جدة: أوضح الدكتور سعيد بن مصلح السريحي أن الفيلسوف العربي "ابن رشد" لم يكن ضد اللاهوت كما شاء له الرشديون اللاتينيون أن يكون، ولم يكن كما صوّر رينان فيلسوفًا ملحدًا يشكّل أنموذجًا لمفكري القرن التاسع عشر الميلادي، أو على النحو الذي أراده له فرح أنطوان الذي جعل منه مجسّدًا لقيم العقل والعلم والفلسفة والعلمانية، وإنّما كان مفكّرًا مسلمًا أراد من خلال الفلسفة أن يتفهّم الدين على أسس عقليّة ومن منطلقات فكريّة، واستعان في ذلك بالفلسفة كما تجلّت لدى أرسطو . جاء ذلك في الورقة الرئيسة التي قدمها السريحي تحت عنوان "ابن رشد والتيار المضاد" ضمن فعاليات جماعة حوار بالنادي الأدبي الثقافي بجدة مؤخّرًا، والذي كان محوره "المثقف والسلطة"، وأدار المحاضرة الدكتور سحمي الهاجري. وأشار السريحي في سياق ورقته كما نقلت عنه صحيفة "المدينة" السعودية إلى أن الاتجاه العقلاني الذي أخذ به ابن رشد هو اتجاه دولة الموحدين منذ تأسيسها، وما يدل على ذلك أن شرحه لأرسطو جاء بناء على طلب الخليفة الذي كان يسعى من خلال تكريس المعايير العقلية إلى مواجهة تعدد المذاهب والفرق والملل والنحل في عصره على نحو يجعلنا نقول إن ما يبدو لنا في ظاهره عملاً علميًّا فلسفيًّا خالصًا لم يكن يبرأ في حقيقته من أن يكون أداة من أدوات الضبط.