قبل 48 ساعة من رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز كانت رقبة سلطان بن صالح الوادعي هي آخر رقبة تعتق لوجه الله تعالى بشفاعة الملك الراحل؛ لتكتب للوادعي حياة جديدة، بعد أن أعلن والد المقتول عوض بن عون الشهري قبول شفاعة الملك؛ حيث أسهمت لجنة شفاعة خادم الحرمين الشريفين في عتق 470 رقبة من حد السيف. وهنا يسرد ل "الاقتصادية" ضاري بن مشعان الجربا مسؤول لجنة شفاعة الراحل قصصا مؤثرة في قضايا العفو التي تدخل فيها الملك عبدالله - رحمه الله -، فيقول: "إن القصاص شرع الله، والشفاعة سمة نبي الرحمة، صلى الله عليه وسلم، وما بين هذه وتلك، تتحرك اللجنة وتنطلق بشفاعة خادم الحرمين الشريفين - رحمه الله - لتكتب العفو لأشخاص تابوا إلى الله، من جرائم أسرفوا فيها في حق أنفسهم". ويتابع الجربا حديثه عن اللجنة التي وجه الملك الراحل بتشكيلها لتعاضد لجان العفو والإصلاح في المناطق، حيث استطاعت أن تعتق في ثلاث سنوات نحو 470 رقبة منها 170 رقبة وصلت للجنة مباشرة و300 قضية أخرى وصلت للجنة إما عن طريق التحويل من الديوان أو من لجان الإصلاح في المناطق وتطلب فيها شفاعة الراحل. ولم يخف مسؤول لجنة الشفاعة أهمية تجربة اللجنة، نظير ما وصفه بالنتائج المبهرة التي وجدتها في درء كثير من المشكلات، وسد ذرائع الكثير من المشكلات المجتمعية، متذكرا حرص الملك الراحل في قضايا العتق وحرصه على المواطنين، حيث يقول: "في أي قضية تعرض على الملك عبدالله - رحمه الله - كان يكرر خسرت ابنا ولا أريد أن أخسر الثاني"، قاصدا القاتل الذي سينفذ فيه القصاص. وأضاف: "يشدد علينا على إتمام موضوع الشفاعة وإجراءاتها ودائما يحرص الأمير تركي بن عبدالله رئيس اللجنة على السعي في عتق الرقاب وبالأخص القضايا النظيفة التي لا توجد فيها أعراض الناس أو مخدرات أو قضايا قتل موظفي الدولة، وعندما تقبل شفاعته من أهل الدم تدمع عينا الملك الراحل ويكون ذلك الخبر أسعد ما سمعه في ذلك اليوم". ويستكمل الجربا حديثه: "كان الملك الراحل يوصي اللجنة بالاطلاع على صك الحكم أولا وفي حالة خلوه من (المخدرات وأعراض الناس أو قتل موظفي الدولة) يتم قبوله ويوصينا - رحمه الله - دائما بعدم الضغط على أهل الدم للتنازل، حيث يقول لنا أرجو ألا أسمع من أهل الدم بمحاولات الضغط عليهم ولا تفرقوا العوائل، ولا تجعلوا العائلة مقسومة قسمين: قسم يريد التنازل وآخر لا يريد التنازل، بل يجب أن تتم الموافقة من جميع العائلة فنجمع ولا نفرق". ويضيف مسؤول لجنة الشفاعة: "الملك عبدالله كان حريصا على تلبية ما يطلبه أهل الدم ويخشى دوما من التجاوزات"، مؤكدا أن الفقيد - رحمه الله -، دفع من ماله ووقته، في سبيل إعتاق رقاب كثير من الناس، وكان شخصية لا تكل ولا تمل تتمسك بسلاح الإيمان والتقوى، لإعتاق الرقاب. وتابع الجربا في حديثه: "هناك قضايا لا تعد ولا تحصى كان فيها الراحل حاضرا بشفاعته وكرمه ونبل عاطفته، وصفاء أخلاقه، وحينما كنا نذهب إلى أهالي المجني أو المجني عليه، يستبشرون في خادم الحرمين الشريفين كل الخير ونقابل بالترحيب والإعجاب، وبمجرد أن يطرح اسم الملك وتعرض وجاهته تجد الحب حاضرا والمكانة الحقيقية موجودة، وكم أعتق الله من رقبة بسبب الود والحب الذي كان يتفرد به خادم الحرمين الشريفين - رحمه الله".