أكد المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، أن الطلب الآسيوي على النفط سيظل قويا". وقال: "نحن على استعداد لتلبية جميع الاحتياجات، ومع تزايد أعداد السكان في قارة آسيا ونمو الطبقة الوسطى، سيزيد الطلب على الطاقة، وسيتم تلبية ذلك الطلب من خلال مجموعة متنامية من الإمدادات". وأوضح النعيمي في كلمة بمناسبة افتتاح مركز جديد للبحوث والتطوير لشركة أرامكو السعودية في العاصمة الصينيةبكين أمس أن أسعارا عادلة ومستقرة للنفط ستعود بالنفع على المنتجين والمستهلكين؛ وهو ما يسمح بنمو المعروض والطلب العالميين بوتيرة مطردة. وأضاف النعيمي أنه في حين أن هبوطا بنسبة 50 في المائة تقريبا في أسعار النفط العالمية منذ حزيران (يونيو) من العام الماضي ساعد في نمو الاقتصادات في آسيا إلا أنه شكل "تحديات صعبة" لكثير من منتجي النفط. وقال: "النفط نشاط طويل الأجل يتطلب خططا واستثمارا على المدى الطويل". وتابع: "الزيادات أو الانخفاضات المفاجئة في سعر النفط ليست محل ترحيب... من مصلحتنا جميعا أن نعمل على ضمان استقرار الأسعار". وأشار إلى مساعدة الصين في عام 2008 في تهدئة الأسواق عندما قفز سعر النفط إلى 147 دولارا للبرميل. وجدد النعيمي تعهد السعودية بتلبية الطلب على النفط في آسيا قائلا: "الطلب الآسيوي على النفط يبقى قويا ونحن جاهزون لتقديم الإمدادات المطلوبة أيا كانت". وأضاف قائلا: "النفط سيحتفظ بموقعه البارز والسعودية ستبقى المورد رقم واحد". إلى ذلك تحدث وزير البترول في منتدى الطاقة في بكين عن تطورات السوق النفطية، مؤكدا أن السعودية اغتنمت مرحلة طفرة أسعار النفط لبناء مدخرات مالية واستثمارها، وهو ما خفف من آثار الانهيار الأخير على موقفها الاقتصادي. وأضاف، أن الانخفاض السعري السريع لأسعار الخام شكل تحديا صعبا لعديد من المنتجين، أما السعودية "فإن الموقف فيها لم يتغير بصورة بالغة الأثر"؛ كما قال. وتابع: "قمنا بتركيب السقف، فيما كانت الشمس لا تزال مشرقة". وتحدث الوزير عن قوة الشراكة التجارية بين البلدين خاصة في مجال الطاقة، وقال: "منذ 20 سنة، كانت أرامكو السعودية تصدر كمية ضئيلة تبلغ 20 ألف برميل في اليوم من النفط إلى الصين، أما اليوم فنحن نصدر إليها نحو مليون برميل في اليوم". السعودية مورّد أساسي للنفط ------------------------------------- وقال النعيمي إن السعودية، أكبر دولة مورِّدة للنفط في العالم، لديها احتياطيات ضخمة وسجل غير مسبوق في الموثوقية والاستمرارية والجودة "وقد استثمرنا مبالغ هائلة في الاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة كانت هي التي ضمنت تلبية الاحتياجات العالمية من النفط مهما كانت التحديات". وأضاف: "ليس هناك دولة تقاربنا في نهجنا المهني الذي يمكن الاعتماد عليه، فنحن دولة مستقرة تمتلك نظرة بعيدة المدى". وتابع: "فيما يرتبط اسم المملكة العربية السعودية لدى الكثيرين بالنفط فقط، فإننا نسعى لتنويع مزيج الطاقة لدينا، حيث نزيد من استخدامنا للغاز، ونأمل أن نتمكن بالفعل من تسخير قوة الشمس خلال السنوات والعقود المقبلة". وقال إن هذا التنويع يخدم مصالح السعودية الاقتصادية الأساسية على المدى البعيد، حيث تستثمر الوقت والمال والجهد لاتخاذ الخطوات الضرورية لنصبح طرفا عالميا بارزا في مجال الطاقة الشمسية. وأضاف: "الطاقة الشمسية لا تعتبر مجدية اقتصاديا فقط بالنسبة لنا، وإنما تخدم أيضا غرضا حيويا فيما يخص المخاوف البيئية الحالية". أسعار الخام ---------------- واعتبر انخفاض الأسعار فرصة سانحة للدول النامية في آسيا "كما أنه ليس لدي شك في أن إمدادات الطاقة هذه، بأسعارها التي تعد في متناول اليد، ستستخدم بصورة جيدة ومنتجة في مختلف أنحاء هذه المنطقة". على صعيد الدول المنتجة، قال وزير البترول إن الانخفاض السعري السريع شكل تحديا صعبا لعديد منهم. وفي السعودية رغم أنها تظل تعتمد على ما يدره عليها النفط من إيرادات، فإن الموقف فيها لم يتغير بصورة بالغة الأثر. وقال: "المملكة داومت خلال فترة ارتفاع الأسعار على ادخار الإيرادات واستثمارها بحكمة، فقد قمنا بتركيب السقف، فيما كانت الشمس لا تزال مشرقة، وهذه السياسات الحكيمة لملكنا الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، تتعزز وتزداد قوة في ظل حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود". لكنه أكد سعي المملكة لسعر عادل للمنتجين والمستهلكين والصناعة على حد سواء. "المهم لها أيضا الاستقرار، فالنفط مجال عمل يتسم ببعد المدى ويتطلب خططا واستثمارات بعيدة المدى، والارتفاعات والانخفاضات المفاجئة في تكاليف النفط ليست أمرا مستحبا". وأضاف: "ينبغي على جميع الدول، والمنتجين والمستهلكين، أن يتعاونوا معا لضمان الشفافية والحد من التقلبات، ولعل القول أسهل من الفعل في هذا الصدد، غير أن من مصلحتنا أن نضمن استقرار الأسعار". شراكة استراتيجية مع الصين ----------------------------------- قال النعيمي إن السعودية أثبتت نفسها أمام الصين كشريك استراتيجي على المدى البعيد. "أعتقد أن ذلك قد أصبح واقعا بالفعل، فنحن لم يسبق لنا أبدا أن تراجعنا عن التزامنا بتلبية الطلب الصيني، وسنظل حليفا أهلا للثقة في المستقبل". وأضاف: "احتلت الصين مكان الولاياتالمتحدة كأكبر شريك تجاري للمملكة، حيث فازت الشركات الصينية بأعمال تبلغ قيمتها 25 بليون دولار في المملكة خلال السنوات الأخيرة". وذكر أن المملكة تشغل مصفاة مشروع مشترك في ينبع، ومصفاة مشروع مشترك ناجح في فيوجان، كما أن هناك 160 شركة صينية تعمل في مختلف السعودية في مجالات الإنشاءات والبنية التحتية والاتصالات والبتروكيماويات وغيرها. ودعا وزير البترول لمزيد من الخطوات لتعميق علاقة التعاون القائمة بين البلدين في مجال النفط والغاز. "نحن نسعى لتنويع اقتصادنا، ونحتاج للمزيد من الاستثمارات في المجالات الصناعية والهندسية. نحن نرغب في التعاون معكم، ونرغب أيضا في أن نلبي احتياجاتكم". واختتم وزير البترول كلمته خلال المنتدى بالقول: "السعودية دولة مصدرة للنفط عالي الجودة تتسم بالتناسق والاستقرار والموثوقية، بل إننا أكثر المورِّدين موثوقية على وجه الأرض". وأضاف: "نحن نضمن الكم والنوع، ونحن شريك في تحقيق الرخاء للصين والمنطقة بوجه عام، ويمكننا من خلال التعاون أن ندفع عجلة التقدم الاقتصادي ونوجد الوظائف ونوفر فرصا لشعبينا".