نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-يحفظه الله- افتتح معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة صباح اليوم السبت المؤتمر العالمي الثاني لطب الحشود الذي تستضيفة المملكة بالعاصمة الرياض ويستمر لمدة أربعة أيام . قال معاليه في كلمته يسرني أن أحمل لكم تحيات وترحيب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي كلفني أن أنوب عن مقامه الكريم في افتتاح هذا المؤتمر الهام . وأضاف معاليه أن المملكة تمكنت بفضل الله من خلال تجربتها الطويلة في مجال صحة وطب الحشود من التعامل بسرعة وإيجابية مع الطوارئ والمستجدات والمتغيرات المفاجئة التي تواجهها ونجحت في ذلك بكفائة وإقتدار ولعل أخر تجمع بشري كبير كان في موسم العمرة في شهر رمضان الماضي والذي تم بفضل الله بنجاح رغم ما يواجه العالم من تحديات صحية مثل فيروس كرونا وإنفلونزا الطيور وغيرهما وها نحن على مشارف موسم الحج ونحن متفائلون بتوفيق الله بأن نحقق إنجازاً أخر يضاف لهذا الوطن المعطاء . وطمأن معاليه الجميع بأن وضع الحجاج الصحي مطمئن وجيد ولله الحمد ، مشيراً أن المملكة العربية السعودية حريصة على تعزيز تجربتها الثرية في مجال صحة وطب الحشود والتي اكتسبتها عبر تاريخها الطويل من خلال استشعارها بمسئوليتها تجاه الحشود الكثيفة التي تفد إليها في موسمي الحج والعمرة من جميع انحاء العالم ومن أجل ذلك فقد دشنت وزارة الصحة البرنامج العلمي والتدريبي المخصص للدبلوم السعودي لصحة طب الحشود والكوارث ومدته سنة واحدة تزامناً مع إنشاء المركز العلمي لطب الحشود المتعاون مع منظمة الصحة العالمية بوزارة الصحة بالمملكة والذي من أبرز مهامه إثراء البحث العلمي في مجال طب الحشود وتدريب الكوادر الصحية في هذا المجال وتقديم الإستشارات للدول الأخرى ، كما أنها حريصة من خلال ما تراكم لديها من تجارب سابقة وما توافر لديها من خبرات علمية في هذا المجال على أن يوصي هذا المؤتمر بوضع معايير دولية للتعامل بشكل علمي مع الحشود البشرية . وأضاف معاليه أن موضوع طب الحشود والتجمعات البشرية الذي أتخذ عنواناً لهذا المؤتمر والذي نؤمل أن يمثل انطلاقه حقيقية نحو ضمان سلامة الحشود في أي منطقة على مستوى العالم وفي أي مناسبة تحوي حشوداً بشرية كثيفة لهو جدير بأن تدعى إليه هذه الكوكبة النيرة من العلماء والباحثين والخبراء العالميين والمختصين في المنظمات الدولية والدول الشقيقة والصديقة حرصاً على الإستفادة منهم والإطلاع على التجارب العلمية والعملية التي سبق التعامل معها في ظروف مشابهة فضلاً عن إستعراض تجربة المملكة في موسم الحج لكونها تدير أكبر تجمع بشري في نطاق جغرافي وزمني محددين وهو ما يعد فرصة لتبادل الخبرات وتطوير الخطط والبرامج في هذا المجال الحيوي تاكيداً منا على أهمية التكامل والتعامل بين علماء العالم لخدمة البشرية جمعاء . وقال معاليه إن هذا الجمع الطيب ونحن على مشارف مناسبة دينية عظيمة تهم العالم أجمع يؤكد الدور المناط بكم تجاه طب الحشود والتجمعات البشرية ومواكبة إهتمام العالم لدراسة ما يواجه هذه التجمعات من مخاوف صحية وفي مقدمتها فيروس كورونا النمطي وغيره من الفيروسات والامراض بمعيار علمي محايد يحقق الهدف العملي الذي يصب في مصلحة الشعوب دون أي اعتبارات إخرى ، لافتاً أن وزارة الصحة تؤكد نهجها العلمي المبني على الأدلة والبراهين وتلتزم بالتعاون مع الهيئات والمنظمات الصحية العالمية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية ، كما تؤمن بمبدأ الشفافية الذي هو نهج هذا الوطن الطاهر . وفي ختام كلمته رفع معاليه أسمَى عباراتِ الشكرِ والتقديرِ لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ وسموِ وليِّ عهدِهِ الأمينِ وسموِّ النائبِ الثاني يحفظُهُمُ اللهُ على ما يولونَهُ من اهتمامٍ بالقضايا العصريةِ، وخصوصاً ما يتعلقُ منها بسلامةِ الحجاجِ والمعتمرين، سائلاً المولى العليَّ القديرَ أن يُكلِّلَ جهودَ الحاضرينَ بالنجاح. وفي تصريح صحفي عقب حفل الإفتتاح قال معاليه إن المملكة أصبحت مرجعا عالميا لطب الحشود والتجمعات البشرية وذلك في ظل تواجد نخبة كبيرة من معالي وزراء مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ودول العالم أجمع ومشاركة المنظمات الدولية من ضمنها منظمة الصحة العالمية وهو ما يثري تجربة المملكة الفريدة التي اكتسبتها في طب الحشود والتجمعات البشرية وان تعود هذه التجربة بالفائدة العلمية ليس فقط للمملكة وإنما لجميع التجمعات البشرية في جميع دول العالم. وحول موقف وزارة الصحة بخصوص فيروس كورونا، أوضح معاليه بأن الوزارة في المملكة حريصة جدا على التعاون مع كل الجهات العلمية والعالمية والبحثية، وأن الوزارة من أكثر الدول في العالم التي تقوم باجراء بحوث عن فيروس كورونا التاجي وآخرها الدراسة التي نشرت أمس الأول في مجلة لانست والتي أكدت أن نمط الفيروس متغير حتى بين أفراد العائلة نفسها. وأوضح د. الربيعة أن تجمع الخبراء العالميين في هذا المؤتمر سوف يساعد في وضع آليه لمزيد من البحوث للوصول ليس فقط لحقائق عن هذا الفيروس ولكن لافضل الطرق للوقاية منه، متمنياً ان يتم الوصول وايجاد لقاح يقي الجميع من هذا الفيروس. وفي سؤال حول الاجراءات الاحترازية التي وضعتها وزراة الصحة قال معالي وزير الصحة، بان الوزارة مرت بتجربة قريبة جدا وهي موسم العمرة وتجمع اكثر من خمس ملايين معتمر قدموا وأتموا مناسك العمرة في مكةالمكرمة ولله الحمد تمكنت المملكة ممثلة في وزارة الصحة بالانتهاء من هذا الموسم بنجاح متميز وعدم انتقال اي مرض وبائي او محجري بين المعتمرين ونحن الان على مشارف الحج حيث وصل عدد لا بأس به من الحجاج وبحسب المعلومات نحو 200 الف حاج حتى الآن ولله الحمد الى هذه الساعة لم يتم تسجيل اي حالات من الامراض محجرية أو وبائية. واضاف ان وزارة الصحة قامت بعمل دراسات كبيرة جدا مع الهيئات العلمية سواء داخل المملكة او خارجها بوضع اشتراطات صحية وتوصيات وزعت على كافة دول العالم وهي على موقع وزارة الصحة الالكتروني باللغتين العربية والانجليزية وسيتم خلال هذا المؤتمر مراجعة هذه التوصيات وإذا رأى الخبراء أن نقوم بتعديل بعض منها سنقوم بتعديلها ونتابع الوضع بشكل دقيق جدا وتعتبر المملكة العربية السعودية من اكثر الدول في العالم التي تقوم بعمل استقصاء وبائي دقيق جدا حرصا على سلامة أولاً مواطنيها ثم من يفد الى هذه المملكة وفي مقدمتهم الحجاج والمعتمرين. واشار د. الربيعة الى ان التوصيات دائما تكون للحجاج القادمين وخاصة في التعامل والوقاية والابتعاد عن الاماكن المزدحمة وبلا شك ان هذه التوصيات التي تسهم في نشرها وسائل الاعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي التي ستستعين بها الوزارة لكي توصل رسالتها وجميع المعلومات للمتلقين وبأي لغة. وأكد معاليه ان المرض بشكل عام لا يعرف جنسية ولا يعرف عمر صغير كان ام كبير او اشخاص وبلا شك أن أي انسان معرض لأي فيروس والمملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الصحة تأمل بألا يصاب أحد بأي فيروس ولذلك تعمل الوزارة لحمايتهم وعلاجهم وتقديم الرعاية لهم وان شاء الله يستطيع العالم منع أي فيروسات تفد من مختلف الدول، داعيا جميع الدول للتكاتف من خلال منهج علمي مبني على البراهين للتخلص من هذا المرض والامراض الاخرى والوقاية منها. من جانبه قال وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي الدكتور زياد ميمش في كلمته أن الموقع الجغرافي الهام للمملكة جعلها تعمل كل ما هو ضروري لتقديم أفضل الخدمات الصحية لحجاج وزوار بيت الله الحرام ومن ضمنها إقامة مؤتمر طب الحشود . وأكد أنه لا يخفى على الجميع الأعباء والتحديات الصحية الناتجة عن مسببات الأمراض المعدية والتي تمثل أحد أكبر تحديات التنمية في القرن الواحد والعشرين على المستوى العالمي خصوصاً في وجود التجمعات البشرية ، مؤكداً وجود العديد من المعوقات والمؤثرات الصحية الهامة التي إشتملت في وجود الأمراض المعدية كالحمى المخية الشوكية والأنفلونزا والكوليرا والحميات النزفية المختلفة التي يمكنها أن تنتشر بسرعة هائلة في مثل هذه المناسبات ، بالإضافة إلى وجود العديد من الأمراض المعدية الأخرى في هذا القرن مثل مرض السل والذي سجل ارتفاعات كبيرة مؤخراً كما أن هناك أمراض أخرى مستجدة لم يعرفها الإنسان من قبل مثل مرض السارس خلال العامين 2003/2002م وعدوى الإنفلونزا H1N1 في عام 2009م وكذلك فيروس الكورونا ميرز في 2012م ، مبيناً أن جميع هذه الأمراض مثلت تحدياً آخر أمام الصحة العامة . وأضاف أننا نعيش الآن في عصر العولمة الذي جعل من العالم قرية صغيرة يمكن إنتقال أي مرض معدي من دولة لأخرى بسرعة كبيرة وهائلة مثل عدوى السارس والإنفلونزا H1N1 والذي يجعل تكاتف الجهات المسئولة عن الصحة العامة أمراَ ضرورياً . وأشار د. ميمش أن هذا الكم الهائل من التجمعات البشرية وفي رقعة جغرافية محدودة يجعل تدافع البعض لتأدية المناسك يؤدي إلى إصابات بالغة قد تؤدي إلى الوفاة مما يجعل سلامة الجميع من هذه الإصابات مهمة شاقة ، مشيراً إلى أن إختلاف الناس وقدومهم من مختلف دول العالم والتي تفوق 150 دولة خلال العام يجعل مهمة التوعية الصحية والتواصل الصحيح بين الجميع مهمة صعبة ، مشيراً إلى أن التعاون وتبادل المعلومات والخبرات يصب في المصلحة العامة وهذا مما مكن المملكة العربية السعودية للعمل بشكل دؤوب لمجابهة هذه التحديات وعقد هذا المؤتمر الذي دعي له العديد من الخبراء العالميين والمتخصصين والمهتمين في الشأن الصحي . وأوضح ميمش أن هذا المؤتمر يعتبر فرصة ثمينة لتبادل الخبرات والتجارب ورسم السياسات الصحية ووضع الاستراتيجيات التي من شأنها تعزيز قنوات الصحة العامة والحد من انتشار الأوبئة والتواصل الى توصيات بناءة وهادفة وقابلة للتطبيق . من جانبه عبر د. علاء علوان مدير المكب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط عن شكره وامتنانه لمعالي الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة لتكرمه باستضافة هذا المؤتمر الدولي الثاني حول طب الحشود ورعاية المركز العالمي لطب الحشود لهذا الاجتماع فالمركز من المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية في هذا المجال . وأضاف قائلاً يتواصل إيلاء المزيد من الاهتمام بطب الحشود وتصديه للعديد من التحديات في الصحة العمومية سواء داخل هذا البلد المضياف ام خارجه فالتجمعات الحاشدة تلقي بتبعات ضخمة على الأمن الصحي لدينا نظراً لازدياد إمكانية انتشار الأمراض المعدية خلال تلك التجمعات الحاشدة والازدحام الشديد وزيادة حركة الناس ولا ريب أن أهم التجمعات الحاشدة ما يحدث أثناء الحج والعمرة ، فهما ينفردان بكونهما الأضخم من حيث الأعداد والأكثر من حيث الازدحام حيث يجتمع ما يزيد على 3 ملايين نسمة ينتمون إلى أكثر من 180 بلداً في المملكة العربية السعودية كل عام . ولقد تجمع لدى المملكة السعودية ثروة كبيرة من الخبرات والمعارف حول الإدارة الفعالة للمخاطر الصحية التي قد تظهر أثناء التجمعات الحاشدة، وتراكمت تلك الخبرات والمعارف على مدار العقود المتعددة التي حفلت بالتخطيط الناجح وبالإدارة الفعالة لهذين النسكين السنويين . ولقد عينت منظمة الصحة العالمية مكتب الطب الوقائي في وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية ليكون مركزاً متعاوناً مع المنظمة في طب الحشود وذلك تقديراً من المنظمة للعمل المثالي الذي قامت وتقوم به وزارة الصحة في الإدارة الناجحة للحج وللعمرة على مدى عقود متعاقبة . وأوضح أن المؤتمر الدولي الثاني لطب الحشود يقدم فرصة مثالية لإنشاء شبكة افتراضية تضم المؤسسات والأفراد الذين تجمعهم شراكات مع المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية في شتى أرجاء المعمورة . ولقد استقطب هذا المؤتمر أفضل الخبراء في العالم في مجالات التجمعات الحاشدة وطب الحشود وإنني على ثقة بأن تبادل المعلومات العلمية والمعارف والخبرات ضمن هذا المؤتمر سيتيح فرصاً جديدة تودي إلى المزيد من التطوير لقاعدة البينات الملائمة لأغراض التخطيط والإدارة والتقييم والرصد لجميع مناسبات التجمعات الحاشدة ، وستتماشى مع المعايير والمقاييس التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية ، وستكون قابلة للتطبيق في جميع بلدان العالم في مجال التجمعات الحاشدة وطب الحشود .