تشهد غزة ظاهرة جديدة هذه الأيام، تصح تسميتها ب"الأردوغانية"، نسبة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بعد الدعم المتكرر الذي أبداه الأخير لرفع الحصار عن القطاع، وصولاً إلى انتقاداته للهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية أواخر مايو (أيار) الماضي. وطبعت هذه الظاهرة نواحٍ عدة من حياة الغزيين، مثل إطلاق اسم "أردوغان" على المواليد الجدد، أو تسمية المحلات التجارية والأسواق باسمه، بالإضافة إلى بدء تدريس اللغة التركية في مراكز إغاثية تتلقى دعماً تركياً، حتى إطلاق قناة فضائية كويتية باسم "أسطول الحرية". وأعرب صالح أبو شمالة (25 عاماً) وهو والد أول طفل غزي يحمل الاسم، عن "فخره وسعادته" بتسمية وليده تيمناً بكنية رئيس الوزراء التركي، تقديراً للموقف البطولي الذي اتخذه رئيس الوزراء التركي ضده الحصار على قطاع غزة، خصوصاً بعد الهجوم على أسطول الحرية"، بحسب ما قال ل"العربية.نت". ورُزق أبو شمالة بمولوده "أردوغان"، وهو الثاني له، في الخامس من يونيو (حزيران) الماضي، أي بعد خمسة أيام من الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية، والذي قتل فيه 9 أشخاص بينهم مواطن أمريكي يحمل الجنسية التركية. تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أطلق الاسم نفسه على حفيده الخامس عشر، في آب (أغسطس) الماضي. معنى "أردوغان" و"أردوغان" هي كلمة تركية قديمة، واسم يحمله الكثير من الأتراك، وهي كلمة مكونة من مقطعين: الأول "آر" ويعني السيد أو الجندي أو العسكري، والثاني "دوغان" ويعني مولد أو شروق، ليصبح المعنى "مولد السيد". وإلى جانب انتشار الاسم، باتت ظاهرة رفع الأعلام التركية وصور رئيس الوزرء التركي مألوفة في المظاهرات التي تجوب شوارع القطاع، في إشارة تقدير لمواقف تركيا الداعمة للفلسطينيين، وتأييداً لخطاب أردوغان الذي هاجم فيها إسرائيل عقب الهجوم على أسطول الحرية. ولا يقتصر "الانتشار" التركي في القطاع على اسم "أردوغان" وحده، والذي أطلقه أحدهم على محل للألعاب يملكه، ليصل "التقدير" إلى إطلاق إسم تركيا على أحد صالونات تجميل النساء في القطاع، بينما يزين اسم "أسطنبول" لافتة أحد المقاهي. تعزيز الصداقة عبر اللغة ومع شيوع هذا النوع من التسميات، تلاقي دورات تعلّم اللغة التركية إقبالاً كبيراً من قبل الغزيين، بحسب ما يقول مدير مكتب جمعية الفضيلة والديمقراطية التركية في غزة محمود ياسين ل"العربية.نت". وكانت الجمعية بدأت بتدريس اللغة التركية، قبل نحو عام، إلى جانب عملها الإغاثي والخيري في القطاع للمتضررين من الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2009. وعبّر ياسين عن مفاجأته للإقبال الذي لاقته الدورات فور الإعلان عنها، حيث سجّل في الدورة الأولى نحو 40 شخصاً. ورغم أنها كانت تستهدف الفئات العمرية بين 14و25 سنة، إلا أن مسنين التحقوا بها، على حد تعبيره. وعزا الرغبة لدى الغزيين في تعلم اللغة التركية إلى سببين: "الأول نابع من احتياجات الناس إلى تعزيز أواصر الصداقة مع الشعب التركي الذي وجد فيه الغزيون شعباً صديقاً يشاركه هم حمل القضية الفلسطينية والنضال من أجلها، لا سيما بعد الحرب. والثاني زيارة وفود تركية إغاثية وطبية كثيرة للقطاع استوجب تعلم اللغة التركية للتواصل معها، حيث أن غالبية الأتراك لا يتمتعون بثقافة "ثنائية اللغة". وأوضح ياسين، الذي أمضى في تركيا سنوات عدة في الدراسة والعمل، أن أربعة أتراك يحملون الجنسية الفلسطينية من أصل 12 موظفاً في الجمعية يقومون بمهمة تدريس الطلاب كيفية إجراء المحادثات في الأماكن العامة، مثل السوق والمطعم ومحطة الحافلات، مضيفاً أن غالبية الملتحقين بالدورات هم من طلاب الجامعات والصحفيين وأصحاب الأعمال الحرة. وتعمل في غزة حالياً 4 جمعيات تركية، هي جمعية الإغاثة الإنسانية التركية، وجمعية يد الخيرية، وجمعية الهلال الأحمر التركي، بالإضافة إلى "الفضيلة والديمقراطية التركية". وكلها تعمل بالتنسيق مع مراكزها الرئيسية في أنقرة وأسطنبول، ويتركز عملها بالأساس على المشاريع الإغائية لأهالي القطاع. "أسطول الحرية" في الفضاء وفي لفتة تقديرية مشابهة، لكن من الكويت هذه المرة، أطلق نشطاء وبرلمانيون كويتيون قناة فضائية باسم "أسطول الحرية"، والتي بدأت بثاً تجريبياً من البحرين أواخر يونيو (حزيران) الماضي على القمرين "عرب سات" و"نايل سات" على مدار الساعة. وقال النائب الكويتي وليد الطبطبائي، الذي يرأس مجلس إدارة القناة الجديدة، ل"العربية.نت"، إن "الهدف منها هو إيجاد قناة خليجية مختصة بدعم القضية الفلسطينية، والتعريف بالمآسي التي يلاقيها الفلسطينيون جراء الاحتلال الإسرائيلي". وأوضح الطبطبائي، الذي شارك في أسطول الحرية رفقة 15 مواطنا كويتياً آخرين، أن فكرة إنشائها نبعت من "رغبتنا في الإبقاء على مجزرة أسطول الحرية حية في الذاكرة، كي لا تنتهي القضية بانتهاء الحدث"، مضيفاً أن اختيار اسم "أسطول الحرية" للقناة جاء بسبب "تحول هذا المصطلح إلى مرادف لفك الحصار عن غزة، وبدء عهد جديد من المقاومة السلمية". أوضاف أنه في الفترة الحالية، ستكتفي القناة ببث مواد أرشيفية عن فلسطين وعرض معلومات عن قتلى "أسطول الحرية" ومقابلات مصورة مع المشاركين فيه، بحسب ما قال الطبطائي ل"العربية.نت"، بالإضافة إلى تتبع أخبار "أسطول الحرية 2" والذي يتم التحضير له الآن، والمقرر أن ينطلق باتجاه القطاع بعد عيد الأضحى. وأشار النائب الكويتي إلى أن قناة "أسطول الحرية" تشارك في حملات إعلامية لفك الحصار الإسرائيلية عن القطاع، لافتاً إلى حملة تقوم بها القناة حالياً للمطالبة بالإفراج عن رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48 الشيخ رائد صلاح، وتتمثل في ظهور دائم لصورة صلاح على الشاشة وإلى جوارها عداد يشير إلى عدد أيام احتجازه في السجون الإسرائيلية، والتي وصلت إلى 61 يوماً اليوم. وأكد الطبطبائي أن القناة تعتمد على الموارد الذاتية للقائمين عليها والإمكانات الفردية لطاقمها الفني، والمكون من 5 أفراد فقط. وكشف عن وجود اتصالات تجريها حالياً إدارة القناة مع مؤسسات كويتية مختلفة لتأمين رعاية دائمة تكفل لها الاستمرار مستقبلاً.