لا اخالك سمعت قبل اليوم بفيروس شيكونجونيا. كما لا اخالك قد سمعت بأمراض مثل الوادي المتصدع وانفلونزا الطيور والضنك وكورونا قبل حدوثها. يوم أن وصلتنا هذه الأوبئة تسارعت الجهود لصدها. وما كان لها أن تنتشر لو كانت عنايتنا بإصحاح البيئة والتوعية الصحية تماثل عنايتنا بإنشاء المستشفيات واستيراد الأجهزة والمعدات. لا مشاحة في أهمية بناء المستشفيات واستيراد الأجهزة والمعدات. ولكن المشكلة تبرز عندما نفقد التوازن بين الوقاية والعلاج. نحن مثل غيرنا من دول العالم معرضون في أى وقت لأوبئة وأمراض جديدة لم يسبق لأغلبنا أن تسامع بها. ولسوف نواجهها بجهود مكثفة ونغدق على مكافحتها أموالا طائلة إذا ما حدثت. جهودا نحمدها للمسؤولين، ولكن كان بالإمكان أن نستعد لها قبل حدوثها بأسباب الوقاية والتي تكمن أساسا في تعزيز الصحة وإصحاح البيئة وتطوير مراكز الرعاية الصحية الأولية والتوعية الصحية المكثفة والمبنية على أسس علمية سليمة. أعود إلى الحديث عن مرض شيكونجونيا. اكتشف أول ما اكتشف في غرب أفريقيا في أوائل الخمسينات من القرن الماضي. يشبه في أعراضه مرض الضنك بيد أن أعراض المرض تزيد على أعراض حمى الضنك بأن آلام المفاصل قد تستمر مع المريض لشهور إن لم يكن سنوات. ينتقل المرض من المريض إلى الصحيح بواسطة أنثى البعوض من نفس الفصيلة التي تنقل حمى الضنك. أكرر.. أنثى البعوض فالذكر مثله مثل الذكر من سلالة آدم عليه السلام ضعيف ومغلوب على أمره ! في العقود الأخيرة من القرن الماضي أصاب المرض نحوا من مليوني نسمة في شرق آسيا وغرب أفريقيا. واستقطب مؤخرا الاهتمام العالمي عندما طرق أبواب أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية. ونحن مثلنا مثل غيرنا من دول العالم لسنا في معزل عن الأوبئة والأمراض المعدية. وأمامنا خياران. إما أن ننتظر إلى أن يصلنا الوباء لا قدر الله فنتصدى له كما سبق أن تصدينا لغيره، بمعنى آخر التصدي للمشكلة بعد حدوثها، أو أن نستعد له ولغيره من الأمراض قبل حدوثها بأن نكثف جهودنا في أعمال الوقاية. جهودا تستدعي التنسيق بين جميع الجهات المعنية بدءا من وزارة الصحة ومرورا بالمالية والتخطيط والبيئة وانتهاء بالصحة المدرسية. ولكنها في مجموعها أقل كلفة وأجدى من الانتظار إلى أن يصلنا الوباء. لقد سبق لي أن قلت في أكثر من مناسبة لو أن 2.5% فقط من ميزانية الصحة صرفت على نشر الوعي الصحي بكافة الوسائل والطرق وبأسلوب علمي سليم لربما استطعنا أن نرتفع بمستوى الصحة في مجتمعنا بما لا يقل عن 25%. بقلم د.زهير أحمد السباعي