في حين أنه تم الحد من دور الرعايا الهنود في الحرب في سورية، إلا أن الرحيل المتزايد للهنود الشباب إلى العراق من أجل القتال إلى جانب تنظيم داعش يسبب صدمة للبلاد. تعتبر الهند ثالث أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان المسلمين فيه. لكنهم تجنبوا إلى حد كبير الدخول في القضايا الإسلامية. مع ذلك، خلال الأشهر القليلة الماضية، تم اعتقال عدد من الهنود كانوا على صلة بالجماعات الإرهابية التي تعمل في سورية والعراق. وفقا لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، اختفى عدد من الهنود الشباب من موطنهم الأصلي قبل أن يظهروا مرة أخرى في العراق. واحد من تلك الحالات هو شائيم بعمر 22 عاما، مع عدم وجود سوابق جنائية لديه، وهو أعزب ولديه عدد قليل من الأصدقاء، بحسب الصحيفة. لا يحمل شائيم أي درجة علمية ويعمل كصبي مكتب في شركة هندية. وفي الثاني والعشرين من أيار (مايو)، ترك أسرته وأمه المريضة وغادر بطائرة إلى الإمارات العربية المتحدة، متوجها إلى العراق. رافقه في رحلته تلك ثلاثة من الأصدقاء، عريب وفهد وأمان، وجميعهم من منطقة كاليان. بحجة القيام بزيارة إلى المزارات في العراق، قاموا بالانضمام فعليا إلى تنظيم داعش في العراق وسورية. في حديث ل "الاقتصادية"، يقول أيمن التميمي، زميل في منتدى الشرق الأوسط، مؤسسة فكرية مقرها الولاياتالمتحدة: "لا توجد هناك أرقام دقيقة حول عدد الجهاديين الهنود، لكن الرقم من المرجح أن يكون أصغر بكثير من بلدان العالم العربي الأوسع نطاقا". من بين الرجال الأربعة من منطقة كاليان، فقط عاد واحد منهم من سورية، وهو عريب البالغ من العمر 22 عامل، وهو طالب في كلية الهندسة، وقد أعيد إلى مومباي في 28 تشرين الثاني (نوفمبر). أصيب هذا الشاب في شهر آب (أغسطس) خلال معركة للاستيلاء على مطار الرقة. وفقا لصحيفة لو فيجارو، أبلغ والد عريب وكالة الاستخبارات الهندية، التي قامت باسترداده من تركيا وتريد استخدام شهادته لفهم كيف تم إقناعه بالذهاب وكيف تم تمويل رحلته. إضافة إلى الشبان الأربعة، يعتقد أن رجلين آخرين، وهما طالبان جامعيان من تشيناي، قد تلقيا تدريبا مع الجماعات الجهادية في سورية وفقا للحزب الهندي (الهندوسي). يقول الدكتور آجاي ساني، المدير التنفيذي لدى معهد إدارة الصراع والإرهاب في جنوب آسيا، متحدثا إلى "الاقتصادية": "هنالك سبع حالات لهنود ذهبوا للجهاد في العراق وسورية نعلم بأمرهم، ونحو 12 شخصا آخرين تم اعتقالهم قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى تلك الدول". يؤكد الخبير أن معظم هؤلاء الأشخاص أخذوا في الانضمام إلى داعش بعد استيلاء هذا التنظيم على الموصل. يقول الدكتور ساني: "كانوا يريدون الانضمام إلى الخلافة لكن ليس بالضرورة المشاركة في القتال". مجلة «العصابة» الذراع الإعلامية لمجموعة «أنصار التوحيد في بلاد الهند» كما يظهر موقعها باللغات الهندية والأوردو والتاميل. إضافة إلى ذلك، في شهر كانون الأول (ديسمبر)، تم اعتقال مهندس هندي، مهدي ماسور بيسواس، لإنشائه تغريدة شعبية مؤيدة لداعش. لقد كان هذا الرجل وراء التغريدة. وفقا لوكالة رويترز، يقوم مهدي، البالغ من العمر 24 عاما، يوميا بإرسال مئات التعليقات، مشيدا بتقدم داعش في العراق وسورية وساخرا من أعدائها. أشار استجواب بيسواس إلى أن أنشطته كانت مقتصرة فقط على ما ينشره ويعيد نشره من مواد مؤيدة لداعش على حسابه في تويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي. يوضح عريب النداء الموجه من وسائل الإعلام الاجتماعية لأن وسائل الإعلام الهندية ذكرت أن الجهاديين أبلغوا المحققين بأنه تعرض للأفكار الجهادية وتم تلقينه بها على شبكة الانترنت. اختارت الهند أسلوب الوقاية بدلا من أسلوب العلاج. أمرت الحكومة الهندية في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) بحجب 32 موقعا، بما في ذلك منصات الفيديو ديلي موشن وفيميو، المشتبه بأنهما يعملان على إيواء محتوى خاص بتنظيم داعش. يفسر الدكتور ساني بأن محتوى الإنترنت ذاك كان مصدر الإلهام لمعظم الهنود الذين تم اعتقالهم. ويقول: "هنالك مجموعة جهادية واحدة في الهند تعهدت بالولاء لتنظيم داعش – وهي جماعة أنصار التوحيد في بلاد الهند - في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2014، لكن لم يتم حتى الاعتراف بها رسميا من قبل تنظيم داعش بسبب إنشاء "ولاية الهند" خلافا لتعهدات البيعة في منطقة أفغانستانوباكستان التي أوجدت مقاطعة خراسان جديدة". تعتبر مجموعة "أنصار التوحيد في بلاد الهند" جماعة مقرها جنوب آسيا وتقوم بتعزيز فكرة الجهاد باللغات الهندية والأوردو والتاميل. من خلال ذراعها الإعلامية "العصابة"، قامت هذه الجماعة بتحميل فيديو على شبكة الإنترنت يظهر فيه المجاهدون. وفقا لوكالة الهند إكسبرس، تكمن المجموعة في مقرها في منطقة شمال غرب الحدود في باكستان وقامت بدعوة مؤيديها وأنصارها لشن هجمات على المواطنين من البلدان الغربية. وفقا للصحيفة الهندية، تورَّط الجهاديون الهنود في هجمات على المواطنين من البلدان الغربية مثل التفجير الانتحاري لمطار جلاسجو في عام 2007، الذي نفذه كفيل أحمد، وهو عالم من أصل بنجالي، وكذلك هجوم المجاهدين الهنود في أيلول (سبتمبر) من عام 2010 خارج مسجد جاما في دلهي الذي تسبب في إصابة اثنين من السياح التايوانيين بجروح. كذلك نشرت المنظمة كتابا باللغة الهندية تحت عنوان "44 سبيلا للمشاركة في الجهاد". وفقا لصحيفة لو فيجارو، كانت مجموعة أنصار التوحيد في بلاد الهند جزءا من منظمة "المجاهدين الهنود"، التي تأسست في عام 2002، وهي تقف وراء ما يزيد على اثني عشر هجوما في الهند. تم تنفيذ العديد من تلك الهجمات كانتقام للتدمير الذي حصل لمسجد بابري في عام 1992 من قبل الأصوليين الهندوس، وكذلك المذبحة المدبرة المعادية للمسلمين في ولاية جوجارات في عام 2002، بحسب الصحيفة الفرنسية. وقد ذكرت منظمة جهادية أخرى، وهي "القاعدة في شبه القارة الهندية"، التي أعلن عنها في أيلول (سبتمبر) الماضي، أن هدفها هو "الدفاع عن المؤمنين" في بورما وبنجلاديش وكذلك في ولاية آسام الهندية ومناطق جوجارات وأحمد آباد وكشمير. وقد أعلن زعماؤها، وهم من كبار الأعضاء في تنظيم القاعدة، بوضوح أنهم يريدون استهداف الولاياتالمتحدة، منددين بالحرب في سورية والعراق، ويدعون كافة المسلمين للتوحد ضد الولاياتالمتحدة، مشيرين إلى قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة ضد داعش في سورية والعراق ووصفوها بأنها "اعتداء على مجتمع المسلمين بأكمله". تقول رسالة تنظيم "القاعدة في شبه القارة الهندية": "إن الهجوم على العراق وسورية ليس ضد مجموعة أو منظمة معينة، بل هو اعتداء على الأمة بأكملها (أمة الإسلام في جميع أنحاء العالم) بهدف القضاء على كل حركة إسلامية أو جهادية تهدف إلى الوقوف في وجه الطغيان وتؤمن بإقامة الشريعة"، وذلك وفقا لما جاء في تغريدة من المتحدث الرسمي باسم التنظيم، أسامة ماهود، بحسب ما أفادت مجلة لونج وور في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي. وفي حين أن عدد الجهاديين الهنود صغير حتى الآن، إلا أن حقيقة أن المنظمات الإرهابية كانت قادرة على التجنيد عبر آلاف الكيلومترات داخل بلدان أجنبية تظهر التأثير القوي للحرب في سورية في كثير من الناس في كل أنحاء العالم. وهي تبين أيضا مدى قدرة داعش على الترويج لرسالتها ومدى جاذبيتها في أعين الناس من مختلف الأعراق والثقافات.