لأول مرة في تاريخ الصحافة السعودية، وبشكل علني وجماعي، بدأ مجموعة من كتاب الأعمدة في جميع الصحف بكتابة عشرات المقالات، للحديث بشكل مباشر وغير مباشر عن الخطوط السعودية وطائراتها الفرنسية الجديدة، بعد أن وجهت الشركة دعوة لعدد غير معروف من الكتاب والصحافيين في المملكة، لرحلة مجانية تستمر لقرابة أسبوع في دولة فرنسا، للاطلاع على تفاصيل الاتفاقية وزيارة مصنع الطائرات، فما كان من هذه الدعوة إلا الانعكاس السلبي على الأعمدة اليومية لأشهر الكتاب السعوديين المهتمين بالشأن المحلي، والذين بدؤوا بكيل مقالات وعبارات الثناء والمديح، وترك ما يهم شأن المواطن السعودي البسيط. ونقلا عن " صحيفة السياسي الإليكترونية " : فبعد أن أصبحت هذه المقالات حديث المجالس، خرج أول الكتاب المدعوين من قبل الشركة للدفاع عن نفسه، وهو الدكتور علي بن سعد الموسى بقوله "هل اشترت مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية ذمتي برحلة إلى مصانع تولوز كي أتوقف، مع أربعة زملاء آخرين عن نقد أداء هذا الجهاز ؟ الجواب يعرفه ضميري والضمير في القرارات الشخصية بحكم تجربتي معه لا يتوقف ولا يموت. هذا هو ردي الصريح المباشر مع بضعة تعليقات ساخنة من بعض قرائي الكرام، الذين وصلت بهم العبقرية إلى هذه النتيجة عطفاً على اصطحابي مع جهاز حكومي في زيارة. كأنها المرة الأولى التي أركب فيها الطائرات، وأول مرة أختم فيها جواز سفري بمغادرة لاكتشاف مدن أو السكن في فنادق. ورغم أن الحقيقة لا تهم أحداً، ولكنها من الأهمية أن أقول إن خسارتي الشخصية في مثل هذه الرحلة قد تفوق مصروفي العائلي لشهر. ومن أجلكم كتبت من قبل عن ناقلنا الوطني الجوي، ولربما كانت بعض الكتابة جزءاً من عشرات الأسباب التي دفعت هذا الناقل إلى لحظة التغيير في الإدارة والإرادة. ومن أجلكم كانت حواراتنا الساخنة طوال الرحلة مع الطاقم الأعلى في إدارة الخطوط الجوية. كشفنا لهم ما نراه من مكامن الخلل بعين المواطن البسيط وكشفوا لنا منهجية التغيير القادمة". ورد الدكتور علي الموسى أتى بعد ثورة التعليقات الإلكترونية في موقع الصحيفة، منتقدين صمته هو وكتاب آخرون عن نقد الجهاز، واستبدال ذلك بالانبهار والاحتفاء بضيافة الخطوط السعودية. عبده خال، خالد السليمان، صالح الشيحي، علي الموسى وحمود أبو طالب، نماذج لأشهر الكتاب السعوديين المهتمين بشأن المواطن السعودي وقضاياه المحلية، والذين لا يبرحون عن انتقاد أي جهاز حكومي بشكل يومي، لكنهم تحولوا منذ أكثر من أسبوع إلى مجرد منبهرين برحلة الخطوط السعودية، وشركة إيرباص العملاقة، متجاهلين شكاوى القراء اليومية عن سوء خدمات الشركة المحتكرة لما نسبته 90% من النقل الجوي في المملكة. يقول أحد المراقبين: "السحر انقلب على الساحر، وأصبح الكاتب السعودي مجرد أداة يمكن أن يُدعى إلى وليمة عشاء، أو يُمنح تذاكر درجة أولى وينسى كل ما خلفه، وقد حدثت حين تم اتهام وزير الصحة السعودي السابق حمد المانع بشرائه لأصوات كتاب وصحافيين سعوديين ولم ينتقدوه في أي مقالة، حتى زاد عدد الوفيات في المستشفيات بشكل شبه شهري! فهل ننتظر حتى تسقط طائرات الخطوط السعودية بالمواطنين الأبرياء، والسبب صمت الكتاب عن الانتقاد". ويرى المراقب أن مثل هذه الرحلة قد تُفقد مجموعة من الكتاب السعوديين مصداقيتهم لدى القارئ، بعد أن بدؤوا طيلة 6 أيام متوالية بكتابة عشرات المقالات مدحاً لأنفسهم، ومديحاً للشركة وغيرها من العوامل المرافقة لهم في رحلتهم الباريسية.