قوبل انفتاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على معارضي القصف الروسي في سوريا بجفاء، الاثنين، إذ قالت مصادر سعودية إن الرياض حذرته من عواقب وخيمة، بينما صدر عن الاتحاد الأوروبي أقوى انتقاد حتى الآن. وبعد أسبوعين تقريبا من انضمام الروس للحرب التي تعصف بسوريا منذ ما يزيد على أربع سنوات، خطا بوتين أكبر خطواته لكسب تأييد معارضين في المنطقة، بلقائه وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش سباق جائزة روسيا الكبرى ل"فورمولا 1" للسيارات في منتجع سوتشي، الأحد. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الاثنين، إن تلك المحادثات، بالإضافة لمناقشات مع الولاياتالمتحدة، أضفت تقدما على الصراع، رغم أن موسكووواشنطنوالرياض لم تتفق تماما "حتى الآن." لكن مصدرا سعوديا قال إن الوزير السعودي، وهو نجل الملك سلمان وأحد المحركين الأساسيين لسياسة المملكة الخارجية، أبلغ بوتين بأن التدخل الروسي من شأنه تصعيد الحرب وجذب متشددين من مختلف أنحاء العالم للانضمام إلى القتال. وقال المصدر الذي تحدث مشترطا عدم ذكر اسمه، إن الرياض ستواصل دعم معارضي رئيس النظام السوري بشار الأسد، والمطالبة برحيله عن السلطة. أما وزراء الخارجية الأوروبيون المجتمعون في لوكسمبورج، فأصدروا بيانا طالبوا فيه موسكو بالتوقف فورا عن قصف المعارضة المعتدلة في سوريا. وقال الوزراء في أشد البيانات قوة عن التدخل الروسي في حرب حصدت أرواح ربع مليون شخص، وخلقت أزمة لاجئين في بلدان مجاورة في أوروبا، إن "الهجمات العسكرية الروسية الأخيرة مثار قلق عميق، ويجب أن تتوقف فورا." وأضاف الوزراء: "هذا التصعيد العسكري الروسي في سوريا ينذر بإطالة أمد الصراع، وتقويض العملية السياسية، ويفاقم الوضع الإنساني، ويساعد على تأجيج التطرف." وتقول موسكو إنها لا تستهدف في سوريا سوى "جماعات إرهابية" محظورة، وبالأخص تنظيم الدولة. وفي تصريحات يومية قالت إن جميع الأهداف التي ضربتها في غارات تتبع لتنظيم الدولة، على الرغم من أن غالبيتها وقعت في مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة أخرى، بينها كثير ممن تدعمهم دول عربية وتركيا والغرب. غارات جوية تثير مخاطر ----------------------------- للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، تنفذ قوات روسية مهام قتالية في المجال الجوي ذاته الذي يعمل فيه الأمريكيون، الذين يقودون تحالفا عسكريا يضم دولا غربية وإقليمية تقوم بدورها بقصف تنظيم الدولة. وتقول تلك الدول إن وجود الأسد يزيد الموقف سوءا، وإن عليه الرحيل عن السلطة في أي اتفاق سلام. كما يتهمون موسكو باستخدام تنظيم الدولة ذريعة لقصف أعداء آخرين للأسد، وهو اتهام ينفيه الكرملين. وشنّت قوت النظام السوري وحليفها حزب الله اللبناني بدعم من عسكريين إيرانيين هجوما بريا كبيرا تحت غطاء جوي روسي. هؤلاء خاضوا الاثنين أشرس المعارك منذ بدء الهجوم، وحققوا تقدما في منطقة ذات أهمية استراتيجية قرب الطريق السريع الواصل الشمال والجنوب عبر مدن سوريا الرئيسة. ونفذت الطائرات الحربية الروسية 30 غارة جوية على الأقل ضد مدن كفر نبودة في محافظة حمص في غرب سوريا، وضربت بمئات القذائف. وقالت روسيا إنها نفذت 55 طلعة جوية على ما وصفتها بأهداف لتنظيم الدولة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وأعلن جيش النظام السوري استعادة كفر نبودة وأربع قرى أخرى في محافظة حمص. وقال الجيش إنه سيطر على جبل الأحمر، وهي منطقة مرتفعة في محافظة اللاذقية، في تطور من شأنه أن يجعل المزيد من مواقع المعارضة في سهل الغاب القريب في مرمى مدفعية الجيش. وقال مصدر في جيش النظام السوري: "إنها تسيطر على المنطقة المجاورة." اشتباكات ضارية ------------------- لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن اشتباكات ضارية دارت في كفر نبودة وفي جبل الأحمر. وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن الجيش وقوات موالية له سيطروا على جزء من كفر نبودة، وإنه يقاتل مسلحين سعيا للسيطرة الكاملة على البلدة. وأربك التدخل الروسي في سوريا إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي سعت لهزيمة تنظيم الدولة، ولم تتوقف عن المطالبة برحيل الأسد. وقبل أيام أوقفت واشنطن برنامجا لتدريب وتسليح معارضين "معتدلين" للأسد. وكان البرنامج يهدف لانضمام هؤلاء للقتال ضد تنظيم الدولة. والمجموعة الوحيدة التي حققت نجاحا على الأرض في مواجهة التنظيم بالتعاون مع التحالف الذي تقوده واشنطن هي وحدات حماية الشعب الكردية التي أنشأت منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا، وتقدمت في العنق باتجاه محافظة الرقة، معقل تنظيم الدولة. وأعلنت هذه الوحدات الكردية، الاثنين، عن تحالف جديد مع مجموعات صغيرة من مقاتلين عرب قد يساعد في الحد من انتقادات توجه لها بأنها تقاتل فقط نيابة عن الأكراد. وأشارت واشنطن إلى أنها قد توجه التمويل والسلاح إلى قادة عرب على الأرض يتعاونون مع الوحدات الكردية. وقال مقاتلون عرب سوريون إن واشنطن أبلغتهم بأن أسلحة جديدة في طريقها لمساعدتهم في شن هجوم مشترك مع حلفائهم الأكراد في مدينة الرقة. وقال دبلوماسي من الأممالمتحدة يسعى لإجراء محادثات من أجل إنهاء الحرب إنه سيعقد محادثات في روسيا، الثلاثاء، وبعدها في واشنطن.