انتقدت صحيفتا "لوموند" و"ليبراسيون" استراتيجية جيرت فيلدرز صاحب فيلم "فتنة" المسىء للإسلام القائمة على التلاعب بعقول الطبقات الشعبية فى هولندا من خلال استغلاله فيلمه المعادي الإسلام في الترويج لحزبه.. الأمر الذى كان وراء النجاح الذى حققه "حزب الحرية" اليمينى المتطرف فى الانتخابات البلدية الأخيرة فى هولندا والذى من المتوقع تكراره فى الانتخابات التشريعية يوم 9 يونيو المقبل. ونقلت صحيفة "لوموند" رأى عالم الاجتماع بول شيفر، مؤلف كتاب "دراما التعددية الثقافية" الذى ندد بالخداع الذى يعيش فيه المجتمع الهولندى وبالعنصرية المتنامية فيه، منوها على أن جيرت فيلدرز يمثل "مؤشر لعدم الاستقرار داخل المجتمع الهولندى أكثر من كونه سبب لعدم الاستقرار هذا داخل دولة توالت عليها أربع حكومات خلال تسع سنوات". ويرجع شيفر أهم أسباب نجاح فيلدرز وحزبه فى تلك الانتخابات، خاصة فى مدينة ألمير حيث ندد الحزب بانعدام الأمن وبانتشار الإرهاب فى شوارعها والتى تؤكد الصحيفة بعدم وجود أى إحصاءات جنائية تدعم هذا الكلام، إلى خطابه الذى يعتمد على حجة تهديد المسلمين لحرية التعبير فى هولندا وهى الحجة التى نجحت فى التأثير على الناخبين من الطبقات الشعبية وجزء من الطبقة المتوسطة واجتذابهم للتصويت لصالح هذا الحزب الذى استغل فكرة "الخوف من الإسلام" لصالحه. وفى هذا السياق يشير عالم الاجتماع شيفر إلى أن موضوع "حماية الثقافة" يمثل اليوم أهم الموضوعات المثيرة للجدل فى العديد من الدول الأوروبية. ويؤكد لوران شامبون، وهو فرنسى ينتمى إلى حزب العمال فى امستردام، أن حزب الحرية قادر على تنظيم حملة عنيفة ضد الإسلام - مثل فيلم "فتنة" الذى يحضر جيرت فيلدرز لإنتاج جزء آخر منه - وأيضا تعبئة الأقليات التى تعرضت لاضطهاد فيما مضى ويضيف شامبون قائلا: "إن أكثر الناشطين حماساً لهذه الحملة من الكراهية هم الذين عانوا أشد المعاناة منذ بضعة عقود مثل اليهود والمثليين جنسيا وغيرهم". وتتسائل الصحيفة – بحسب ما نقلته صحيفة اليوم السابع المصرية- هل يمكن لجيرت فيلدرز الوصول إلى السلطة فى هولندا أو المشاركة فيها.. إذ يستبعد اليسار تماما هذه المسألة، فى الوقت الذى يعرب فيه وزير الخارجية الهولندى ماكسيم فيرهاجن عن قلقه من "انتشار الكراهية والتمييز على نطاق أوسع، مما سيؤدى إلى انتشار التفرقة والاستقطاب والتصعيد، وفى نهاية المطاف سيصل الأمر إلى المواجهة". أما الخبير السياسى جيروم جامين، فيقول لصحيفة "ليبراسيون" إن قوة فيلدرز تكمن فى تلاعبه بعقول الأشخاص المنتمين إلى الطبقات الشعبية من خلال خطابه القائم ضد القرآن الكريم وبالتالى ضد كل ما هو قريب أو بعيد من العالم العربى والإسلامى، حيث يعتمد فيلدرز فى انتقاداته الحادة للإسلام على استراتيجية تتميز بالتلاعب ولكنها فى الوقت ذاته فعالة ومؤثرة كيف؟. يشرح جامين قائلا إن فيلدرز يُظهر رفضه للإسلام من خلال منظور يبدو من الخارج وكأنه دفاع عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين والمحافظة على قيم الثورة الفرنسية، أكثر منه كراهية للإسلام وذلك من خلال إظهاره للنصوص الإسلامية وكأنها تدعو للعنف ضد المرأة ومثليى الجنس كما ترتكز استراتيجيته على تلك الفكرة التى تحول كل شخص ينتمى للإسلام إلى إرهابى خطير مؤيد للنقاب وبن لادن وبالتالى يظهر فيلدرز فى صورة "فارس الديمقراطية" الذى يحمل مسئولية الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين. الأمر الذى يأسف له جيروم جامين قائلا "ليس من المستعجب إذا أن نسمع تعليقات تشير إلى جيرت فيلدرز بوصفه الشخص التقدمى الحقيقى الوحيد فى هولندا".