ما هي القوباء الحلقية، و ما الذي يسببها؟ ... القوباء الحلقية التينيا أو (السعفة) أو (الفطار الجلدي) هي مصطلحات مترادفة يعبر بها عن مرض جلدي يسببه نوع من الفطريات، و بسبب أن الإصابة تظهر في شكل مستدير، أعتقد أنها بسبب دودة تلتوي داخل النسيج، لكن هذا غير حقيقي فالأمر لاعلاقة له بأية ديدان، هناك أربعة أنواع من الفطريات تتسبب في هذا المرض الذي نسميه القوباء الحلقية، ويمكن أن تصيب هذه الأنواع الكلاب والانسان والقطط والخنازير والخيول، والفطريات هي عباره عن كائنات حية تنتمي إلى مملكة النبات وإن كانت تفتقر إلى وجود مادة الكلوروفيل الخضراء، ولذلك فهي غير قادرة على تكوين غذائها بنفسها، وتعتمد في الحصول عليه على كائنات أخرى سواء نباتية أو حيوانية. وسنوضح كل نوع مع الأعراض المصاحبة له: أولاً: تينيا الرأس (القراع الإنجليزي) مرض فطري مزمن شديد العدوى، يصيب فروة رأس الأطفال عادة في سن الدراسة الأولى، نتيجة الإصابة بأنواع متعددة من الفطريات. تنتقل عدواه إما عن طريق التلامس المباشر مع طفل مصاب أو استعمال أدواته الملامسة لرأسه وبخاصة الأمشاط أو غطاء الرأس (طاقية مثلاً ) أو وسائد النوم، أو عن طريق ملامسة بعض الحيوانات المنزلية الأليفة المصابة بالمرض أو الحاملة له وبخاصة القطط والكلاب والطيور والماشية. كما قد تنتقل العدوى عن طريق ماكينات قص الشعر الخاصة بالحلاقين أو الملابس الملوثة بشعر الأطفال المرضى. وتتلخص أعراض المرض في ظهور مساحة أو عدة مساحات محددة من فروة الرأس مغطاة بقشور جيرية صغيرة، ويصبح الشعر في المساحة المصابة خفيفاً ومتقصفاً ويسقط بسهولة، مع وجود أو عدم وجود إلتهابات بفروة الرأس تبعاً لنوع الفطر المسبب للمرض. ثانياً : القراع البلدي (العسلي) وهو مرض يصيب الأطفال والكبار من الجنسين، يسببه فطر مخصوص، ويتميز بظهور قشور صفراء اللون جافة وهشة مرتفعة الحواف منخفضة في الوسط، تشبه طبق الفنجان أو (القدح) لها رائحة مميزة تشبة رائحة الفيران أو رائحة العتة. كما يتغير الشعر ويصبح لونه مغبراً، لكنه لايتقصف كما يحدث في القراع الإنجليزي. وهذا النوع من القراع يتسع تدريجياً إذا أهمل علاجه، ويتلف بصيلات الشعر، ويترك ندبات فلا ينمو الشعر مرة ثانية في المناطق المصابة. وقد قل إنتشار هذا المرض بعد زيادة الرعاية الصحية. ثالثاً : تينيا الذقن إلتهاب فطري نادر الحدوث، يصيب عادة جانباً واحداً من الذقن . ويصاحب هذا الإلتهاب عادة إلتهاب في بصيلات الشعر(النوع السطحي). أما (النوع العميق)، فيصيب الجلد في العمق، ويكون مصحوباً بتجمع إلتهابي وازدياد سمك الجلد نتيجة الإلتهاب مما قد ينتج عنه نوع من البثرات الكبيرة (الثآليل أو الدمامل). رابعاً : التينيا الحلقية(تينيا الجسم) التينيا الحلقية أو مانطلق عليها (القوباء الحلقية) مرض جلدي ينشأ نتيجة الاصابة بفطر خاص. وأكثر إصاباته تظهر في الأجزاء المكشوفة من الجسم وخاصة اليدين والذراعين والساقين والرقبة. وتظهر الإصابة على شكل حلقة حمراء محددة ومرتفعة من سطح الجلد، بها حويصلات أو قشور صمغية صغيرة على حافتها. وتصحبها حكة. وتميل هذه الحلقات إلى الإنتشار التدريجي، متخذة أشكالاً دائرية أو أجزاء من دوائر متلاصقة. وعادة ما تكون الإصابات صغيرة وذات عدد محدود، إلا أنها قد تزيد عند مرضى السكر أو المرضى الذين يعالجون بعقاقير تحد من المناعة مثل الكورتيزون. خامساً : التينيا الإربية (تينيا بين الفخذين) إلتهاب فطري يصيب مناطق الثنيات بالجسم وخاصة منطقة (الإربة)، وهي المنطقة المحصورة ما بين أعلى الفخذ وكيس الصفن ومنطقة الشرج، كما يمكن أن يصيب مناطق أخرى مثل منطقة الإبط أو الثدي في النساء. وتحدث العدوى نتيجة استعمال الملابس الداخلية لشخص مصاب، كما يحدث في المدارس الداخلية مثلاً أو بين المترددين على حمامات السباحة نتيجة لاستعمال مناشف ملوثة بالفطر. تظهر الإصابة على شكل إلتهاب جلدي أعلى الفخذين من الجهة الداخلية، ولها حافة محددة مرتفعة قليلاً عن سطح الجلد تغطيها حويصلات أو قشور صمغية صغيرة. ويصاحب المرض عادة برغبة شديدة في حك الجلد (الهرش)، وقد يمتد الإلتهاب إلى منطقة العجان وحول فتحة الشرج والإليتين، ونتيجة للاحتكاك قد تتعرض المنطقة للتسلخات والإلتهابات والعدوى بالميكروبات غير النوعية. سادساً : التينيا الملونة تعد التينيا الملونة من أكثر الأمراض الجلدية انتشاراً بين الشباب خاصة في المناطق الحارة الرطبة. بينما يقل انتشارها في البلاد الباردة. ولقد وجد أن هذا النوع من التينيا يصيب بعض الأشخاص دون غيرهم، بمعنى أنه يوجد (إستعداد خاص) لدى بعض الأشخاص للإصابة بهذا المرض. ولقد لوحظ أن بعض الأفراد لايصابون بهذا المرض مهما تعرضوا للعدوى به، في حين أن هناك آخرين يصابون بهذا المرض بسهولة عجيبة أي أن المرض غير معدٍ بذاته وأنه يصيب الأشخاص ذوي الإستعداد الطبيعي للإصابة. تظهر التينيا الملونه على هيئة بقع ملونة مختلفة في حجمها وشكلها، وتتراوح في لونها بين الأبيض والبني الفاتح، وتصيب الصدر والظهر والرقبة والساعدين، وعادة لايسبب المرض حكة. وبعد علاج المرض تتخلف بقع أفتح من لون الجلد. سابعاً: تينيا الاظفار قد تصاب الأظفار أحياناً ببعض أنواع الفطريات. وقد تكون مصحوبة بتينيا القدمين أو اليدين. وهذا المرض يؤثر على نمو الأظفار، كما يؤدي إلى خشونتها وحدوث حفر وتجعدات بها، كما تفقد لمعانها. وهذا النوع يحتاج إلى وقت طويل نسبياً حتى يتم الشفاء الكامل. وذلك لأن الأدوية لاتؤثر إلا في الظفر النامي فقط والذي يدفع الظفر المريض أمامه أثناء النمو، فإذا كان الظفر يأخذ حوالي ستة شهور ليتم نموه، فإن العلاج هنا قد يستمر حوالي ستة أشهر أو عامًا كاملاً. ثامناً: تينيا القدمين داء القدم الرياضي تينيا القدمين، إلتهاب فطري شائع، يشبه فطر خاص يسمى (فطر القدم)، يصيب المنطقة الواقعة بين الأصابع خاصة أصابع القدمين. وتبدو الإصابة على هيئة غشاء أبيض سميك متآكل، تبدو تحته منطقة الجلد حمراء ملتهبة. وهذا الغشاء يمكن إزالته باليد، ويتميز برائحة كريهة خاصة عند ارتداء الحذاء فترة طويلة أثناء النهار. ويشكو المريض من رغبة شديدة في حك أو (هرش) مابين الأصابع مع تساقط قطع جلدية بيضاء متآكله، كما يشكو المريض من رائحة قدمه الكريهة والتي تسبب له الضيق والحرج الشديد. وعادة ما تكون الإصابة (مزمنة) وتعاود المريض عدة مرات طوال العام ما لم يحسن استعمال العلاج. وينتشر هذا المرض بين الرياضيين ولذا أُطلق عليه (قدم رياضي) ويرجع ذلك إلى سببين: الأول استخدام الأحذية المصنوعة من الكاوتشوك لفترات طويلة مما يؤدي إلى عدم تهوية القدم، والثاني لكثرة العرق نتيجة للتمرينات الرياضية التي يمارسونها. وعدم تهوية القدم مع زيادة العرق تمثل بيئة صالحة لنمو وتكاثر الفطر المسبب لهذا المرض. كم من الوقت تأخذ الإصابة بالقوباء الحلقية؟ فترة الحضانة لهذا الفطر تأخذ من 10 إلى 12 يوم، هذا يعني أنه يتم التعرض للفطر وبالتالي تحدث الإصابة الفعلية بالمرض من 10 إلى 12 يوم قبل ظهور إصابة الجلد. كيف ينتقل؟ تنتقل الإصابة عن طريق الإتصال المباشر بين الأشخاص المصابين و غير المصابين، و قد تنتقل من القطط إلى الكلاب أو العكس، و قد تنتقل أيضا من الكلاب أو القطط إلى الإنسان أو العكس، فإن كان طفلك مصاباً بالقوباء الحلقية، قد يكون تلقى هذه العدوى من حيوان أليف أو من طفل آخر في المدرسة، عادة ما يكون البالغين من البشر أكثر مقاومة للعدوى إلا في حالة وجود خلل في الجلد (مثل خدش أو جرح)، أما الأطفال فهم الأكثر عرضة للإصابة. الانتقال قد ينتج من بيئة مصابة، فقد تعيش الفطريات في الفراش أو السجادة لشهور عديدة، قد تموت الفطريات باستخدام الكلور المخفف بالمياه (500 مل من الكلور المركز في 4 لتر ماء). عوامل الخطورة: تعيش الفطريات المسببة للقوباء الحلقية وتتكاثر في الأماكن الرطبة والمغلقة كذلك تفضل التكاثر في الأماكن الرطبة الدافئة والمتعرقة من جسم الانسان والرياضيون أكثر الناس عرضة للاصابة خاصه بفطر القدم. كيف يتم تشخيص المرض؟ يتم التشخيص بواحدة من هذه الطرق: 1-عن طريق تاريخ الحالة المرضية وسؤال المريض عن احتكاكه بشخص آخر مصاب بالعدوى أو استخدامه لأداوات شخص مصاب. 2-أخذ عينه من منطقة الجلد المصابة بواسطة الطبيب المعالج ودراستها تحت المجهر هل تحتوي على فطر أو لا. 3-تحديد الشكل النموذجي لإصابة الجلد بالقوباء الحلقية على الجلد، وهو الشكل الدائري سليم الجلد في المنتصف. 4-إنعكاس ضوء الفلورسنت للشعر المصاب بإضاءة خاصة ( لكن نوعين فقط من الأربعةأنواع من الفطريات تعكس الفلورسنت). 5-زرع الشعر المصاب في وسط ملائم. هذه الطريقة هي الأكثر دقة، لكن قد تأخذ إسبوعين حتى تعطى المزرعة نتيجة إجابية. المضاعفات: نادراً ماتخترق العدوى طبقات الجلد العميقة لكن الأشخاص ضعيفي المناعة مثل المصابين بالإيدز يجدوا صعوبة بالشفاء التام من العدوى. العلاج: أولاً: يجب عزل المريض وفحص المخالطين له وعلاجهم في حالة إصابتهم. ثانياً: برنامج علاجي بالفم. وقد اكتشف حديثاً أدوية مضادة للفطريات مثل (التربنافين) و(الايتراكونازول) و(الفلوكونازول) ثم (النيزورال) وهو أكثر فاعلية من الجريزيوفلفين وأقل كثيراً في الأعراض الجانبية، ويعطي عادة قرص واحد يومياً للمدة التي يحددها الطبيب حسب وزن وسن المريض ونوع التينيا. ثالثاً: علاج موضعي مضاد للفطريات: مثل صبغة اليود، أو مس أو مرهم (الويتفليد)، أو مرهم (الكانستين)، أو مس (الكستلاني) والذي يجب استخدامه في علاج التينيا الإربية ويحظر استخدام المحاليل المحتوية على اليود أو الكحول نظراً لأثرها المهيج على الجلد في هذه المنطقة الحساسة. رابعاً : لعلاج التينيا الملونة ينصح باستخدام محلول (الصوديوم ثيوسلفات 25%)، حيث أثبت فاعلية كبيرة في العلاج. ويستخدم مرة واحدة صباحاً. وبعض الحالات تحتاج إلى جرعات محددة من الأشعة فوق البنفسجية. ويجب هنا استخدام أقراص (النيزورال) بدلاً من (الجريزيوفلفين) لأن فطر التينيا الملونة يقاومه ويقلل تأثيره. خامساً: يجب غلي جوارب وملابس المريض بمفردها مدة لا تقل عن (5) دقائق متواصلة وعدم الإكتفاء باستعمال المطهرات أو الكي فقط. سادساً: يفيد بعض المرضى المضادات الحيوية العامة فقط عند حدوث عدوى ثانوية اضافية من البكتيريا خاصة في حالة القراع البلدي. سابعاً: الاستحمام باستخدام شامبو مضاد للفطريات. يجب الإستحمام ثلاث مرات بنظام يوم بعد يوم ، هذا الإستحمام هام للتخلص من حويصلات الفطريات من الشعر حتى لا تسقط في البيئة المحيطة و تؤدي إلى إصابة جديدة، فيجب عمل رغوة من الشامبو و تركها على الشعر لمدة خمسة دقائق قبل الشطف، و من فضلك إرتدي قفازا مطاطيا يستعمل مرة واحدة لكي تتجنب الفطريات التي تعيش في القفازات القديمة وتنتقل لليدين بعد ذلك. ماذا أتوقع من العلاج؟ لا يؤدي العلاج إلى نتائج فورية، فستأخذ مناطق سقوط الشعر في الإتساع قبل أن تنكمش، لكن خلال 1-2 إسبوع سيقف تساقط الشعر، و يجب ألا توجد مناطق سقوط للشعر جديدة، و يبدأ مظهر الجلد الذي به قشور في العودة إلى المظهر الطبيعي، إن لم تظهر أي من هذه التطورات خلال إسبوعين، يجب أن تراجع طبيبك . طرق الوقاية : 1 ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية والعامة ورفع الوعي الصحي بين الناس وتعريفهم بطرق العدوى بالمرض ووسائل مقاومته. 2 ضرورة الفحص الطبي الدوري على التلاميذ في دور الحضانة والمدارس لتشخيص المرض في بدايته وعلاجه. 3 تجنب الاختلاط المباشر مع المرضى، وعدم استعمال ملابسهم أو أدواتهم الخاصة. مع مراعاة القواعد الصحية خاصة في الأماكن التي تكثر فيها الاختلاط مثل: المدارس الداخلية، الفنادق، معسكرات الرياضيين، معسكرات الجنود.. إلخ. 4 ضرورة فحص الحيوانات المنزلية الأليفة وخاصة القطط والكلاب والطيور والماشية وعلاج المريض منها أو التخلص منها. وذلك لأن الفطريات تفضل الحيوانات ذات الفراء أو الشعر، ومنها تنتقل إلى الإنسان. 5 الاهتمام بنظافة دورات المياه وخاصة مقاعد المراحيض الإفرنجية، والحرص على إرتياد دورات المياه العامة على تغطية المقعد بورق تواليت قبل الجلوس عليه. 6 تجنب ارتداء القفازات والجوارب المصنوعة من النايلون واستخدام الجوارب القطنية لقدرتها على امتصاص العرق وسهولة تعقيمها بالغلي. كما يجب عدم ارتداء الملابس الداخلية المصنوعة من النايلون خاصة السيدات، حيث لا يمكن غلي هذه الملابس، ومن ثم فهي تعوق الشفاء في حالة الإصابة، فضلاً عن أنها تساعد على زيادة حرارة الجسم وإفراز العرق وزيادة الإلتهاب الفطري. 7 يجب تجفيف الأقدام جيداً بعد كل حمام أو غسيل أو وضوء مع الاهتمام بتجفيف ما بين الأصابع جيداً. 8 استشارة الطبيب بمجرد ظهور أي عرض من أعراض التينيا، والمبادرة بعلاج المرضى تفادياً لإنتشار العدوى. هذه المعلومة تقدمها صحيفة عناية الصحية بالتعاون مع جمعية طب الأسرة والمجتمع إشراف ومراجعة\ د. محمد الغامدي. عضو الجمعية السعودية لطب الاسرة والمجتمع استشاري طب الاسرة والمجتمع بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بجدة