أصدر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً ملكياً بقصر الإفتاء في القضايا العامة على أعضاء هيئة كبار العلماء. ووفقاً هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، جاء القرار بعد فترة شهدت فيها المملكة انقسامات علنية بين رجال الدين المؤيدين للإصلاح وغيرهم من رجال الدين المحافظين حول عدة قضايا وهي نزعة يقول دبلوماسيون، حسب وكالة رويترز إنها تزعج السلطات السعودية التي تسعى إلى محاربة التشدد والأفكار التي تولده. وتتكون هيئة كبار العلماء الذي اسند إليها القرار مهام الفتاوى بشكل حصري في القضايا العامة من 20 عضواً يعينهم الملك. ولم يوضح القرار الذي وجه إلى مفتي عام المملكة الطريقة التي يمكن أن يطبق فيها. ووفقاً لبي.بي.سي، أثار القرار ردود فعل واسعة ومتباينة من قبل الكتاب والمثقفين السعوديين عكستها كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت. ومن جانبه قال منصور النقيدان، الباحث السعودي في تاريخ حركات الإسلام السياسي لبي.بي.سي إن قضية الفتاوى الخارجة عن الخط العام بدأت في الظهور بشكل واضح قبل عامين عندما أصدر أحد علماء الدين فتوى بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية التي تبث مواد يرى أنها تخالف تعاليم الشريعة. وأضاف أن الأمر ازداد سوءاً خلال الفترة الماضية مع ظهور خلافات علنية بين رجال دين بينهم أئمة سابقين للحرم المكي وعلماء دين بارزين حول قضايا عدة. إلا أن النقيدان قال إن القرار هو محاولة لإنهاء هذا التجاذب، ولكنها محاولة توقع لها الفشل نتيجة لطبيعة "الفقه السني الذي يرفض التراتبية وحصر الإفتاء في أشخاص تعينهم الحكومة". وقال "النقيدان"، إن هناك صعوبة أخرى تتمثل ممارسة الكثير من العلماء للفتيا عبر وسائل الإعلام في داخل وخارج السعودية. فتاوى ومن أبرز الفتاوى التي أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع السعودي مؤخراً فتوى جواز إرضاع الكبير التي أطلقها الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي. وكذلك فتوى قالها الدكتور الشيخ عبدالمحسن الأحمد المحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود تدعو إلى هدم الكعبة، وإعادة بنائها منعاً للاختلاط بين الرجال والنساء. ونص القرار الملكي السعودي على أن البلاد شهدت "اجتهادات فردية يتخطى بها اختصاص أجهزة الدولة ولاسيما ما يتعلق بالدعوة والإرشاد وقضايا الاحتساب". وأضاف أن المملكة أنشأت "مؤسسات شرعية تعنى باختصاصات معلومة لدى الجميع، وقامت بواجبها نحوها على الوجه الأكمل، لكن نجد من البعض من يقلل من هذا الدور، متعدياً على صلاحياتها، ومتجاوزاً أنظمة الدولة ومنهم من نصب نفسه لمناقشتها، وعرضها على ما يراه وهذا ما يتعين أخذه بالحزم ورده لجادة الصواب". وشدد الملك عبدالله أن كل من يتجاوز هذا الترتيب، فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان. واستثنى الأمر الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول.