إلتقيت أحد الشباب يبلغ من العمر (21) عاماً ، يجزم بكل إصرار وتحدي أنه سيكون خليفة ياسر القحطاني وأنه سيكون اللاعب الأساسي في المنتخب وواصل حديثه.. غير المرتب عن بقية الأندية ولعابه يسيل من طرفي شفتيه وعينيه غائرتين. ليعود الي البكاء بحرقة لأنه خسر فرصة الدراسة في الكلية بعد أن كان مميزاً وأهداه والده سيارة خاصة ويعترف بصوت عالي أنه كان يعيش حياة (ولا أحلى) ! وفجأة صرخ يشجع نادي النصر بتمتمة وبكلام غير مترابط بأهزوجة لم أفهم منها سوى (الهمة .. الهمة والموعد القمة) قبل أن يقطعها صرخة (قوووول) لسعد الحارثي وانطلق يغني للاهلي واصفاً نفسه بالاهلاوي الصميم (مجانين في حبه مجانين) !! ومن ثم يعود ليتغنى بالإتحاد (يأكلك حبة .. حبة) ليتوقف فجاة ويهذي بعبارة (كاسر .. كاسر .. والاتي خاسر) ليبتعد بمشية متثاقلة جدا تشعر وكأن رجليه جزء من الأرض ، قبل أن تتسائلوا عن الشاب .. بإختصار هذا موقف حقيقي لي مع شاب (مدمن) على حبوب منشطة ويسمونها مسهرة أو حبوب الذكاء أو حبوب الإختبارات و الكثير من الأسماء الشعبية منها ( أبو ملف ، أبيض ، شدد ، كبتاقون ، حشوة أسنان ، روشه وغيرها الكثير). ولم تكتفي تلك المسماة ب (المنشطات) بجعله أسيراً لها .. بل أصابته بأمراض نفسية أخرجته من الواقع بلا عودة ،أصبح لا يعي ما يفعل ، يؤذي نفسه ويؤذي الأخرين ، وأصبحت أحاديثه كلها غير مترابطة مصحوبة بهذيان وهلاوس والكثير من التصرفات المؤسفة والخارجة عن نطاق وعيه ولكنها للاسف بإرادته !!! ويبدو أن (اللاوعي) لديه يمتلئ بكثير من التأنيب والألم للمجتمع فعندما يقول أنه سيصبح خليفة ياسر القحطاني فهذا حلم ملايين من الشباب أصبح (ياسر) مثلا لهم . وكأنه يصرخ بإتجاه المسؤولين متسائلاً لماذا لم يستقطبوا ياسر القحطاني وغيره من المشاهير في عالم الرياضة لتقديم توعية صحية صادقة عن مثل هذة المخاطر والتي لا يوجد معها حلول وسط فهي تذهب دوماً بإتجاه النهاية ، وأعني بحملة توعية صحية (صادقة) أي أنه لا يوجد ضمن أطرها لجنة خفية تحت أسم (لجنة الترزز) والمكاسب الشخصية. ترجمت أهازيج الشاب واستنتجت إرتباطها بواقعه فقد كانت كلماته الموجهة للاندية تفضحه وتكشف ألمه وكأنما يشير بأصبعه الي نفسه .. وهو يتحدث عن النصر .. والهمة وكلاهما ما يفتقده ولن يحصل عليه بعد أن ساءت حالته ، وعندما يغني (مجانين) فهو أيضاً يجلد ذاته لأنه وبسبب (حبة) فقد مستقبله وهو ما يعد بكل المعايير جنوناً. وعندما يصرخ (يأكلك حبة .. حبة) وهو صادق ويعني ان الإدمان أكله بطريقة (حبة .. حبة) ولم يتبقى له شيئا ليقتات منه مستقبله..ليعيش!! والمجتمع يتفرج (في المدرج). ومن ثم يختم (كاسر ..والاتي خاسر) فقد عرف واقعه الآن وهو يخسر كل شئ ( نفسه ، أهله ، دراسته ، سيارته ، لاعبه المفضل ) حتى جو الإدمان الذي كان يخدعه في لحظات معينة ويجعله يطير من الفرح أصبح لا يجدي نفعاً معه بعد أن تدمر عقله ووصل الي هذة المرحلة. تعج مستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان بشريحة كبيرة من الشباب وهو واقع أليم في مجتمع محافظ متدين ويتطلب من الجميع أن يعمل لتغيير هذا الواقع ، الجهات والأفراد (المجتمع المدني) يحاولون بأبسط الإمكانيات القيام بواجبهم في التوعية . بلا شك أن المسؤولين هم من يتحمل العبء الأكبر في هذا الجانب لأن دورهم لا يتم برسم الخطط نظرية وإصدار قرارت لا يقومون بتنفيذها في دوائرهم والأمثلة كثيرة وليس المجال لذكرها ولكن يتطلب منهم العمل بجدية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب لتحقيق الأمان النفسي والإجتماعي للمواطنين الخلاصة أن (شخطة قلم) في مكانها الصحيح من مسؤول في (مكان مناسب) تنفذها أيدي مخلصة قد تغير الواقع بالفعل. معلومة : كلنا أقرباء لأن شمساً واحدة تجفف ثيابنا. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته *رئيس تحرير صحيفة عناية الصحية الإلكترونية.