جعل الله سبحانه وتعالى الناس شعوبا وقبائل شتى، ليتعارفوا فيجتمع شملهم، وتستقيم معاملاتهم، ويحققوا غاية الخلافة في الأرض، وهنا تأتي التقوى، حقيقة الشرف والكرامة الإنسانية، فارقا يميز الناس عن بعضهم، وميزانا يفاضل بينهم. إن المتأمل في أسباب نهضة الشعوب، يجد أن أهمها، اجتماع أفرادها على مبادئ العدل الفئوي، والسلوك الإنساني القويم، ونبذهم خلافاتهم العرقية، واستخدامهم لتباينهم الثقافي والديني، للوصول إلى التوافق الاجتماعي، والمصالحة الوطنية، والقضاء على العصبية العمياء، وحماية مجتمعاتهم من صراعات الأنساب والقبائل، التي خلفت الحروب والويلات على أسلافهم. ولذا، حرص النبي صلى الله عليه وسلم، على تثبيت أسس الحضارة الإسلامية والإنسانية، بالمساواة بين العرب والعجم، والمفاضلة بينهم على أساس التقوى وصالح الأعمال. وإذا كان الاهتمام بعلم الأنساب وتدوينها محمودا، من باب المعرفة والتعارف، وصلة الأرحام، فلا ينبغي أن يكون سببا للتكبر، أو مدعاة لإقصاء الآخرين، والتعدي على حقوقهم، أو حجة للتفريق بين الأزواج بغير وجه حق، أو تزويج من لايرضى الناس خلقه ودينه. وفي زمننا المعاصر، يتطلع كثير من الناس، أن تحذو مجتمعاتهم العربية، حذو غيرها من المجتمعات المنضبطة، في ضربها أمثلة واقعية، على أهمية المساواة في الحقوق والواجبات، وصهر الاختلافات العرقية في بوتقة الالتزام بتطبيق قاعدة الثواب والعقاب على جميع فئات المجتمع، لتحفيز أفرادها على العمل والإبداع، وانضباط تصرفاتهم وسلوكياتهم. ومن هذا المنطلق، ليس غريبا حرص معظم الناس في كثير من المجتمعات الغربية على مقدراتهم، واهتمامهم بأداء واجباتهم، لأنهم نالوا حقوقهم الاجتماعية، وأشربوا حب أوطانهم، إذ لم يحابى فيها عزيزهم، ولم يهمش فيها ضعيفهم، ولم يدخل اسم العائلة لديهم في حساباتهم، عند تطبيق الأنظمة والقوانين، أو اختيار ممثليهم وأكفائهم. * استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم في جدة