أكد العالم السعودي الدكتور عبد الوهاب الطريري، رئيس تحرير مجلة "الإسلام اليوم"، أن مناقشة علماء مسلمين مؤخرا فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤتمر "ماردين" بتركيا، هدفت إلى تجريد هذه الفتوى من أن تكون دليلا للإرهابيين، لتوظيفها سلبيا كدليل شرعي يبيح لهم ارتكاب أعمال إرهابية. ونبه الدكتور الطريري، وهو أحد العلماء المشاركين في المؤتمر، إلى أن المؤتمر لم يسع إلى الرد على فتوى ابن تيمية، وإنما تجريدها من التوظيف السلبي لها من قبل الجماعات الإرهابية، على غرار آيات قرآنية وأحاديث نبوية أولها الإرهابيون في غير المقصود منها، خدمة لمنهجهم الفكري، مشيرا إلى أن فتوى ابن تيمية هي إحدى الفتاوى المهمة، التي ناقشت قضية الجهاد والدار، مشددا على أنها فتوى "سديدة" في تنزيلها على الواقع الزماني والمكاني المعاصر. وأوضح الطريري أن الفتوى لها مناسبة فعندما سئل ابن تيمية عن بلدة ماردين، التي يسكنها مسلمون، واستولى عليها المغول، وهل هي بلد حرب أم سلم؟ ستحدث منزلة وتصنيف جديد يتجاوب مع ذلك الظرف الطارئ، فاعتبرها لا هي دار حرب أو سلام، وإنما قسم ثالث يعامل فيها المسلم بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام منهم بما يستحقه. وأشار الدكتور الطريري إلى أن المؤتمر هدف أيضا إلى إمكان إيجاد توصيف جديد للدول، يتوافق مع المستجدات العالمية، ومنها إنشاء المؤسسات والمنظمات الدولية، وإعلان المواثيق الدولية التي تعطي للدول توصيفات جديدة، غير حصرها في دور حرب أو سلام، لافتا إلى أن المؤتمر دعا إلى "اعتبار دول العالم جميعها، باستثناء الدول التي تخوض حربا ضد المسلمين كالكيان الصهيوني، (فضاء سلام)، إذ قلما يوجد بلد لا يعيش فيه مسلمون، ويتمتعون فيه بحقوق المواطنة". ودعا إلى الانطلاق من فتاوى العلماء المسلمين القدماء باعتبارها ثروة كبيرة، راعت الظروف الزمانية والمكانية المعاصرة لهم، على أن يجدد العلماء المعاصرون مثلما فعل العلماء السابقون، من خلال إيجاد أحكام شرعية تتوافق مع مستجدات العصر. من جهته، أكد الشيخ الدكتور عبد الله بن بية، لصحيفة "الشرق الأوسط"، على تحريف فتوى ابن تيمية والزيادة عليها من قبل اتباعه، الامر الذي استدعى مراجعة تراث أئمة الاسلام، حيث ان ما ينسب اليهم قد يكون مجتزأ او ناقصا، مما يظهر عدم التكافوء في اقوالهم في حال ربطهم مع الآراء الأخرى الخاصة بهم. ونادى بن بية بضرورة تمحيص وتنقيح عدد من القضايا التي باتت تؤثر على الأمة، مطالبا بضرورة تصحيح التصورات، التي على اساسها سيكون بناء التصرفات والسلوكيات. وذكر على سبيل المثال وليس الحصر اسماء عدة يجدر على المختصين الاسلاميين والعلماء مراجعة تراثهم امثال "الشاطبي" والعز بن عبد السلام والامام الغزالي في مواقفه الصوفية والفكرية، إلى جانب الامام حسن الاشعري، وغيرهم كثير، مشددا على اهمية عدم تجاهل التراث الذي من خلاله ستعرف مدى صحة التصورات. ورفض بن بية اسقاط الفتاوى القديمة على الواقع الجديد، منوها بوجود اشكالية ما بين التراث والواقع، اذ بات من الاهمية بمكان مراعاة المصالح والمفاسد والاحوال والمآلات، وقال "ما عدا الرسول الكريم المعصوم، ليس لدينا محرمات أو محظورات في ما يتعلق بنقد الموروث الديني"، مؤكدا: أما غيره فكلامه يرد.