الابتسامة النابعة من قلب صادق، لا تحتاج إلى دليل على أهميتها الاجتماعية، فإضافة إلى بعض الإشارات العلمية على فوائدها البدنية والنفسية، تبعث الابتسامة رسائل واضحة لاتنتظر ترجمانا، بل تؤكد: الود، والألفة، والأمان، والتقدير، والحب، والارتياح، وتظهر طيب المشاعر، وتساعد على كسر جمود التعاملات اليومية. ولاشك في أن انتشار ثقافة الابتسام، فضلا عن كونها إرثا إسلاميا أصيلا، علامة على التزام المجتمع بحسن التصرف، ودليل على ارتفاع مستوى الذوق العام فيه، واهتمام أفراده بأدبيات السلوك الإنساني بصفة عامة، مثل مناداة الآخرين بمصطلحات التقدير والاحترام، واستعمالهم الكلمة الطيبة «من فضلك»، وإبداء الأسف والاعتذار عند الخطأ. في رأيي أن الابتسامة ثقافة اجتماعية، تدل على ارتياح معظم أفراد المجتمع، للأنظمة المسيرة لشؤون حياتهم بصورة عامة. إذ كيف يحجم أحدهم عن التبسم، في مجتمع يشعر فيه بقيمته الفردية ؟! ولم يتجهم في وجه الآخرين، في ظل اطمئنانه إلى الحصول على حقوقه المشروعة، دون النظر إلى اختلاف عرقه أو فئته الاجتماعية، أو مرجعيته الثقافية أو الدينية ؟! وعلام يتلفظ بألفاظ تدل على انفلات أعصابه وضجره، إلا أن يكون ذلك جراء معاناته اليومية، من البنية الأساسية والخدمات العامة، كحالة الطرق غير السوية، وسوء الخدمات الصحية، فضلا عن تعسر ممارسة حقه في التظلم وإبداء الرأي ؟!. وهنا أتساءل: هل يمكن لما تقدم أن يعطي تفسيرا مقبولا، لظاهرة عبوس كثير من الأفراد في المجتمع السعودي، وتمكن الوجوم والتمعر من وجوههم، وانتشار الغلظة والفظاظة والألفاظ النابية، في ثنايا تعاملاتهم مع الآخرين ؟!. *استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم