تمتاز شخصية محمد بن ناصر العبودي بالموسوعية وبالتنوع، سواء في الاهتمامات والنشاطات أو في المجالات البحثية والمعرفية، فهو رحّالة وداعية ومؤرخ وباحث وروائي وقاص. ويقارب أن يصل إلى سقف أعلى مؤلف سعودي من حيث الأعمال المطبوعة، إذ ألف لهذا العام فقط عشرة كتب، ويحل ضيفاً على معرض الرياض الدولي للكتاب بخمسة عناوين جديدة. كما أنه يعتزم إصدار ثلاثة كتب في علم جديد هو «علم الإخباريات». مؤكداً أن هذا العلم إنما هو جديد «عند الأدباء والمؤرخين، ولكنه قديم عريق عند أدباء العرب ومؤرخيهم، بل هو من أقدم فنون التراجم منذ القرن الثاني الهجري». وضرب لذلك أمثلة بكتب قديمة كانت تحمل عناوين: «أخبار فلان». ويقول إنه ليس «علماً مستقلاً، وإنما جزء من علم التاريخ والتراجم». ولكنه استبعد في الوقت نفسه أن يكون هذا العلم في العصر الحديث قد سجل في جهة تعليمية عليا أكاديمية. وحول كيفية فك التشابك بين فن التراجم وبين علم الإخباريات، يرى العبودي أن علم التراجم «يركز على المعلومات التي تتعلق بالشخص المترجم له، وأما علم الإخباريات فيركز على المعلومات من الأقوال والأفعال التي صدرت عن ذلك، فهو ككتابة رواية عنه». وقال ان له ثلاثة كتب جديدة في معرض الرياض للكتاب، في هذا العلم الجديد، هي: «أخبار الملا سيف» و«أخبار رجل الحسبي قني» و«أخبار مطوع اللسيب». مؤكداً أنه لم يختر هؤلاء الشخصيات من أجل هذا المعرض بالذات، وإنما كتب منها ستة كتب، وكانت هذه الثلاثة هي الجاهزة منها للطباعة. وعلل السبب في اجتذاب هذه الشخصيات الثلاثة له للتأليف عنها بأنه «التميز الذي تتمتع به هذه الشخصيات في ميادين المعرفة، والتميز في نظرتهم إلى الأمور، إضافة إلى الدافع الرئيسي وهو المزيد من المعرفة التاريخية والثقافية». وحول تأخر كتابه «معجم أسر القصيم»، وما إذا كان يرغب في إصداره قريباً أم لا، أجاب العبودي: «تعلمون أن موضوع الأسر دقيق، وحساس، ويجب التأني في كتابته ثم في إصداره بعد كتابته، هذا من جهة عامة، ومن جهة أخرى فإنني كنت مشغولاً في السابق في كتابة كتب الرحلات والكتب اللغوية». مشيراً إلى أنه قام أخيراً بتقسيم كتاب معجم أسر القصيم إلى خمسة كتب: الأول معجم أسر بريدة، والأربعة الباقية عن أسر جنوب وغرب وشرق وشمال القصيم. .ولم يبد العبودي أي قلق من عدم نجاح تسويق أربعة كتب كبيرة في أوقات متقاربة وإنزالها في معرض الرياض الدولي مرة واحدة، معللاً: «الكاتب المؤلف مثلي يكتب بغض النظر عن السوق»، نافياً أن يكون لديه أي خطط لتهيئة ركن خاص بالتوقيع على إصداراته الجديدة على رغم كثرتها، وأضاف: «وأما التوقيع على الإصدارات الجديدة فإنني لا أرى ما يدعو إليه،. وتحدث عن كتابه العاشر الذي تصدره المطابع لهذا العام وهو كتاب «مشاهد من بريدة قبل 75 عاماً»، واصفاً إياه بأنه سيشجع المخضرمين على تدوين مشاهدات مدنهم، باعتبار أن «تدوين المشاهدات أمر مطلوب، لأن أكثر أبنائنا وبناتنا من الجيل الجديد لا يكادون يعرفون شيئاً يذكر من ماضي الحياة التي كان يحياها آباؤهم وأجدادهم». وتوقع لكتابه أنه سيقدم للباحثين في التاريخ والتراث معرفة شيء عن مشاهد بريدة، «وعن زمان لبلادنا مضى وانقضى». وتطرق الداعية والرحالة إلى الحديث عن اقتحامه لعالم الرواية وتحدث عن قصة مراودة هذه الفكرة له قائلاً: «الرواية فن أدبي راق، وقد كانت الرواية موجودة في الأدب العربي القديم بصفة أو أخرى، وليست على ما هي عليه الآن، ولا صارت فناً من فنون الآداب المعروفة إلا في ما يتعلق بالمقامات الأدبية، ففيها ملامح منها». واستطرد مشيراً إلى روايته التي صدرت عن النادي الأدبي في الرياض بعنوان: «مطوع في باريس»، ذاكراً أن المشاهد والمقاطع المثيرة التي احتوتها هذه الرواية لم يكن لمجرد اجتذاب القارئ واستهوائه، وإنما كان دافعاً أدبياً. مؤكداً على إعجابه الشديد بالرواية الفرنسية والروسية وبالأخص روايات تولستوي. واستدرك بأن رواية «مطوع في باريس» ليست هي أول رواية يكتبها، موضحاً أن «أولى الروايات التي كتبتها هي رواية طويلة بعنوان «الأصدقاء الثلاثة»، وتقع في ما يقارب 400 صفحة جاهزة للطبع». مشيراً إلى أن له عملين روائيين آخرين أيضاً لم تتم طباعتهما بعد وهما: «المستغرب»، وقصة طويلة بعنوان: «المستدين». إضافة إلى نتاج قصصي نشره النادي الأدبي في القصيم بعنوان: «حكايات تحكى».