اعتبر كتاب وإعلاميون سعوديون أن قرار وزارة الداخلية السعودية الذي أفصحت عنه أخيراً بتنحية 2000 معلم إلى وظائف إدارية بعد ثبوت مساهمتهم في نشر الفكر الضال والمتطرف هو قرار صائب، وأنه يسير وفق نسق تجفيف منابع الإرهاب والحد من تأثيره من قبل أناس هم أساساً من ضحاياه ، معتبرين أن تلك الخطوة يجب أن تفعل ضمن خطوات أوسع تضمن الوصول لشرائح أخرى وبتعاون من كل الجهات الحكومية والخاصة لتحقيق الأمن الوطني والفكري، خصوصاً ضمن من تسند لهم مهام التأثير في الأجيال الناشئة. فمن جهته أكد ل"العربية.نت" الكاتب عبدالله بن بخيت الأهمية القصوى لتعاون الجهات الأخرى الحكومية والخاصة مع وزارة الداخلية خصوصاً في برامج الأمن الفكري واستباق خطوات الإرهاب، مضيفاً "مشكلة التعليم تكمن في وجود ما يسمى بالمنهج الخفي لدى بعض المعلمين المؤدلجين، وهو ما شاهدنا نتائجه على الساحة سواء على المستوى السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي". عبد الله بن بخيت ورأى بن بخيت "الآن يبدو أن العمل الجاد تجسد فعلياً وأتمنى أن يمضي قدماً في إجراء اختبارات صريحة للمعلمين خاصة القياديين كمدير المدرسة ووكيله ممن يتخذون القرارات نحو المدرسين ويديرونهم ويدركون أبعاد فكرهم، يجب أن تغير البنية الإدارية في المدارس عند الحاجة لإدراك أصحاب المنهج الخفي من المدرسين"، معتبرين "أن من يحمل فكراً وغلواً يبقون في النهاية مواطنين لهم حق العيش وهؤلاء في النهاية مثل الطلاب هم ضحايا ولكن من المهم فعلاً إبعادهم عن مجال التأثير في الآخرين خصوصاً الطلاب وبالتالي فالوظائف الإدارية هي حل". وأضاف: "إن الإحالة للوظائف الإدارية قد لا تكون الحل النهائي، وبنظري أنه في مجال التربية والتعليم المناصحة غير مجدية ومن باب الحرص الواجب هنا أن يكون الإبعاد والاستبعاد عن مجال التأثير هو الحل الأفضل". استراتيجية وطنية من جهة أخرى لا يبتعد الإعلامي والكاتب محمد المحفوظ عن هذا الرأى فهو يرى وجوب مناقشة ظاهرة التطرف في المستوى التعليمي من قبل نخبة من الأطياف للوصول لحلول ناجعة لهذه المشكلة الخطيرة، معتبراً وجوب "الحاجة لاستراتيجية وطنية أو خطة وطنية متكاملة تتعامل مع ظاهرة الإرهاب كمشكلة تحتاج لتضافر كل الجهود الوطنية من خلال رؤية وطنية متكاملة نحو طريقة معالجة هذه المشكلة". واعتبر أن هذا الحل لن يجتث هذا الفكر بالإحالة لأعمال إدارية ما لم تتداخل ظروف المعالجة من كل النواحي للتصدي للتطرف الذي له أسباب مركبة، وأن الحل الأمني وحده لا يعالج الأمر بشكل كامل، لكن الحل الكامل والخطوة الصحيحة تتمثل في الاستراتيجية الوطنية المتكاملة فيها إرادة وطنية جماعية لتفكيك هذه الظاهرة ليس فقط في المجال التعليمي ولكن في كل المجالات الخصبة التي يستهدفها هذا الفكر الخبيث". وطالب في حديثه ل"العربية.نت" بأن لا يكتفى بتنحية المعلمين فقط، بل وأن تشمل الاستراتيجية الوطنية الدفع بمناهج تتسم بالاعتدال وتغرسه في نفوس الناشئة، معتبراً أن "التعليم ورجاله وطلابه مازالوا هدفاً دسماً لمعتنقي الفكر الضال". "تحسين أوضاع المعلمين" حسن بن سالم من جانبه، أكد الكاتب بصحيفة "الحياة" حسن بن سالم أن إبعاد أولئك المعلمين المتطرفين يحمل دلائل عدة ذات مغزى من أهمها أن المعلومات صادرة من إحدى الإدارات المهمة التابعة لوزارة الداخلية، والدلالة الثانية وجود ذكر وتعداد لبعض الأرقام والنسب لأولئك المعلمين المتورطين بتلك القضايا، وأن التصريح يأتي في السياق ذاته الذي أدلى به المتحدث الأمني اللواء منصور التركي بشأن ضعف الدور المدرسي في مواجهة قضية الإرهاب، وهو ما يشير بوضوح إلى خطورة آثارها وأبعادها، على حد قوله. وأثنى على ما أعلنته التربية والتعليم أخيراً عن استحداثها لاستمارة تقويمية في أثناء المقابلات الشخصية للمتقدمين الجدد على الوظائف التعليمية وذلك لقياس السمات والقيم الشخصية والتوجهات الفكرية لديهم، وهي خطوة مهمة في الحد من تزايد أعداد المعلمين المتطرفين، ومتسائلاً "هل تظن الوزارة أنها بمجرد مثل هذه الآلية ستستطيع الكشف وبشكل حقيقي عن كوامن التطرف المترسبة والمتراكمة في عقول بعض المعلمين على مدى سنوات عدة". أما الكاتب بصحيفة "الوطن" خالد عبدالله المشوح فقد علق بقوله "من حقنا كمواطنين أن نتساءل عن تأهيل المعلم، وهنا أتحدث عن التأهيل بكل أشكاله التربوية والفكرية والمهنية التي يمكن من خلالها معرفة وتحديث آراء كثير من المعلمين الذين في أحيان كثيرة هم ضحية الرتابة والجمود اللذين يعيشونهما واللذين تسهم الوزارة في تقنينهما من خلال نظام لا يعترف بالفروق الفردية والحوافز المادية والمعنوية المحددة التي يمكن من خلالها أن يقوم المعلم بجني ثمرة جهده وعمله على تطوير ذاته". واعتبر أن "الحوار هو الكفيل بقمع نمو هذه الأفكار إن لم يكن إزالتها وذلك من خلال منافذ متعددة للحوار الفكري والثقافي، كما أن تحسين وضع المعلم وتمييز المنتج عن غيره يمكن أن يسهم في كبح التطرف من خلال الانشغال في تطوير الذات". تنحية الغلو يُذكر أن مستشار الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية مدير الإدارة العامة للأمن الفكري في وزارة الداخلية، الدكتور عبدالرحمن الهدلق، كشف أخيراً عن إبعاد 2000 معلم عن التدريس في المدارس السعودية ونقلهم إلى وظائف إدارية في العامين الماضيين بسبب الغلو، وإيقاف عدد من المعلمين بعدما تبين أنهم يحيلون رسالة التدريس في المواد الدراسية إلى إدارة لنشر الفكر الضال. وزاد مدير إدارة الأمن الفكري في حديث لصحيفة "عكاظ" السعودية الاثنين 12-7-2010 "هناك عوامل ومناشط تغذي هذه الأطياف وتساعد على تواجدها مع العائدين من جبهات القتال". هذا في الوقت الذي كان فيه مجلس الخدمة المدنية قد منح صلاحيات واسعة لوزير الداخلية ووزير التربية والتعليم لنقل المعلمين المتورطين في قضايا أمنية وأخلاقية ومهنية إلى وظائف خارج سلك التعليم، وتضمن القرار جواز النقل لأسباب متعلقة بالمصلحة العامة التي يرد بها توجيه وزير الداخلية ولا يستدعي عرضها على لجنة قضايا المعلمين، والأسباب المتعلقة بالمصلحة التعليمية والتربوية. ورأى مدير إدارة الأمن الفكري أن من مظاهر الانحراف الفكري الغلو في الدين، وتبني الإرهاب، وسوء الظن، والتجرؤ على الفتوى، مبيناً أن أسباب الانحراف الفكري تعود لقلة الوعي الشرعي وغياب التوازن ومصادر التلقي المشبوهة، إذ تبين في دراسة أجراها ضعف العلم الشرعي لديهم بل حتى لدى منظريهم وقادتهم الشرعيين. وأشار الهدلق إلى وجود استراتيجية المواجهة الفكرية المتلخصة بمصطلح "وتر"، والتي تعني وقاية وتأهيل ورعاية، إذ تشمل محاورة الموقوف حول الشبهات التي يحملها، وعقد دورات علمية ومتابعة الحالة النفسية والاجتماعية داخل مركز الأمير محمد بن نايف. وكان وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز قد أكد في وقت سابق أن ظاهرة الإرهاب ظهرت في السنوات الأخيرة، وقال "للأسف خلال السنوات الثلاث الماضية ظهرت لنا مجموعات من المؤهلين تأهيلاً علمياً من حملة الشهادات فضلاً عن وجود ممولين بالمال، أي أن هناك فكراً ومالاً. وهذا يؤسفنا كثيراً، بل يؤلمنا".