في غضون أشهر قليلة دخلت حكومة الأقلية السويدية في خصومة مع كل من اسرائيل والعالم العربي وفي الوقت نفسه أثارت غضب قيادات قطاع الأعمال في الداخل بينما تدافع وزيرة الخارجية مارجوت فالستروم بثبات عن حقوق الانسان والمرأة. وكشفت أجندة فالستروم والانتقادات التي أثارتها عن صراع بشأن هوية السويد وما اذا كان ينبغي أن تصبح كما يقول بعض الساسة "قوة أخلاقية عظمى" أم تعطي للأمن والاقتصاد الذي تقوده الصادرات أولوية. وبعد أن ألغت السويد اتفاقا للتعاون الدفاعي مع السعودية الأسبوع الماضي بسبب مخاوف بشأن حقوق الانسان نددت جامعة الدول العربية بالوزيرة السويدية وقررت إلغاء كلمة كان من المقرر أن تلقيها امام اجتماع وزاري بالقاهرة. واستدعت السعودية سفيرها من ستوكهولم كما تتعرض استثمارات بمئات الملايين من الدولارات للتهديد. ووعدت فالستروم المفوضة السابقة بالاتحاد الأوروبي بسياسة خارجية "تدافع عن حقوق المرأة" حين شكل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي له الحكومة الائتلافية في اكتوبر تشرين الأول الماضي. ومنذ ذلك الحين وصفت جلد المدون السعودي الليبرالي رائف بدوي بأنه أمر "ينتمي للعصور الوسطى" فحظيت بإشادة الكثير من المعلقين لوقوفها في وجه المملكة. وقالت فالستروم "لن أتراجع عن تصريحاتي بشأن حقوق الانسان والديمقراطية وأنه ينبغي عدم جلد المدونين" في إشارة الى الحكم بجلد بدوي الف جلدة وأضافت "ليس هناك ما يخجلني." وتحتل السويد المركز الثاني عشر على مستوى العالم بين الدول المصدرة للأسلحة. كما أن اقتصادها حصل على تصنيف ائتماني ممتاز. وبينما تختبر روسيا دفاعات السويد الجوية وغواصاتها يقول منتقدوها إن الوقت ربما لا يكون مناسبا لتكون حقوق الانسان محورا لسياستها الخارجية. وللسويد تاريخ من الحياد. لكنها في عهد الحكومة السابقة التي كانت تنتمي ليمين الوسط أقامت علاقات أوثق مع حلف شمال الأطلسي فشاركت في بعثات عسكرية الى افغانستان وليبيا وهو الأمر الذي وعدت فالستروم بتقليصه. وساعد الاتفاق الدفاعي السعودي المؤسسات السويدية على جني 4.8 مليار كورونة (567 مليون دولار) بين عامي 2011 و2014. ووقع الاتفاق في عام 2005 وكان من المقرر تجديده في مايو ايار. وكتب سلفها المنتمي ليمين الوسط كارل بيلت في مدونته "يتطلب معظم ما تصدره السويد من التقنيات العالية أنواعا مختلفة من الالتزامات طويلة الأجل... هناك خطر حقيقي" مشيرا الى أن الإلغاء سيضر بالمصالح السويدية وليس بالسعودية نفسها وحسب." لكن ربما لا تكون فالستروم هي المسؤولة عن الخلاف مع السعودية الذي أثار اتهامات بسوء التقدير الدبلوماسي من جانب الحكومة الائتلافية التي تعاني من خلافات داخلية. وقال فردريك اريكسون مدير المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي "هذه سياسة خارجية تطبق من أجل الجماهير في الداخل وتعطي انطباعا قويا بسوء الإدارة السياسي." وقال رئيس الوزراء ستيفان لوفين الذي عمل لنحو 20 عاما عامل لحام في قطاع الصناعات الدفاعية إنه يؤيد إعادة النظر في الاتفاق مع السعودية. لكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر الشريك الأصغر في الائتلاف الذي يحافظ على استمراره في السلطة اعترضا على هذا. وفي وجود مؤشرات على أن لوفين سيرضخ للخضر نشر اكثر من 30 مسؤولا تنفيذيا بقطاع الأعمال رسالة مفتوحة قالوا فيها إن إلغاء الاتفاق "سيعرض سمعة السويد كشريك تجاري للخطر." ومن بين هؤلاء ستيفان بيرسون المالك الرئيسي لشركة إتش أند إم لبيع الملابس بالتجزئة ورئيس شركة انفستور للاستثمار جاكوب فالنبرج. وقالت انا فايسلاندر نائبة مدير المعهد السويدي للشؤون الدولية "تقليديا كان الاشتراكيون الديمقراطيون براجماتيين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية... وبالتالي فإن هذا قد يكون متعلقا بالشخصيات الموجودة في الحكومة والمشاحنات داخل الائتلاف." ولم تكن هذه القضية الوحيدة المثيرة للجدل. كانت أول خطوة دبلوماسية اتخذتها فالستروم هي الاعتراف بدولة فلسطين مما دفع اسرائيل لاستدعاء سفيرها كما أغضب هذا الولاياتالمتحدة. ومن المفارقات أن هذا الدفاع عن الحقوق ربما يكون قد أضر بقدرة السويد على لعب دور يفوق حجمها على الساحة الدولية. وقد يكون أول الضحايا تطلعها للفوز بما يكفي من الأصوات لتصبح عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وقال سفين هيدرمان سفير السويد السابق لدى موسكو "تضررت سمعة السويد كشريك يعتمد عليه ويمكن الحديث اليه بشدة."