لعل من أهم أولويات وزارة الصحة فيما أرى ونحن مقبلون على تطوير مرتقب للنظام الصحي العناية بالتخطيط بعيد المدى. وإذا جاز لأي وزارة خدمية أن تخطط لنفسها لسنوات محدودة فإن وزارة الصحة لا تملك أن تفعل ذلك. كلنا يعلم أن أهم مقومات الرعاية الصحية في أي مجتمع هي القوى البشرية فمن دون القوى البشرية كما، ونوعا، وحسن إدارة، وحسن توزيع لا يكون هناك فائدة ترتجى من الأجهزة والمعدات والمباني وأسرة المستشفيات مهما تعددت وتكلفت من أموال. القوى البشرية على سبيل المثال يحتاج التخطيط لها إلى ما لا يقل عن عقدين إلى ثلاثة عقود من الزمان. فالأطباء يستغرق إعدادهم وتدريبهم من 7 15 سنة (حسب التخصص)، ولا يمكن فصل إعداد وتدريب الأطباء عن إعداد و تدريب غيرهم من العاملين الصحيين. إذا كنا نتحدث عن حاجتنا إلى تثبيت قواعد الرعاية الصحية الشاملة (الوقائية والعلاجية والتأهيلية) من خلال المستشفيات والمراكز الصحية فنحن محتاجون إلى إعداد الفريق الصحي من أطباء وغير أطباء ليعمل أفراده في تنسيق وتناغم وهذا لن يتأتى إلا إذا أعدنا النظر في أهداف ووسائل التعليم الطبي بحيث نعد أفراد الفريق الصحي للارتفاع بمستوى الصحة، والوقاية من المرض قبل حدوثه. وعلاج المريض وتأهيله بعد أن يبرأ من مرضه ليعود فردا منتجا في المجتمع. أمر آخر علينا أن نتنبه له في عالمنا العربي أجمع ذلك أننا نخلط عادة بين الأهداف والوسائل الصحية. تجدنا في كثير من الأحايين نتخذ من الوسائل أهدافا نبني عليها خططنا المستقبلية. الأهداف الصحية يجب أن تبنى على أساس تخفيض معدلات الأمراض والوفيات. أما الوسائل التي نستخدمها للوصول إلى هذه الأهداف فهي الأجهزة والمعدات والأدوية والمستشفيات والأسرة والمراكز الصحية وأيضا أعضاء الفريق الصحي. لا يكفي أن نزيد في أعداد هذه الوسائل وإنما يجب أن يصاحب هذه الزيادة حسن إدارة وتخطيط واختيار الأولويات والبدائل وحسن التوزيع. إلى آخر هذا الحديث الذي لا يغيب عن بال ذي لب. المشكلة أن حساب معدلات الأمراض والوفيات لا يتأتى من مجرد جمع وتحليل الإحصائات التي نستقيها عادة من المستشفيات والمراكز الصحية. فهذه في كثير من الأحيان لا تمثل الواقع. وإنما يجب جمعها من عينات تمثل أطياف المجتمع. بما يكتنف ذلك من صعوبات خاصة في بداية الأمر. الدعوة هنا ليست لأن نوقف عجلة التخطيط إلى أن تتوفر لدينا معدلات الأمراض والوفيات الدقيقة. وإنما الدعوة إلى أن نبدأ بما لدينا من معلومات. ونخطط في الوقت نفسه لجمع وتحليل معدلات الأمراض والوفيات لتكون الأساس الذي نرتكز عليه في التخطيط الصحي. بقلم د.زهير أحمد السباعي