تسود أجواء من القلق والترقب أوساط العاملين بموقع "إسلام أون لاين" ذائع الصيت، في ظل القرارات الانقلابية الأخيرة التي اتخذتها مجلس إدارة جمعية "البلاغ الثقافية" القطرية- الجهة الداعمة- وشملت إقالة ثلاثة من القيادات الإدارية والتحريرية بمؤسسة "ميديا إنترناشيونال" التي تبث الموقع، تمهيدًا للبدء في تصفية أطقم العاملين في مختلف قطاعات المؤسسة خلال الفترة القادمة. التطورات المفاجئة جاءت في أعقاب التشكيل الأخير لمجلس إدارة جديد لجمعية "البلاغ"، وهو ما فجر موجة من الغليان داخل المؤسسة التي يتجاوز عدد العاملين فيها 300 موظف ما بين فني وإداري، خاصة وأن هناك معلومات شبه مؤكدة عن وجود نية لإطلاق حملة تسريح يرجح أن تطال 50 في المائة من العاملين على الأقل، واحتمالات بتصفية المؤسسة في مصر ونقل مقرها بالكامل إلى قطر. وعلمت "المصريون" من مصادر وثيقة، أن هناك تحركات تجرى بشكل متواز حاليًا بالقاهرة والدوحة في محاولة لنزع فتيل الأزمة ووقف قرارات التسريح المرتقبة، عبر اتصالات مكثفة يجريها مقربون من الدكتور يوسف القرضاوي رئيس جمعية "البلاغ" ومن بينهم الدكتور محمد سليم العوا، في محاولة للضغط عليه للتدخل لدى أعضاء مجلس الإدارة لإثنائهم عن إعادة هيكلة المؤسسة ونقل مقرها إلى خارج مصر. وبدت نذر الأزمة مع بداية هذا العام إثر تشكيل مجلس إدارة جديد لجمعية "البلاغ الثقافية" يتألف من خمسة قطريين إلى جانب الشيخ القرضاوي رئيسًا والدكتور علي محيي الدين القرة داغي نائبًا، وكانت أولى قرارات المجلس الإطاحة بكل من توفيق غانم المدير العام لمؤسسة "ميديا إنترناشيونال" والعضو المنتدب في مجلس إدارة الجمعية، وهشام جعفر نائب المدير العام ورئيس تحرير الموقع العربي، ومحمد إبراهيم زيدان رئيس القسم الشرعي والمشرف على الموقع الإنجليزي ووظائف مستشارين. وتم تسكين القيادات الثلاثة في وظائف مستشارين للموقع بعد اختيار آخرين بدلاً منهم أحدهم نيجيري يتولى مسئولية القسم الإنجليزي بالموقع، وكان ذلك في إطار التمهيد لإجراء عملية تطوير وهيكلة للموقع تهدف – كما يقول الأعضاء القطريون بالمجلس- لإعادة تصويب مساره كمؤسسة إسلامية قطرية المنشأ عالمية التمويل، وذلك بعدما لاحظوا أن الاتجاه الغالب هو تمصير الموقع، نظرًا لكون غالبية الموظفين فيه من المصريين، فضلاً عما رأوه من "تمصير" للموضوعات والقضايا المتناولة. وأعطى هذا شعورًا لدى أعضاء المجلس بتعمد تهميش قطر دولة المنشأ، وأن دورها يقتصر فقط على عملية الدعم والتمويل، دون أن يكون لها تدخل في الجوانب الفنية والسياسة التحريرية للموقع، فضلاً عما أبدوه من تحفظ على اختيارات المستشارين والعلماء والمشايخ "الرسميين" من مصر في الرد على الاستشارات والفتاوى للزوار، وهو الاتجاه الذي عمدت إليه إدارة المؤسسة منذ إطلاق الموقع في أكتوبر 1999، حتى لا يتم تصنيفه باعتباره من الأذرعة الإعلامية لجماعة "الإخوان المسلمين". وفي ضوء هذا التوجه، عمل الجانب القطري على تقليص الصلاحيات الفنية للتقنيين بالمؤسسة والتدخل في الأمور الفنية، وأسندت مسئولية التحكم في الجانب التقني بالموقع إلى جهات خارجية وتم تغيير كلمات السر الخاصة بصفحات التحديث وإدارة الموقع، بشكل أثر بالسلب على أدائه وأحدث العديد من المشاكل الفنية خلال الفترة الماضية، وعزز هذا من التسريبات التي تحدثت عن وجود نية لتسريح ما لا يقل عن 50 في المائة العاملين من وظائفهم، رغم عدم وجود قرار رسمي بذلك حتى الآن. وانعكست هذه الأجواء الضبابية على العاملين الذين أصيبوا بحالة من القلق والخوف على مستقبلهم داخل المؤسسة، ما دعاهم إلى مخاطبة الشيخ القرضاوي وأعضاء مجلس إدارة جمعية "البلاغ" من أجل الحضور إلى القاهرة لعقد اجتماع عاجل معهم بمقر المؤسسة ب 6 أكتوبر "لطمأنتهم على توجه الإدارة الجديدة للجمعية، وتبديد مخاوفهم من اتجاه الموقع لخدمة أجندة غير واضحة". ودعوا في رسالة توجهوا بها إلى القرضاوي إلى فتح قناة دائمة للحوار بين العاملين في المؤسسة والإدارة القائمة عليها، وتقديم ضمانات واضحة للحفاظ على حقوق العاملين المادية والمعنوية، ووضع حد لتهديدهم المبطن بالتسريح، عبر لجان التطوير، مؤكدين أن القلق على مستقبل "إسلام أون لاين" هو الذي دفعهم إلى ضرورة التنبيه والتحذير إزاء ما يرونه من مخاطر تهدد وسطية الموقع وعالمية رسالته.