يبدو أن معارك الإسلاميين في ما بينهم عاودت الظهور إلى السطح، بعد أن انحسرت في خواتيم التسعينات الماضية، وأصبح الجمهور الإسلامي المحلي على وشك دخول مرحلة جديدة من الصراع الداخلي في ما بين التيارات الإسلامية محلياً. وشنّ أحد الإسلاميين المعروفين والمتهم من بعض الإسلاميين بأنه ينتمي إلى «الحدادية الجامية» الباحث عبداللطيف باشميل هجوماً قوياً على من سماهم بالحزبيين، مركزاً على من يطلق عليهم «الألبانيين» و«الحزبيين» المتأثرين بمدرسة حسن البنا وسيد قطب. التي أكد باشميل أنها معادية للدولة ورسالة الشيخ محمد بن عبدالوهاب. جاء ذلك ضمن حلقة «البيان التالي» في قناة «دليل»، التي يعرف ارتباطها بالشخصية الإسلامية المعروفة الدكتور سلمان العودة. إذ استضاف الزميل عبدالعزيز قاسم باشميل على الهواء مباشرة، في حلقة تدور حول الجماعات الإسلامية في السعودية. الحلقة شهدت حواراً شديد السخونة تبادل فيه الإسلاميون كيل التهم في ما بينهم، وركز باشميل فيها على تراث وسيرة محمد ناصر الدين الألباني واصماً إياه بأنه «كان مرجئاً، وتبرأ من دعوة محمد بن عبدالوهاب، واعتبرها مرحلة منتهية». كما نعى على تياري الإخوانية والسرورية في المملكة العربية السعودية تأثرهما وارتباطهما الفكري بمدرسة الإخوان المسلمين في مصر، مستدلاً لذلك بما سمّاه: «اعتراف عوض القرني بارتباطه الفكري بالإخوان»، مهاجماً الدكتور سفر الحوالي بأنه «صاحب منشورات حزبية، وبحوثه العقدية أشرف عليها محمد قطب المتخصص في اللغويات»، واصفاً محمد قطب المذكور بأنه «استبعد من المملكة ولم يعد إليها إلا بصفته ضيفاً». الحلقة لم تكن مستقلة بهذا السياق الذي طرحه باشميل، بل جرت فيها مداخلتان من شخصيتين تمثلان التيار الإسلامي المعادي لتيار باشميل الموصوف ب«الجامي»، والذي وصمه سليمان الدويش في مداخلته بأن ممثليه «أدعياء السلفية»، وأجابه باشميل بقوله: «أثبت العرش ثم انقش»، كما اتهم أبو المنتصر البلوشي في اتصال له من لندن باشميل، «بأنه كان يسعى لتفرقة المسلمين وساعد في إحباط مساعٍ لفتح قناة فارسية للدعوة إلى المذهب السني عبر الأثير الفضائي»، الأمر الذي رد عليه باشميل بأنه قدم شهادة حقيقية على البلوشي مفادها بأنه كان من «أتباع الخميني» وأنه مجرد «جامع للتبرعات». يذكر أن الصراع الإسلامي الإسلامي محلياً بدأت بوادره مع حرب الخليج واستمرت حدّته حتى مشارف القرن ال21، وكانت مسألة النزاع الرئيسية فيه تدور حول مسائل الإنكار والاستعانة والتهم المتبادلة بين الطرفين الإسلاميين في مسائل التبديع والخروج وغيرها، ويعد ظهور باشميل ظهر أمس في «البيان التالي»، لحظة تحول تجاه التأزيم بعد هدوء بين الطرفين استمر ما يقارب عقداً من الزمان، ولم يتخلله إلا بعض المناوشات التي لم تكد تذكر أو تظهر عبر وسائل الإعلام.