانها دوماًً! ومواقع جامعاتنا \"سيستم داون\" كلما بدأ تسجيل المواد بالانترنت! وموقع وزارة الخدمة المدنية يُغمى عليه عندما يُقدّم العاطلون طلبهم إليه! وموقع وزارة العمل يُخترق برسالة: ممكن تسمعون، ملّينا من البطالة! يا ترى كم كلّفت هذه المواقع الحكومية الإلكترونية فعلاً ؟ مبلغ زهيد جداً ! أول مرة نجد مخترق مواقع له حس وطني، وهدفه نبيل، مكافحة فساد تقنية المعلومات! وإعطاء درس مجاني في فين الباقي؟! لو لمحتوه أعطوه للمواطن المحروم من الخدمات الإلكترونية! دلال زهران