يقولها الكبار للصغار.. «لا تكبر اللقمة»، في معرض نصيحة المشفق على صغير غض لا يملك شيئاً من الخبرة، لا بد من نسبة وتناسب بين اللقمة والقدرة، حتى لا تغص وقد تختنق، فهناك ... سعة محددة إذا تجاوزتها لا تستطيع المضغ والبلع. و«تكبير اللقمة» من عادة بعض الجهات الحكومية في الاندفاع والمطالبة بمزيد من الاختصاصات أو وضع العصا في عجلات يفترض أن تدور. قبل أيام نشرت صحيفة «الرياض» عن خلاف بين ثلاث جهات حكومية على استراحات الطرق، إنها الاستراحات أو «المحطات» نفسها التي أهملت لعقود فأصبحت بثوراً تبعث على الخجل والسرعة الزائدة، ألا تتفق معي أن سوء أحوال الاستراحات على الطرق الطويلة يدفع السائق إلى مزيد من السرعة؟ وبحسب الخبر نقلت لجنة في الشورى وجهة نظر وزارة المالية، إذ ترى الأخيرة أن وزارة النقل هي الأحق بالاختصاص في الإشراف والمراقبة على استراحات الطرق خارج النطاق العمراني، وهذا كلام معقول مع افتراض – فيه نظر – أن وزارة النقل لديها القدرة! وهي التي لم تستطع الانتهاء من صيانة أنفاق منذ أعوام، لكن انظر إلى هذا الشرط من وزارة المالية «على أن يكون التحديد المسبق لمواقع المحطات ومراكز الخدمة لوزارة النقل بعد التشاور مع المالية والبلدية وإمارة المنطقة». أدخلت المالية نفسها في تحديد المواقع، والمالية لديها من المسؤوليات ما يكفيها ويزيد، بل ينتظر أن يعاد النظر في اختصاصاتها تسهيلاً وتعجيلاً للإصلاح الإداري، ولو أنها التفتت إلى ما لديها وأصلحته لكان الواقع أفضل بمراحل. لا حاجة لتكبير اللقمة حتى ولو كان تحديد المواقع هو زبدة الاستراحات وجوهرتها ومربط المسافرين. لذلك أتوقع أن تبقى استراحات الطرق على أحوالها المخجلة، بين شد وجذب وكلمة السر هي «التشاور» أحياناً والمواقع أحياناً أخرى، التشاور هو الاسم الآخر للتنسيق واحد من عقبات التنمية على رغم معناه الجميل لكنه تحول إلى عقبة بيروقراطية. ستبقى استراحات الطرق مثل امرأة معلَّقة تنتظر رحمة القاضي الذي لا يمل كل مرة من تحديد موعد لجلسة جديدة، فلا علاقة له بموقعها وبما هي واقعة فيه، فكل واحد يحافظ على موقعه