توقع وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، أن يظل الطلب الآسيوي على النفط قوياً، خصوصاً مع تزايد أعداد السكان في قارة آسيا ونمو الطبقة الوسطى، ما سيرفع الطلب على الطاقة، موضحاً أن «الأمر المهم للمملكة هو وجود سعر عادل للمنتجين والمستهلكين والصناعة على حد سواء، وتحقيق الاستقرار، والارتفاعات والانخفاضات المفاجئة في تكاليف النفط ليست أمراً مستحباً، وينبغي على جميع الدول والمنتجين والمستهلكين التعاون لضمان الشفافية والحد من التقلبات، ومن مصلحتنا أن نضمن استقرار الأسعار». وقال النعيمي في كلمة ألقاها أمس أمام منتدى الطاقة في العاصمة الصينيةبكين: «لولا إمدادات الطاقة الموثوقة لما تمكنت أية دولة من أن تضع قدميها على طريق الازدهار، فالطاقة تدفع عجلة الاقتصاد العالمي، وتنتشل البشر من براثن الفقر، وترتقي بمستويات المعيشة، وتساعد في إيجاد عالم أفضل لأبنائنا وأحفادنا، والدليل على ذلك هو كل ما نراه حولنا». وشدد على أن السعودية لديها سجل غير مسبوق في الموثوقية والاستمرارية والجودة، إذ استثمرنا مبالغ هائلة في الاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة كانت هي التي ضمنت تلبية الحاجات العالمية من النفط مهما كانت التحديات، وليس هناك دولة تقاربنا في نهجنا المهني الذي يمكن الاعتماد عليه، فنحن دولة مستقرة تمتلك نظرة بعيدة المدى، وأثبتنا على مدى أعوام طويلة أننا شريك يمكن للصين الاعتماد عليه مع تنامي حاجاتها من الطاقة. وأضاف: «التنويع في مصادر الطاقة يخدم مصالحنا الاقتصادية الأساسية على المدى البعيد، ونحن نستثمر الوقت والمال والجهد لاتخاذ الخطوات الضرورية لنصبح طرفاً عالمياً بارزاً في مجال الطاقة الشمسية»، معرباً عن اعتقاده بأن «النفط في الوقت الحالي وخلال المستقبل المنظور سيظل أهم مصدر طاقة للعالم». وأضاف: «إنني على ثقة من أن الدور الذي سيلعبه الغاز ومصادر الطاقة المتجددة سيظل دائماً في زيادة، ومع ذلك، سيحتفظ النفط بمكانته الرائدة وستظل المملكة أكبر مورِّديه، ولا ينبغي أن نغفل هاتين الحقيقتين المهمتين». وتحدث النعيمي عن أحداث السوق النفطية التي شهدتها الأشهر التسعة الماضية، وقال: «كان سعر النفط في شهر حزيران (يونيو) الماضي 115 دولاراً للبرميل، وكانت هذه الأسعار المرتفعة تُعزى إلى انتعاش الطلب في ما بعد عام 2008، وشجعت الأسعار المرتفعة الصناعة على الاستثمار، ونتيجة لذلك رأينا زيادة في إنتاج حقول نفطية يعتبر تطويرها وتشغيلها أكثر كلفة مثل المنطقة القطبية ومناطق المياه العميقة وأنواع النفط الثقيل والنفط الصخري». وأضاف: «غير أنه فيما كانت الإمدادات تنمو بسرعة، كان نمو الطلب يتباطأ، بل وكان الطلب ينخفض في أوروبا، وأثرت كميات النفط الإضافية هذه على السوق عموماً، وحدث الانهيار المحتم في سعر النفط، ليهبط خلال النصف الثاني من عام 2014 وأوائل عام 2015 بأكثر من 60 في المئة، وقد شهدنا انخفاضات مثل هذه قبل ذلك، فالنفط سلعة، وجميع السلع تشهد تقلبات دورية». واعتبر أن هذا الانخفاض السعري السريع شكل تحدياً صعباً للعديد من المنتجين، وقال: «إن السعودية على رغم أنها تظل تعتمد على ما يدره عليها النفط من إيرادات، إلا أن الموقف فيها لم يتغير بصورة بالغة الأثر، لأنها داومت خلال فترة ارتفاع الأسعار على ادخار الإيرادات واستثمارها بحكمة، حيث قمنا بتركيب السقف، فيما كانت الشمس لا تزال مشرقة». المملكة ستظل أكثر موردي النفط موثوقية على وجه الأرض أكد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي أن «المملكة دولة مصدرة للنفط عالي الجودة، وتتسم بالتناسق والاستقرار والموثوقية، بل إننا أكثر المورِّدين موثوقية على وجه الأرض، فنحن نضمن الكم والنوع، ونحن شريك في تحقيق الرخاء للصين والمنطقة عموماً، ويمكننا من خلال التعاون أن ندفع عجلة التقدم الاقتصادي ونوجد الوظائف ونوفر فرصاً لشعبينا». وتطرق الوزير النعيمي في كلمته خلال منتدى الطاقة في العاصمة الصينيةبكين أمس إلى مجالات الشراكة المحتملة بين المملكة والصين في المستقبل، وقال: «لم يسبق لنا أبداً أن تراجعنا عن التزامنا بتلبية الطلب الصيني، وسنظل حليفاً أهلاً للثقة في المستقبل، وأفعالنا على مدى العقدين الماضيين إنما هي دليل على التزامنا»، مشيراً إلى أن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري للمملكة، إذ فازت الشركات الصينية بأعمال تبلغ قيمتها 25 بليون دولار في المملكة خلال الأعوام الأخيرة، ونحن نشغل مصفاة مشروع مشترك في ينبع، ومصفاة مشروع مشترك ناجح في فيوجان، وهناك 160 شركة صينية تعمل في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية في مجالات الإنشاءات والبنية التحتية والاتصالات والبتروكيماويات وغيرها، كما أن هناك نحو 1200 طالب سعودي يدرسون في الصين، وأكثر من 600 طالب صيني يدرسون في المملكة». ودعا إلى اتخاذ المزيد من الخطوات «لتعميق علاقة التعاون القائمة بيننا في مجال النفط والغاز، فنحن نسعى لتنويع اقتصادنا، ونحتاج للمزيد من الاستثمارات في المجالات الصناعية والهندسية، ونرغب في التعاون معكم، ونرغب في أن نلبي حاجاتكم، وعلى كل من الدولتين بذل مزيد من الجهد من أجل تحسين أوضاع التجارة والاستثمار». وأردف قائلاً: «ويمكننا أيضاً أن نقوم بالمزيد من حيث التعاون في العلوم والأبحاث والتطوير، والمملكة تتخذ بالفعل خطوات إيجابية في هذا الصدد، إذ سأقوم غداً (اليوم) بافتتاح مركز الأبحاث والتطوير العائد لأرامكو السعودية في بكين، وهذا أمر أتمنى أن يكون مثمراً، وأن يكون علامة أخرى على ما يجمع بيننا على المدى البعيد من التزام وشراكة وتطلعات».